مع خيوط أشعة الشمس الأولي ليوم الاربعاء 4 سبتمبر2013 كانت مجموعات من طلبة المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء تتجمع داخل القيادة العليا للدرك الوطني بالعاصمة نواكشوط استعدادا للهجرة إلى موسم الجنوب "روصو" من جديد.
كان الترقب والهلع سيد الموقف بعد تغيير قائد مدرسة الدرك ومدير التدريب بها وشيوع بعض الأنباء أن الخلف ليس بصفات السلف من حيث الابتسامة الدائمة والتفاهم والحوار الودي.
صورة المشهد العام كانت عبارة عن مزيج من صورالوداع الحزينة بعبارات متنوعة ودموع مكبوتة من طرف بعض الأقارب ولقاءات لدقائق بين زملاء تفرقوا منذ شهر يتبادلون التحية وماجد من أنباء عن مدرسة الدرك بروصو،وفي جانب من الصورة تسود ظلال قاتمة حيث صراخ الأطفال الرضع وقسمات وجوه نسوية علاها التعب والبحث عن فكاك من أغلال التدريب العسكري ورؤوس شباب صوح نبتها ليرعى العسكر هشيمها في الأيام المقبلة.
وكان في إطار هذه الصورة مزيج من التحركات يقوم بها الإداريون من الدرك استعدادا لانطلاق الرحلة..مع تمثيل لمواجهة المتظاهرين تقوم به فرقة أخرى على هامش المستطيل في تلك الساحة.
بعد4 ساعات غذاها الانتظار الممل وشحن الأمتعة وباقي الاستعدادات الأخرى لرحلة تسير نحو روصو المثخنة بمياه الأمطار.
بدأ المتدربون فى الصعود إلى الحافلات حيث كان الجو أشد حرارة داخل الحافلة من خارجها، بسبب تعطل المكيفات حيث تصبب العرق غزيرا فى ذلك اليوم الخريفي القائظ ، وتناول المتدربون كثيرا من المياه المعدنية والمشروبات المحلية المعروفة ب"بيصام وتجمخت " ويتساءلون عن موعد انفراج كربهم بانطلاق الرحلة لعل تحرك موكب الحافلات يسمح بتسلل بعض النسمات من فتحات بأعلى مرايا الحافلة الجانبية.
بعد دقائق من ذلك انطلقت الرحلة وكانت سيارة الأمن والمرافقات بصفاراتها وضوئها الأحمر القاني تشق عباب زحمة طرق انواكشوط وخلفها تسير أربع حافلات فى موكب مهيب.
لم يفوت بعض المودعين وأصحاب السيارات والمارين على الطريق العام الفرصة لرد الجميل والاحتفاء بذلك الموكب، ملوحين بالأيادي ومعربين من خلال قسمات وجوههم وبعض العبارات التي تصدر من عميق وطنيتهم ،مما يترجم إعجابهم بنخبة البلد التي تدفع قسطا من وقتها لتدخره في سبيل التضحية من أجل الوطن بالدم والنار يوما ما .
بعد أن ودعتنا مدينة انواكشوط بدأت تختفي شيئا فشيئا متوارية عن الأنظار، وكانت مناظر القرى المتناثرة على الجانب الشرقي من الطريق تؤكد أننا فعلا في طريقنا إلى وجهتنا الجديدة.
الصورة من داخل الحافلات كانت...
يتواصل
بقلم :محمد ولد محمد الأمين
ملاحظة : لفهم هذه اليوميات في جزئها الثالث من المفيد جدا مطالعة الجزء الأول منها تحت عنوان :" يوميات طالب الغربة في 66حلقة والثاني تحت عنوان :"رحلة البحث عن الوظيفة الرسمية في 55 حلقة".
ولمن يرغب فيهما أن يبعث للكاتب على العنوان البريدي الالكتروني. الكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الأمريكية في بعض كتبها التي تدرس بجامعات العالم (حلقات من الجزء الاول يوميات طالب الغربة).
للتعليق والملاحظات :
ouldnafaa.mohamed@gmail.com