تنقسم ذاكرة العقل البشري إلى شقين رئيسيين، أولهما ذاكرة المدى القصير التي تعرف أيضا باسم الذاكرة النشطة، ويتمثل دورها في اختزان كمية محدودة من المعلومات في العقل دون مراجعة على أن تظل متاحة للاسترجاع لفترة زمنية محدودة. وهناك ذاكرة المدى الطويل، وهي التي تقوم بمعالجة الذكريات والاحتفاظ بها إلى أجل غير مسمى.
ويقول العلماء إن من بين خصائص ذاكرة المدى الطويل أنها تتميز بسعة غير محدودة، وتحتفظ بالذكريات لفترات طويلة دون أن تفقدها، ويسهل استدعاء هذه الذكريات عند الاحتياج إليها. وعادة ما تنقسم ذاكرة المدى الطويل إلى عدة أنواع مثل الذاكرة الصريحة التي تختزن الذكريات والمعلومات التي يتم استرجاعها بوعي، والذاكرة العرضية التي تحتفظ بمعلومات عن الأحداث التي تمر بالإنسان على امتداد حياته، والذاكرة الدلالية التي تختزن معلومات يتم استخدامها في الحياة اليومية مثل معاني الكلما
وتضم ذاكرة المدى الطويل أيضا الذاكرة الإجرائية التي تتعلق بالمهارات الحركية للإنسان مثل ركوب الدراجة أو الكتابة بالقلم أو السباحة وغيرها، وهناك أيضا الذاكرة الترابطية التي تسترجع ذكريات محددة من خلال ارتباطها بسلوكيات أو مواقف قديمة بغرض تطويرها واكتساب خبرات جديدة.
وعند تعامل العقل مع المدخلات اليومية، فإنه يقوم باختزان المعلومات في البداية على ذاكرة المدى القصير لبرهة محدودة من الوقت ثم يتخلص من المعلومات غير المهمة تباعا لإفساح المجال لإدخال معلومات جديدة علما بأن الذكريات المهمة تنتقل من ذاكرة المدى القصير إلى المدى الطويل حيث يتم الاحتفاظ بها لاسترجاعها عند الحاجة إليها. ولكن فريقا من الباحثين من معهد ماكس بلانك بولاية فلوريدا الأميركية توصل إلى نظرية جديدة تقول إنه من الممكن اختزان الذكريات في ذاكرة المدى الطويل مباشرة دون الحاجة لمرورها على ذاكرة المدى القصير أولا، مما يفتح مجالا جديدا لفهم آلية عمل ذاكرة الانسان ومعرفة الظروف التي تحيط بمنظومة اختزان الذكريات في العقل البشري.
ويقول الباحث ميونج يون شين رئيس فريق الدراسة إن « هذا الاكتشاف يماثل العثور على ممر سري يفضي إلى الذاكرة الدائمة داخل العقل »، مضيفا في تصريحات للموقع الإلكتروني « سايتيك ديلي » المتخصص في الأبحاث العلمية أن « النظريات السائدة تشير إلى وجود ممر واحد لانتقال المعلومات من ذاكرة المدى القصير إلى الطويل، ولكننا الآن لدينا دلائل قوية تشير إلى وجود مسارين على الأقل لتكوين الذكريات يمر أحدهما عبر ذاكرة المدى القصير، ويفضي الآخر لذاكرة المدى الطويل مباشرة، وهو ما يدل على أن العقل البشري أكثر مرونة عما كان يعتقد من قبل ».