بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية تم بناء مركز للتكوين المهني لخريجي المحاظر في مدينة النعمة وافتتاح المركز رسميا قبل ثلاث سنوات حيث رصدت له الدولة في سنته الأولى ميزانية زادت على 140 مليون أوقية قبل أن تنخفض إلى حدود 78 مليون في العام المنصرم.
لكن المفارقة أن المركز الذي يضم خمس تخصصات مهنية (اللحامة – كهرباء المنازل – النجارة – البيطرة ـ ميكانيكا السيارات ) لم يوصل قط بخدمتي الماء والكهرباء ! ولا يتجاوز طاقم التدريس فيه أكثر من خمسة أفراد رغم أن عماله يزيدون على الخمسين وذلك بعد أن تم تقليصهم عدة مرات ! .
يتهم معظم سكان مدينة النعمة مدير المعهد ومحاسبه بتوظيف الكثير من الأقارب في المعهد (زوجات – أخوات ـ أصهار – أقارب ....) وذلك دون أن يقدم هؤلاء أي خدمة في الواقع.
كما يقولون إن ما يقوم به المعهد في مجال التكوين ليس أكثر من مسرحية فليس لديه طلاب يدرسون بانتظام وإن كانت هناك مجموعة فإن عددها لايتجاوز في أحسن الأحوال ربع العدد المعلن عنه رسميا.
موفد الحصاد إلى ولاية الحوض الشرقي زار المعهد المذكور صباح يوم الأحد الـ 3 يناير الجاري وهو يوم افتتاح المدارس في عموم البلاد بعد عطلة دجمبر الأخيرة ، حيث لم يجد أي أثر للطلاب ولا لطاقم التدريس ،وكل ما وجد هناك كان عبارة عن خمسة أفراد هم ثلاثة حراس عند الباب الخارجي وموظفة في أحد المكاتب في الطابق السفلي من المبنى المخصص للإدارة ، ورجل واحد في مكتب فسيح في الطابق العلوي هو السيد : سيد عبد الله بن الشيخ المدير العام لمركز التكوين المهني لخريجي المحاظر في مدينة النعمة.
وبعد أن قدم نفسه للمدير استفسر موفد " الحصاد" عن سبب غياب طاقم التدريس والطلاب فكان الجواب أن ذلك اليوم هو أول أيام العمل بعد العطلة وأن الأساتذة كانوا يقضون إجازتهم في داخل البلاد وقد وصلوا النعمة فعلا لكنهم وصلوا متعبين، ووعد المندوب بأنه حين يعود في اليوم الموالي سيجد الطلاب وطواقم التدريس.
أما بخصوص توظيفه لأقاربه قال مدير المركز إنه لا يوظف من أقاربه سوى زوجته، وأخرج وثائق تظهر أنها كانت موظفة عقدوية في وزارة العدل ، وأنها حولت إلى المعهد المذكور بطلب من وزيرسابق للتوجيه الإسلامي.
وفي رده على سؤال عن السبب وراءعدم توفر الماء والكهرباء في المركز قال سيدي عبد الله :
المركز دشن على وجه الاستعجال ولأسباب سياسية لأن ذلك كان يتزامن مع انطلاق حملة المرشح سيدي بن الشيخ عبد الله ،وقد امتنع المقاول الذي بناه وهو رجل الأعمال محمد ولد مركو عن تزويده بالكهرباء والماء بذريعة أنه يطالب بمتأخرات يجب أن تسدد له أولا ، لكن هذه المشكلة سوف تحل قريبا ـ حسب قوله ـ خاصة وأن المركز قد تم تحويل الوصاية عليه من وزارة التوجيه الإسلامي إلى وزارة التكوين المهني.
وفي إجابته عن الكيفية التي يتم بها تكوين الطلاب على تخصصات مثل اللحامة وكهرباء المنازل في ورشات لا تتوفر على الكهرباء قال المدير إن مركزه يرتبط بعقد مع ورشة في المدينة يتكون عندها الطلاب مقابل 120000 أوقية .
وعن عدد العاملين في المركز قال المدير إنهم يزيدون على الخمسين في الوقت الحاضر وقد كانوا أكثر من ذلك قبل أن يتم تقليصهم.
محملا السياسييين والوجهاء في الولاية مسؤولية التضخم الحاصل في عدد عمال المركز منتقدا سعيهم الدائم إلى توظيف وتشغيل أشخاص قليلين على حساب ما كان يمكن أن يقوم به المركز من تكوين المآت من أبناء الولاية وأضاف أن المركز خرج لحد الساعة ستين شابا لكنه لم يمنح لهم شهادات وإنما منحهم إفادات لإن شهادة المركز لم تتم معادلتها حتى الآن ولم يعرف هل ستكون شهادة BT أو شهاة "كاب" .
في أثناء الحديث دلف الي داخل المكتب رجل عرفه المدير بأنه محاسب المركز، قبل أن يطلب منه أن يدفع عن نفسه تهمة توظيف أقارب لا يقومون بأي عمل؛ فكان رد المحاسب بأنه في البداية وظف بعظ أقاربه لكنه عزل معظم في ما بعد، وأن من يقولون عنه عكس ذلك هم خصومه السياسيون ، الذين قال إنه وظف منهم أكثر مما وظف من أقاربه و أنصاره.
وفي اليوم الموالي لهذه المقابلة عاد موفد الحصاد إلى المركز في الموعد الذي حدد له المدير، وكان ذلك على تمام الساعة الحادية عشر صباحا ولم يشاهد مرة أخرى ، لا طلاب المعهد ولا طاقم التدريس، لكن المدير قال له إنهم كانوا موجودين وقد انتظروه طويلا قبل أن يسمح لهم بالإنصراف
تجدر الاشارة إلى أن أعمال البناء لم تكن جيدة لأن سقف عنابر الورشات قد تطاير(انظر الصورة).