ولد بوعماتو يدعو لترشيح غزواني لمأمورية ثانية :|: شركة قطرية تتولى إنجاز مشروع عقاري في موريتانيا :|: مالي تعفي سفراءها في موريتانيا وعدة دول :|: اعلان الناجحين في أولمبياد العلوم 2024 :|: موريتانيا : تصريح هام لمسؤولة أممية :|: دراسة حول ذكاء شعوب العالم !! :|: الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي :|: مرسوم باستدعاء هيئة الناخبين :|: صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد العربي 2.6% في 2024 :|: CENI حصيلة المراجعة الاستثنائية للائحة الانتخابية :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
جنرالات يحالون للتقاعد مع نهاية 2024
وزيرسابق يستنكر سجن ولد غده
تصريح "مثير" لرئيس التحالف الشعبي
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
من يوميات طالب في الغربة(5) : أول يوم بالسفارة الموريتانية في تونس العاصمة
استعادة عافية الجنوب تعززعلاقة الأشقاء/ عبد الله حرمة الله
ثلاث وفيات في حادث سير لسيارة تهرب ذهبا
طائرة أميركية تقطع رحلتها .. والسبب غريب !!
 
 
 
 

أضواء على أبرزملفات الفساد بموريتانيا منذ الاستقلال

samedi 28 janvier 2023


تفتح محاكمة القرن كما يسميها المعلقون اليوم بوابة أسئلة متعددة، حول قصة البلاد مع الفساد، وهل إلى خروج من عباءة الغلول من سبيل، ولأن هذه المحاكمة سابقة في تاريخ البلد من حيث حجم التهم الموجهة إلى الموقوفين، ومن حيث مكانتهم وتاريخهم السياسي والمهني، ومن حيث ما تداول الناس من مكنون الثروات الفلكية والأموال المجمدة إثر تحقيق ساخن، فإن حجم المأمول منها في صرامة وعدالة أحكامها، يناسب حجم المآسي الذي غرسها الفساد أنيابا مسمومة في خاصرة التنمية ورحلة إخفاق لها في كل بيت قصة وشاهد مؤلم والحق أنه لا يجمع الموريتانيون على شيء إجماعهم على أن الفساد ينخر بلادهم منذ عقود، وأنه سبب مباشر لانهيار التنمية، وعجز البلاد عن الإقلاع الاقتصادي والخروج من وهدة الفقر والمديونية، والعجز التنموي بشكل عام.

وقد أدى ترسخ الفساد في موريتانيا إلى حصدها رتبا متدنية في كل المؤشرات العالمية المتعلقة بالتنمية، حيث انتقلت في العام 2021 إلى الرتبة 140 على مؤشر محاربة الفساد، كما نالت الرتبة 163 على مؤشر الصحة العالمية، إضافة إلى حلول البلاد في الراتبة 134 على مستوى جودة التعليم، وما زال حوالي 31% من السكان يعيشون تحت خط الفقر وفق إحصائيات رسمية، أما نسبة الفقر في المدن، فتصل إلى 47% فيما تصل إلى 70% في الأرياف، وقد أدت مسارات الفساد إلى تراكم الدين الخارجي على موريتانيا ليتجاوز 103% من الدخل القومي، وذلك وفق إحصائيات رسمية، ولا يستثنى من هذه النسب والرتب المؤلمة إلا التراجع الأخير في حجم المديونية، وهو ما تنحل به عقدة من بين عقد كثيرة دارت حبالها على عنق التنمية في بلادنا منذ عقود، إضافة إلى التوجهات الاقتصادية الجديدة للنظام والتي ظهر فيها البعد الاجتماعي المباشر من خلال برامج تآزر والتأمين الصحي لمئات الآلاف من الفقراء، إضافة إلى مشاريع متعددة، استطاعت إعادة ترتيب السياسة الاقتصادية والتنموية، بالتوازي مع سياسة نوعية لجلب الاستثمارات وتخفيف المديونية.

