تبدو أسواق السلع الغذائية العالمية أكثر استقراراً من ذي قبل، على رغم تحديات الشحن واحتجاجات المزارعين في بعض البلدان المنتجة، إذ انخفضت أسعار القمح والذرة وفول الصويا في فبراير (شباط) 2024 إلى مستوياتها الأدنى خلال عامين، كما تراجعت أيضاً أسعار الرز بصورة طفيفة، وإن ظلت أعلى بكثير مما كانت عليه قبل عام.
ويبعث أحدث تقرير عن الأمن الغذائي من البنك الدولي على التفاؤل في شأن أسواق السلع الغذائية العالمية، على صعيدي الوفرة في المعروض والأسعار، في وقت تدفع درجات الحرارة الدافئة نحو تسريع نمو المحاصيل في عديد من المناطق، إذ بدأت محاصيل القمح الشتوية في نصف الكرة الشمالي في الإزهار، واستمر حصاد الذرة وفول الصويا في نصف الكرة الجنوبي.
وبينما لا يغفل التقرير تسليط الضوء على احتجاجات المزارعين على مستوى العالم، من المملكة المتحدة إلى الهند لأسباب تتعلق بخفض الضرائب وزيادة الدعم الحكومي، إضافة إلى وجود مخاوف مشتركة في شأن ارتفاع كلفة المدخلات مثل الطاقة والأسمدة، وما تعكسه هذه الاحتجاجات من تحديات أوسع داخل نظام الأغذية الزراعية التي تفاقمت بسبب الاضطرابات في أسعار السلع الأساس والشحن، فإن ظروف الإنتاج الزراعي ووفرة المعروض توفر بيئة مواتية لانخفاض الأسعار.
وبدأ القمح الشتوي في نصف الكرة الشمالي في الإنبات، في ظل ظروف متفاوتة في جميع أنحاء أوروبا وأميركا الشمالية وروسيا وأوكرانيا، فيما يشهد نصف الكرة الجنوبي مواصلة حصاد الذرة والرز وفول الصويا.
وفرة عالمية من السلع
في فبراير الماضي، أدت الإمدادات العالمية الوفيرة والمنافسة القوية في مجال التصدير إلى خفض بنسبة ستة في المئة في المؤشر الفرعي للقمح والحبوب والبذور الزيتية، ليصل إلى مستويات شوهدت آخر مرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، بحسب تقرير البنك الدولي، مشيراً إلى تحفيز روسيا الطلب عبر خفض الأسعار، علاوة على خفض أوكرانيا أسعارها وسط مخاوف في شأن الشحن في البحر الأحمر وتباطؤ الطلب من آسيا.
وانخفضت أسعار تصدير الذرة أيضاً بنسبة 10 في المئة مع وصول المؤشر الفرعي إلى أدنى مستوى له منذ أغسطس (آب) 2020، مدفوعاً بعوامل مثل المخزونات المحلية الكبيرة في الولايات المتحدة وتوقعات زيادة الإنتاج في الأرجنتين والبرازيل، وتراجعت أسعار الرز بسبب وصول المحاصيل الجديدة، على رغم أنها ظلت أعلى مما كانت عليه في فبراير 2023، فيما اتبعت أسعار تصدير فول الصويا اتجاهاً هبوطياً مماثلاً، متأثرة بعوامل مثل الحصاد الكبير المتوقع في الأرجنتين والبرازيل وانخفاض الطلب العالمي.
وأظهر المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية أخيراً كيف أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا لا تزال تخلف تأثيرات عميقة في الأسواق الزراعية العالمية، وتفرض تحديات كبيرة على الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، إذ أدت إلى تعطيل الإنتاج الزراعي والتجارة في أوكرانيا، وهي مصدر رئيس للمنتجات الزراعية، مما هدد الأمن الغذائي العالمي.
زيادة الصادرات
وعلى رغم الصدمات الأولية تكيفت أسواق السلع الأساسية العالمية مع هذه الاضطرابات، بحسب ما يفيد التقرير، ويرجع ذلك جزئياً إلى قيام الموردين الآخرين بما في ذلك روسيا بزيادة صادراتهم، وهو ما ساعد في تخفيف بعض التأثيرات الأولية.