لقد لاحظت ، كمتابع للقمة ، أن هذه القمة كانت تاريخية بامتياز في توقيتها و نتائجها غير التقليدية !.
حيث استطاعت بلادنا أن تجمع هذا الكمّ النوعي من القادة ( رؤساء دول الساحل الخمس و الرئيس الفرنسي و مفوضي الاتحادين الافريقي و الأوروبي و الأمم المتحدة و غير ذلك من الفاعلين في العالم) .
الملاحظة الأولى : أن الأجمل في القمة أنها تمكنت من ضمان مشاركة فاعلة و مهمة من قادة أوروبيين كانوا يتغيبون ، أحيانا ، عن حضور قمم أوروبية أو عالمية في ظروف أخرى عادية ، و لكن أن يأتي هؤلاء – على رؤوس الأشهاد – ليشاركوا في قمة نواكشوط في موعدها المبرمج قبل أشهر ، و في ظروف انتشار جائحة عالمية ( كورونا ) ، ففي ذلك ما فيه من إثبات لدور موريتانيا و محورية ما تعنيه للإقليم و العالم .
وسجل يا تاريخ !
الملاحظة الثانية :
أن الترتيبات الأمنية التي قام بها بلدنا المضيف للقمة تميزت بالحرفية و الأناقة و الضبط ، حيث جرت مراسيم القمة بهدوء لم يحدث سابقا ، الشيء الذي أبهر المشاركين في القمة الذين حضروا قمتهم و أسهموا في إنجاحها بدون أن يعكر صفوهم شيء ، وبدون أن يعطلوا وتيرة الحياة في العاصمة انواكشوط ، وهذا يعني نجاح الخطة التي وضعتها موريتانيا لتأمين القمة أمنيا و لوجستيا و بدون ضجيج يذكر !
الملاحظة الثالثة :
اتسمت مداخلات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في القمة و ترأسه أعمالها و توزيعه للأدوار و الكلمات فيها و تلقيه لضيوفه عند سلم الطائرة ، كل ذلك تم بالكياسة و الهدوء و قمة الدبلوماسية و الثقة في الله و في النفس على نحو لافت للنظر لكل المتابعين لما حدث في القمة ابتداء و اختتاما
كما أن ذلك أظهر أن فخامة الرئيس قد تعوّد على تنسيق مثل هذه المسائل منذ فترة طويلة ، و هذا صحيح تماما حيث إنه اهتم بمسائل الأمن في الساحل و أهمية تعزيز القدرات الأمنية لجيوش الساحل في مكافحة الإرهاب ، و هذا ملف يتقنه فخامته إتقانا كاملا ، فلذلك نجح لله الحمد في هذه القمة بكل بساطة و سلاسة !
إن قمة نواكشوط المتعلقة بأمن منطقة الساحل قد نجحت ، و شهد بذلك الجميع ، و أرسلت رسائل واضحة لا لبس فيها لكل من يهمه الأمر في المنطقة و العالم أن موريتانيا دولة رائدة و قائدة لجوارها و فيه و أنها منشغلة بأمنه و تأمينه من المخاطر و التحديات و تقود الآن مبادرة عالمية للمطالبة بشطب الديون عن دول الساحل تمكينا لها من النجاح في مقارباتها الأمنية و التنموية حتى تتجاوز مختلف المصاعب و الأزمات .
و على الموريتانيين أن يحمدوا الله سبحانه و تعالى على هذه القيادة الحكيمة التي تراكم النجاحات خارجيا و داخليا و لا تقصر في أمرهم وعيا منها لمقاصد الشريعة الإسلامية السمحاء المرتكزة إما على جلب مصلحة أو على درء مفسدة !
المصطفي الشيخ محمد فاضل