ثراء في المؤسسات والقوانين :

تملك موريتانيا أكبر عدد من الهيئات المكلفة بمحاربة الفساد وترسيخ الديمقراطية، مقارنة مع دول عديدة، ومنها على سبيل المثال

 الرقابة المالية للدولة وقد أنشأت سنة 1960

 محكمة الحسابات التي انشئت بموجب المادة 68 من دستور 1992

 مفتشية الدولة وقد أنشأت بموجب المرسوم 122/05 بتاريخ في سبتمبر 2005

 المفتشية العامة للمالية والتي أنشأت في 1983 بموجب المرسوم رقم 033/83

 المفتشيات الداخلية للوزارات الخاضعة لمقتضيات المرسوم 075/93 الصادر بتاريخ 1993

 سلطة تنظيم الصفقات العمومية : الناشئة بموجب المرسوم رقم 179/2011

 اللجنة الوطنية لرقابة الصفقات العمومية التي أنشئت بتاريخ 7 يوليو 2011

 الإدارة المركزية لمحاربة الجريمة الاقتصادية والمالية المنشأة بتاريخ 25/ يوليو 2004

 لجنة التحقيق المالي المنشأة بموجب المرسوم 0117/2019

ينضاف إلى هذا مصادقة موريتانيا على عدد كبير ن الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بمحاربة الفساد والحكامة الرشيدة، ومن بينها اتفاقيات متعلقة بالصناعات الاستخراجية، والصيد، وكذا في مجال تبييض الأموال، ومحاربة الإرهاب.

مما يعني أن موريتانيا تملك واحدة من أغنى التشريعات الإقليمية في مواجهة الفساد.

أبرز محطات الفساد

يمكن الحديث عن محطات مركزية في تاريخ الفساد في موريتانيا، وذلك عبر التزمين التالي :

مرحلة التأسيس : 1974-1984 : مع نهاية حكم الرئيس المختار ولد داداه، ظهر أول ملف رسمي وواسع للفساد، كان المتورطون في هذا الملف من ثلاث جهات هي

موظفون كبار بإدارة الضرائب.

رجال أعمال وملاك شركات خاصة.

موظفون كبار في إدارة الخزينة

وقد عرف هذا الملف باسم مفتش الضرائب الذي اكتشفه، وراسل الرئيس المختار ولد داداه في شأنه، لينطلق بشكل عملي مسار المحاربة القضائية للفساد، حيث أحال ولد داداه رحمه الله وزيري من حكومته، وعددا كبيرا من الموظفين ورجال الأعمال إلى الأعمال إلى القضاء لمواجهة تم الفساد والتربح على حساب الدولة، كما طلب من رجال الأعمال التوقف تسديد الضرائب المتأخرة، والتوقف عن دعم الدولة

ورغم حرص ولد داداه على تسريع الإجراءات ومعاقبة المتورطين، فقد كان تباطؤ القضاء، وتحكم نافذين مقربين من بعض المتورطين في الملف سببا مباشرا لطول الإجراءات التي لم تنته إلا في سنة 1979، بإدانة مدير الضرائب وتغريمه وتبرئة بقية المتهمين، مع انطلاق مسار عقابي ضد المفتش الذي كشف فضيحة الفساد أصلا.

ومع هذه الفترة بالتحديد بدأ الفساد ينخر عروق البلد، وبدأت أجيال جديدة من صغار المفسدين ترفع رؤوسها وتنتظم في تقاليد وقيم لنهب المال العام وتحويله إلى مال خاص، وبدأت التأسيس لرحلة فساد يراد أن تستمر وأن "تفرغ زينة"

خلال العشرية المذكورة من 1974-1984، بدأ الفساد ترتفع شيئا فشيئا، وذلك من خلال بروز جهات ورجال أعمال محسوبين على نافذين في اللجان العسكرية المتعاقبة على حكم موريتانيا، وكانت الميزة الأساسية في هذه الفترة الصعبة من تاريخ البلاد، هي التمهيد لكسر سيطرة القانون، وقد انتعشت سوق الفساد في هذه الفترة، داخل مجموعات كبيرة من الضباط المتوسطين، ورجال الأعمال الناشئين، فيما كان رؤساء هذه الفترة نظيفي اليد ماليا، مع مستوى عال من ضيق الأفق السياسي، وفق ما تتداوله مذكرات وأحاديث متعددة لسياسيين ومسؤولين خلال هذه الفترة.

عشرينية الفساد 1984-2005

يمكن التمييز بين مستويين من حياة وحكم الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطايع، وهما معاوية العسكري اليساري المؤمن بحقوق الفقراء، والمحارب للقبيلة، والرافض لرجال الأعمال أو العلاقة بهم، وإذا كانت هذه الشخصية قد برزت خلال إدارة ولد الطايع للوزارة الأولى ولقيادة الأركان، فإنها سرعان من اختفت تحت سطوة الهزات التي تعرض لها نظامه، من خلال سلاسل الانقلابات الفاشلة، التي جعلته يستدير نحو القبيلة، ويرتمي في أحضانها إلى أبعد حدود.

