وضع حجر الأساس لوحدة إنتاج الألبان بكرو :|: 4 مشروبات لتقليل الإحساس بالجوع المستمر... :|: جبهة "جمع" : لا نخفي دعمنا للنظام :|: هل تنجح قمة البحرين في تعزيز التجارة العربية البينية؟ :|: نور الدين محمدو : تم منعي من الترشح في الرئاسيات :|: وزيرة الصحة تقدم معلومات هامة عن قطاعها :|: وزيرالداخلية يتحدث عن حزمة مشاريع أطلقها الرئيس بكيفه :|: إعادة تمثيل جريمة قتل الشاب العسكري بنواذيبو :|: السعودية تدعو لعدم الاستجابة للإعلانات الوهمية حول أداء فريضة الحج عن الآخرين :|: توقعات بارتفاع درجات الحرارة :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
جولة في حياة الفقيد محمد ولد إبراهيم ولد السيد
AFP : موريتانيا أرسلت أدلة على مقتل مواطنيها لمالي
بعد تحديد معايير التزكية... من هم مرشحو الرئاسيات ؟
تحديث جديد على "واتساب" يثير غضب المستخدمين !
أصغر دولة في العالم يسكنها 25 نسمة فقط !!
من يوميات طالب في الغربة(6) :نزهة في "أريانة" مع ضيافة موريتانية أصيلة
الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع يظهر في صورة حديثة
 
 
 
 

الثقافة التزام... أو لاتكون !..د. محمد ولد عابدين *

samedi 4 mai 2024


لامراء فى أن الثقافة من المفاهيم المركبة الملتبسة الشائكة التى تأبى تعريفا جامعا مانعا -كما يقال - لغويا وابستمولوجيا وانتروبولوجيا ، إلا أنها تظل مرتكزا محوريا فى حياة الشعوب والأمم ؛ فهي رافعة النهضة وربيبة الحضارة وركيزة التنمية.

إنها من الناحية الانتربولوجية تمثل العلاقة الحيوية بين الإنسان و الوجود ؛ فهي تجسيد للكينونة والهوية بأشمل معانيها وأعمق تجلياتها ، وبهذا المفهوم القيمي تغدو الميزان الفصل الذى يقاس فى ضوئه مدى تطور الشعوب أو تخلفها ؛ فبقدر ماتنتج من ثقافة وأدب وإبداع تثقل موازينها ، فى حين تنكفئ شعوب أخرى ويتراجع أداؤها العلمي ويشح عطاؤها المعرفي ؛ فتخف موازينها !..وفى كلتا الحالتين فإن المسؤولية التاريخية تقع على عاتق المثقف الذى بات لزاما عليه أن يعي ضرورة حضوره الراهن ، وحاجة المجتمع إلى التفاعل معه والتعاطي مع مشروعه الفكري وخطابه التنويري فى شتى مناحي حياته الإجتماعية والسياسية والثقافية والأدبية.

ويبقى الحديث عن دور المثقف فى ظل غياب اقتناص المفهوم ؛ حديثا نظريا وفى غاية التجريد ، إذ أن مفهوم المثقف من المفاهيم التى يقترن استخدامها بميوعة شديدة فى العديد من السياقات والفضاءات.

ولأن المقام ضيق والموضوع متشعب ، فلنا مندوحة عن الخوض فى تحديد المفاهيم وتدقيق المصطلحات على غرار مايتطلبه البحث الأكاديمي ، وسنكتفى بإضاءات وإشارات سريعة إلى مانعنيه بالمثقف الملتزم والأدوار التى يراد له النهوض بها.

لا جدال فى أن الاتصاف بخاصية الثقافة يقتضى نسقا من المقومات والمرتكزات الاستثنائية ، ويستدعى تحصيل واستيعاب منظومة من المعارف والعلوم والخبرات والتجارب ؛ تتحول إلى رصيد ذاتي وجزء من مكونات ومقومات الشخصية الثقافية لحاملها ، وكثيرون هم من يحملون هذه الصفة -أويتحملونها- لكن قليلون هم من يمثلونها أو يتمثلون قيمها ويترجمونها فى حياتهم العملية ، لتتحول من طورها المفاهيمي النظري إلى خاصية الممارسة السلوكية الميدانية.

إن مفهوم المثقف يرتبط ارتباطا جوهريا بقيمته النضالية وأرومته النقدية ، ووظيفته التنويرية وروحه الثورية ؛ فهو عنوان لكل الممارسات الثقافية المنافحة عن المظلومين والمغبونين والمهمشين ، والمواقف الشجاعة المناصرة لإشاعة قيم الخير والحق والعدل فى المجتمع.

فالمثقف ينهض بوظيفة ذات مكونات متعددة ؛ معرفية واجتماعية وأخلاقية وإديولوجية ؛ فهو من تتكامل فى شخصيته وتتضافر فى تشكيل وعيه كل هذه الأبعاد مشفوعة أو مقرونة بما يمكن أن نطلق عليه كلمة السر فى شخصية المثقف الوطني ، ألا وهي " الالتزام ".

أقول ذلك وقد اطلعت على حضور هذا المفهوم ومركزيته ؛ عبر تراث باذخ من تاريخ الفكر والوعي الإنساني الحديث والمعاصر ، فلاينبغى أن يغيب عن الأذهان والأفهام أن فكرة "الالتزام " انبثقت من رحم تيارات فكرية وفلسفية ، ومقاربات إيديولوجية معروفة في سياقاتها التاريخية وحواضنها السياسية والاجتماعية.

فقد نضجت أساسا في القرن العشرين مع الماركسية المعروفة بتركيزها على البعد الجدلي بين النظرية والممارسة ، والدعوة الصريحة الملحة إلى حتمية "تجنيد الفكر من أجل خدمة قضايا وهموم الطبقة الكادحة" وتم التعبير عن الفكرة والتنظير لها بعمق ورصانة فى كتابات " غرامشى " حول " المثقف العضوي " و" المثقف التقليدي " بيد أن الفيلسوف الفرنسي الوجودي جان بول سارتر ؛ يظل صاحب الأثر الأكبر والتنظير الأشهر لمقولة " المثقف الملتزم" الحاضر بقوة فى قضايا وطنه ؛ المسكون بهموم مجتمعه مع نزعة إنسانية رحبة فى بعض تجلياتها.

إن استدعاء علامات فلسفية وقامات فكرية مضيئة مثل سارتر وغرامشى وغيرهما...لاينخرط فى سياق رغبة في الاستنساخ أو الاجترار لمقولاتهم وطروحاتهم ، بقدرما هو دعوة للاستئناس والاستلهام وإعادة التأمل فى ماهية دور المثقف ، وتجديد وتحديد مهامه فى" الالتزام" التى لايكتمل وجوده الثقافي بدونها ، فهذه الوظائف هي التى تخرجه من فرديته المعرفية إلى كينونة اجتماعية أكثر عمقا ورحابة وتواصلا وفاعلية.

ووفقا لهذا التفكير الأكاديمي الرصين المستبطن للفكرة - حتى فى غياب الوعي الإيديولوجي للمفهوم - يولد المثقف الملتزم أو العضوي أو الريادي أو الطلائعي ؛ رمزا للعلاقة الجدلية بين الثقافة والمجتمع ونبراسا للتنوير والتثوير ، وأيقونة للنضال والتغيير ؛ من أجل إحقاق الحق وتجسيد قيم الخير و العدل والعيش الإنساني الكريم فى كنف الإخاء والرخاء.

*د. محمد ولد عابدين
أستاذ جامعي وكاتب صحفي

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا