في هذه الحلقة إطلالة على يوم "موريتانيا الدامي" وكيف تعاملت معه الصحافة الوطنية.
في الصباح (يوم 08يونيو2003) كانت من كل قناة"الجزيرة" القطرية "لم تكن تبث وقتها على موجة "أف.أم" الاذاعية،وقناة"العربية "السعودية- الاماراتية، واذاعات"بي.بي.سي" العربية" وإذاعة فرنسا الدولية في تغطية مستمرة على مدار الساعة لهذا الحدث الكبير.وكانت المحاولة الانقلابية قوية وقتل فيها بعض الجنود وجرح آخرون(أول انقلاب دموي بالبلاد).
أما الصحافة المستقلة فلم يكن يوجد منها - في ذلك الوقت- إلا جرائد أسبوعية تخاف من ظلها بسبب "المادة11" التي "لا ترحمها مصادرة وحظرا"،في حين كانت قد بدأت إرهاصات لبعض المواقع الالكترونية المستقلة ولكنها ضعيفة التغطية الاخبارية بسبب الرقابة المشددة على الاعلام من طرف السلطة وضعف الامكانيات المادية والتقنية والبشرية.
وسائل الاعلام الرسمية ظلت مغلقة طوال وقت المحاولة الانقلابية في اليوم الأول (08يونيو2003) وبعد افشال المحاولة الانقلابية منتصف اليوم الموالي "عادت حليمة لعادتها ...تمجيد النظام".
تابعت التغطية الاعلامية العربية والعالمية لذلك ا"اليوم الدامي" وكانت "محطة اذاعة الشائعات نشطة"،ولم أستطع الوصول للجريدة بسبب غلق الجنود للطريق المؤدي لوسط العاصمة حيث مقر الجريدة وقتها.
كان "يوما داميا".. بقي فيه الوطن العزيز يرزح تحت فراغ في السلطة وفوضى عامة حيث نهبت الاذاعة والبوسطة وقتها ومما يندى له الجبين من صور شاهدتها "صور مجموعات النهب تغدو وتروح".
كما كانت صور الجنود بالبزات العسكرية يملؤون الشوراع بوسط العاصمة وهم في حالة استنفار رصعبة على نفسي خاصة وهي تعرض على شاشات القنوات في العالم ونحن بلد "ديمقراطي" منذ عقد من الزمن ومع ذلك التغيير فيه يتم با"المحاولات الانقلابية الدامية" !!
بعد إفشال الانقلاب واستتباب الأمن (يومين أي يوم 10 يونيو2003) ذهبت لمقر عملي واطلعت على بعض الصحف وكان بعضها موال للنظام ويتهجم في مضمونه "الانقلابيين" و"يشهر" بهم .
أما البعض الآخر فكان مواليا للمعارضة ويتأسف على عدم التغيير،مؤكدا أن النظام هو الذي أوصل البلاد لهذه المرحلة وسد كل الأفاق أمام التغيير السلمي"لا تستطيع أي صحيفة أن ترحب بالمحاولة الانقلابية كوسيلة للتغيير "يلامس وجدان الكثير من أفراد الشعب وقتها" الا وتم إغلاقها ومصادرة نسخها" حيث الرقابة شديدة جدا.
تصفحت العديد من الصحف ولم أجد تغطية إعلامية مهنية حيث المصدر الرئيسي في كل المعلومات هو النظام والصور قليلة ورمادية اللون والمعطيات عن القتلى والجرحى متضاربة"،ناهيك عن غياب تفسير منطقي محايد لأسباب الانقلاب وسرد إخباري محايد لمساره من البداية حتى النهاية.
كانت "الشائعة هي المصدر الأول للخبر" لدى الصحف والمواقع على قلة الأخيرة عدديا،كما غاب التحليل والتوثيق حول هذا الحدث الجلل الذي كان يجب ان يغطى من جوانب متعددة بالمعلومة الدقيقة والصور والتعليقات والتحليلات المعمقة،مع ربطه بتاريخ البلاد الانقلابي الطويل.
وهنا أسرد بعض المفارقات وهي أن الكثير من الصحف لم يصدر أيام الحادثة ولا بعدها الا بفترة مع أن الصحافة يجب أن تواكب الأحداث وتعتبر دوريتها من أهم الشروط المهنية.
أيضا لم يهتم الموريتانيون - كعادتهم- بمتابعة الحدث امن خلال وسائل الاعلام الوطنية "لفقدان الصحافة المستقلة وقتها للكثير من المهنية والمصداقية وعدم السرعة حيث أنها أسبوعيات فقط ومواقع ألكترونية قليلة يحجب عنها النظام كل المعلومات ولاوسائل لها للنفاذ للخبر ولاكوادر بشرية.
نسيان الصحافة للحدث بعد وقوعه وتغاضيها عن تغطية تبعاته العسكرية والسياسية "خوفا" من المصادرة والحظر ...
انتشى النظام بإفشاله للانقلاب وعاد أشد قوة وبدأ يعد لانتخابات رئاسية جديدة ..وعادت الصحافة لسباتها العميق...
في الحلقة المقبلة صورة من أول...
بقلم : محمد ولد محمد الامين(نافع)
ملاحظة : لفهم هذه اليوميات في جزئها الثاني من المفيد جدا مطالعة الجزء الأول منها تحت عنوان :" يوميات طالب الغربة في 67حلقة" ولمن يرغب فيها أن يبعث للكاتب على العنوان البريدي الالكتروني.
الكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الأمريكية في بعض كتبها التي تدرس بجامعات العالم (حلقات من الجزء الاول يوميات طالب الغربة).)
للتعليق والملاحظات :
ouldnafaa.mohamed@gmail.com