وقد تعايشت خلال الفترة ما بين 1987-2005 من حكم ولد الطايع أنماط مختلفة من الفساد من أبرزها على سبيل المثال :

السياسات الاقتصادية المترنحة : التي دمرت الاقتصاد الموريتاني بشكل كبير، وخصوصا فيما يتعلق بالعلاقة مع الهيئات النقدية الدولية، حيث رضخ ولد الطايع ودون ممانعة لجميع الشروط المجحفة التي فرضها البنك الدولي

استنزاف الطبقة الوسطى وتجويع الموظفين : من خلال فتح ليبرالية السوق، وانهيار العملة الوطنية، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.

إفلاس البنوك الوسيطة التابعة للدولة : حيث أفلست في عهد ولد الطايع آخر المؤسسات البنكية الوطنية الرسمية، وهي اتحاد بنوك التنمية UBD، وسط حديث واسع يومها عن أن تفليس البنك جاء من أجل تمويل الحملة الرئاسية لولد الطايع

إطلاق يد الفساد وبشكل رسمي : في مختلف مؤسسات الدولة الموريتانية، وذلك عبر الاستنزاف الهائل للميزانيات والتمويلات، وهو ما ضاعف بشكل غير مسبوق وتيرة الفقر وانعدام التنمية في البلاد.

غياب أي مساءلة أو حديث عن محاربة الفساد : حيث كان ولد الطايع يصرخ غاضبا في وجه كل من يتحدث عن الفساد.

سيطرة رجال الأعمال وبشكل غير مسبوق على السوق وإفلاس مؤسسات التوازن الوطنية، وترهل مختلف المشاريع التنموية الموروثة من حقبة الرئيس المختار ولد داداه.

توقف الإنشاءات وبطء حركة التعمير وشق الطرق، ورتابة السياسة الاقتصادية، واستشراء التنافس غير الشريف في صناعة الطفرة المالية

الفترة الانتقالية : الفساد الصامت تحت سقف الديمقراطية

يمكن اعتبار الفترة الانتقالية (2005-2007) الفترة الذهبية سياسيا في موريتانيا، لكنها لم تكن كذلك على مستوى التسيير الاقتصادي، حيث يتحدث مراقبون عن انتشار هائل وموجه خلال هذه الفترة للفساد، رغم أن الدولة يومها استفادت من محو كثير من ديونها الخارجية، إلا أن الديون المحلية كانت عنوان فساد هائل، ويتحدث بعض المراقبين عن تسديد ديون هائلة لتجار وموردين رسميين بلغ بعضها عشرات المليارات لصالح موردين خصوصيين، فيما يتحدث آخرون عن نهب مسؤولين كبار من المدنيين والعسكريين لأموال هائلة خلال هذه الفترة المفصلية في تاريخ البلاد.

وطبعا لن يجد الفساد فترة أكثر قدرة على الانتعاش من تلك الفترة التي انتعشت فيها آمال التمويل وآفاق الاستثمار وانشغل فيه الجميع بإنجاح الفترة الانتقالية وإرساء أركان الانتقال إلى الحكم المدني الذي لم يعمر طويلا.

العشرية ... خوصصة الفساد

تمثل عشرية النظام السابق نموذجا آخر لاستمرار الفساد وتطوير آلياته ووسائله، حيث استطاع العسكري النظام السابق أن يقود حملة واسعة لمحاربة الفساد، وبموجب تلك الحملة استعاد مليارات الأوقية من وزراء ومسؤولين سابقين، ومحاسبين في مؤسسات عمومية مختلفة، والزج بعشرات من الموظفين الماليين في السجون

وفي نفس السياق ارتبطت بالنظام السابق إدارة فساد مخوصص، وهو ما كشفت عنها تقارير اللجنة البرلمانية، التي تتبعت مسارب الفساد في قطاعات وصفقات محدودة، تدور منافعها العالية في محيط ضيق مرتبط برأس النظام ومقربيه

قبل أن تكشف يد التحقيق عن جبل الجليد الذي يقوم على ثروة هائلة، تحصلت دون سبب طبيعي ولا حصاد منطقي، في فترة تأزمت فيه الوضعية الاقتصادية إلى أبعد الحدود، وطرد الإرهاب السياسي والمنافسة الجشعة كبار رجال الأعمال الوطنيين والمستثمرين حالة من الرعب، بسبب سوط الضرائب، وسقف المنافسة، وتقلب مزاج الأمير التاجر

وقد أخذ الفساد في عهد ولد عبد العزيز طابعا عموديا يقترب من السلطة ويدور حولها، وتوسع حتى أصبح حديثا متداولا عند التجار الوطنيين والمستثمرين، الذين خابت آمال كثير منهم بسبب الضغوط والإتاوات التي كانت تطلب منه من طرف مقربين من النظام السابق، زيادة على هجرة رؤوس الأموال المحلية ومضايقتها مما نقل عشرات المليارات الموريتانية إلى استثمارات هاربة تبحث عن ملجأ آمن في دول الجوار، وهو ما يظهر بجلاء أن عشرية ولد عبد العزيز كانت - رغم رفع شعار محاربة الفساد- الإطار الزمني الأكثر تشجيعا وممارسة وتطويرا للفساد وترسيخه

سمات ومجالات الفساد في موريتانيا

يأخذ الفساد في موريتانيا سمات متعددة من أبرزها :

العمومية : بحيث لم يعد ممارسة محدودة في أشخاص أو مجالات محددة، بل ارتفع طيلة الأربعين سنة بشكل عمومي وأفقي ليشمل أغلب القطاعات وأغلب مسيري المال العام.

الحماية المجتمعية : التي تضفي على المسؤول من الرعاية والاحتفاء مقدار ما يظهر عليه من ثراء وما يحقق من مصالح ضيقة، وما يتحطم أمامه من قيود قانونية وقيمة.

ترسخ تقاليد الفساد : وثبوت ممارساته في مختلف القطاعات الحكومية، ويمكن الحديث عن نمطين من الفساد، أفقي وهو محدود في ممارسات كبار المسؤولين، ويمتاز بصعوبة إخفائه، وضخامة موارده، وأفقي عام ينخر أغلب المؤسسات، ويبدأ من الرشوة البسيطة في مختلف المؤسسات، ويشجع هذا الفساد الأفقي قناعات عند كثير من المواطنين، واستعدادهم لبذل المال أو الوساطة من أجل تجاوز طابور، أو تعجيل خدمة مستحقة، أو نيل أخرى غير شرعية.

صعوبة محاربته : بفعل ارتباط المتورطين بفئات وجهات ولوبيات ضغط سياسي وقبلي، مما جعل الدولة دائما تفكر في الراجع السياسي المحلي قبل إطلاق الحرب على الفساد، زيادة على أنه أصبح توجه مجتمع وجزء من نسيج التفكير العام للمواطنين.

الهياكل والأطر التنظيمية الخادمة للفساد : وذلك عبر التضخم الوظيفي، وطريقة بناء الميزانيات التي تشجع الفساد، وتمنحه فرصا كثيرا للاستقرار والاستمرار، عبر غياب ترتيب الأولويات، وكذا البنود المكررة والعائمة، والنفقات المشتركة وغيرها، إضافة إلى الرتابة في التسيير وضعف الاستفادة من الرقمنة، وتحكم المزاج الفردي الذي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى تعطيل مصالح وحقوق مستحقين، بل وإرغامهم على البحث عن طرق ملتوية لاستعادة الحق

كسر آفاق الأمال : حيث تحطمت لدى الرأي العام الموريتاني إمكانية محاربة الفساد، وسرى في وجدانه التشكيك الدائم في أي محاولة لمحاربة الفساد أو تضييق منابعه أو الحد من أمواجه، ويجري في هذا السياق تفسير كل محاكمة أو تصعيد ضد مفسدين بأنه انتقاء أو تصفية حسابات سياسية، مما يعسر بالفعل ويقلل أداء المجتمع في محاربة الفساد

وإلى جانب ذلك فإن مجالات الفساد في موريتانيا متعددة من أبرزها :

السياسات التسعيرية : والتي تؤدي إلى استنزاف الموارد المالية في البنود والإجراءات الشكلية.

النهب المباشر للميزانيات : عبر تضخيم الفواتير، وإقامة الهيئات والمشاريع الوهمية.

صفقات التراضي والاحتكار : والتي استنزفت موارد مالية هائلة جدا، وكانت الدولة الخاسر الأبرز في التعامل مع المقاولين الذين يرتبط كثير منهم بمصالح زبونية مع كثير من المسؤولين.

الاتفاقيات الكبرى : وخصوصا في قطاعات المعادن والصيد، والتي مكنت أشخاصا محددين من الحصول على عمولات هائلة، مقابل تضييع مصالح البلاد.

تفليس المؤسسات الحيوية في البلاد ومنها على سبيل المثال : شركة السكر- صونادير- سونمكس – أنير – ATT M – اسنات- القرض الزراعي- سوملك- سومغاز- نافتاك- الخطوط الجوية الموريتانية، إفلاس البنوك شبه العمومية وقد تواصل إفلاس هذه المؤسسات ما بين 1978-1992، لتكتفي الدولة بالبنك المركزي فقط، وبالإضافة إلى وضعية الإفلاس فإن حوالي 40 شركة موريتانية ما بين مفلسة أو عديمة الإنتاجية تستأثر سنويا بما يقارب 19% من الميزانية العامة أي حوالي 119 مليار من ميزانية 2022 وذلك لتسوية وضعياتها المالية أو تسديد ديونها الموروثة.

الفساد العقاري : من خلال الاستيلاء على كم هائل من الأراضي الموريتانية، وخصوصا في العاصمة نواكشوط، وقد استفاد من تغيير معالم المخطط الأصلي للعاصمة عدد كبير من النافذين من بينهم مسؤولون كبار في النظامين السابق والحالي.

ومن بين مظاهر الفساد العقاري الاستيلاء على أراض تتبع لمؤسسات عمومية، وتحويلها إلى ملكية خاصة، وقد تزايدت هذه النوعية من الفساد خلال العشرية المنصرمة، ومن أمثلتها على سبيل المثال بيع جزء من مدرسة الشرطة، بيع ثكنة عسكرية تابعة للدرك، بيع مدارس عمومية، الاستيلاء على جزء من مستشفى ازويرات وتحويله إلى سوق يحمل اسم " مرصت تكيبر"

الاستيلاء على أراض مهمة وحيوية في الحيز الجغرافي لمنطقة نواذيبو الحرة، إضافة إلى تسجيل ملايين الأمتار المربعة بأسماء شخصيات مقربة من النظامين السابق والحالي

محطات مهمة في محاربة الفساد

لم يخل أي نظام حكم موريتانيا من حرب على بعض مظاهر الفساد، وقد بدأت هذه الحرب بشكل جزئي ضمن شعارات الحكم العسكري الذي تولى زمام السلطة منذ العام 1978، حيث أطلقت اللجنة العسكرية الجديدة، برنامجا إذاعيا بعنوان" جرائم وفظائع النظام البائد" سلط الأضواء على ما يراه فسادا وسوء تسيير في إدارة وحكومات ولد داداه.

كما تمت خلال فترة الرئيس محمد خونه ولد هيدالة عمليات تفتيش واسعة في شركة المياه والكهرباء، وشركات أخرى وأدت إلى اعتقال مسؤولين كبار.

وفي عهد الرئيس معاوية ولد الطايع الذي يتهم بالتغاضي عن ممارسات الفساد، أحيل إلى القضاء والمتابعة الأمنية عدد من المسوؤلين في قضايا متعددة من بينها

ما يعرف بأزمة حميدة ولد بشراي في قطاع الصيد، والتي راح ضحيتها عدة مسؤولين من بينهم وزراء

أزمة الأحواض الناضبة في منطقة ضفة نهر السنغال : وقد آلت إلى اعتقال مفوض استثمار نهر السنغال المرحوم باب ولد سيدي عبد الله بتهمة الإضرار بمصالح موريتانيا.

وفي الفترة الانتقالية، تمكنت السلطة من استعادة 200 مليون دولار من خلال مراجعة ملاحق صفقة وود سايد المتعلقة باستخراج النفط من المياه الموريتاني، واعتقل في هذا الملف وزير النفط السابق زيدان ولد احميده ومسؤولون بالوزارة.

أما في عهد الرئيس السابق، فقد أخذت محاربة الفساد مسارا أكثر توسعا، حيث استطاعت خلال ثلاث سنوات، إحالة عدد من ملفات الفساد إلى مفوضية مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية، زيادة على توقيف العشرات من المحاسبين في شركات عمومية متعددة، بتهمة اختلاس مليارات من المال العام، قبل أن ينكشف الغيب أن الحرب على الفساد لم تكن غير شعار انتقائي، مارس النظام السابق تحت ظلاله عمليات فساد واسعة جعلته يقف في قفص الاتهام، بعد تجميد أصول تقدر بأكثر من 39 مليار أوقية تعود إلى الرئيس السابق وأفراد من أسرته

أما في فترة الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني أخذت الحرب على الفساد بعدا أكثر عمقا مع محاكمة الرئيس السابق ومقربين منه، وتعتبر الأموال المجمدة لحد الآن هي الأكبر حجما في كل ملفات الفساد التي فتحت منذ الاستقلال إلى اليوم، إضافة إلى إحالة عدة متهمين بالفساد إلى القضاء، وشروع العشرات من المتورطين في نهب المال العام في تسديد ما نهبوا.

وقد احتلك محاربة الفساد جزء أساسيا من الخطاب السياسي للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي أكد في خطابه بمناسبة الذكرى الحادية والستين للاستقلال سعيه الحثيث من أجل إرساء حكامة رشيدة، وعلى محاربة كل أشكال الفساد".

وأوضح أن "الفساد، بطبيعته، مقوض لدعائم التنمية، بهدره موارد الدولة، وتعطيله المشاريع عن تحقيق أهدافها".

وأكد أنه "لا يريد لمحاربة الفساد أن تكون مجرد شعار أو أن تتحول هي نفسها إلى فساد بالانتقائية وتصفية الحسابات".

كما تم رفع رتبة مفتشية الدولة وإلحاقها برئاسة الجمهورية بشكل مباشر بعد سنوات من تبعيتها للوزارة الأولى

كما أحيل 20 مسيرا إلى السجن بسبب الفساد خلال السنوات الثلاث المنصرمة، إضافة إلى إقالة عدد من المسؤولين، كما تضاعفت وتيرة التفتيشات لتصل خلال 2022 إلى 30 بعثة تفتيش انطلقت في فتةر واحدة، إضافة إلى ارتفاع حجم الأموال المحقق فيها والتي وصلت أكثر من 60 مليار أوقية خلال سنة واحدة، ينضاف إلى هذا مراجعة عدد من الاتفاقيات الكبيرة بين موريتانيا وشركات استثمارية من بينها مراجعة اتفاق الشراكة مع شركة كينروس وهو ما مكن موريتانيا من رفع حصتها في العائدات وذلك في أفق تتوقع كينروس أن يمكن موريتانيا من الحصول على 1.55 مليار دولار مع نهاية العام 2033

زيادة على مراجعة اتفاقية تسيير ميناء الصداقة، مع شركة أرايس وهو ما مكن موريتانيا من الحصول على تعويضات بقيمة 120 مليار أوقية زيادة على إقامة وضع متكافئ يحمي مصالحها، ورغم كل هذه الخطوات ما تزال النداءات مرتفعة إلى الحكومة بتسريع وتيرة الإصلاح ومضاعفة الجهد لمكافحة الفساد.

تطلعات مجتمع .. وضرورات تنمية

يتطلع المجتمع الموريتاني إلى تنمية فعالة وإلى محاربة جدية للفساد، تجفف منابعه وتستل جذوره، ومع اقتناع الجميع بصعوبة الانتصار السريع على ممارسات الفساد، فمن غير الصعب أن يتحقق ذلك، خصوصا إذا تضافر ثراء النصوص وتعدد المؤسسات، ونضال القوى المدنية، مع الإرادة السياسية التي تظهر مستوى متصاعدا من الجدية.

من الصعوبة بمكان تحقيق انتصار تام على الفساد في موريتانيا، والقضاء على كل منافذه، لأنه أصبح حتمية اجتماعية ورهان حياة عند غالبية المسؤولين والموظفين، ولكن حجم الإخفاقات التي تعرضت لها وما غرسته أنياب الفساد من جراح في جسد التنمية يتطلب وبسرعة التدخل العاجل لمواجهة سرطان الفساد، ومما يوصى به في هذا المجال.

حسم القرار السياسي بمحاربته الفساد، وتحمل التبعات المجتمعية والسياسية المترتبة على مواجهة المفسدين.

تنفيذ العقوبات الصارمة والمناسبة في هذا المجال

جعل جرائم الفساد مما لا يسقط بالتقادم

إقامة برنامج وطني للترقية الوظيفية يستثني ممارسي الفساد والمتورطين في نهب المال العام

إقامة نظام وطني للامتياز في مجال الإنشاءات والصفقات، بما يحقق التنافسية الاقتصادية، ويمنع الفساد

الإسناد السياسي والإعلامي والاجتماعي من الأحزاب وهيئات المجتمع المدني والعلماء والقوى الإعلامية والشبابية من أجل مواجهة الفساد والتحسيس ضد مخاطره.

إقامة يوم وطني لمحاربة الفساد ومسلكياته.

تضمين البرامج التعليمية مضامين دينية وفكرية وثقافية حول خطر الغلول والفساد ونهب المال العام.

ريم أفريك

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا