تعيش مدينة ازويرات منذ شهرين على وقع اضراب عمالي في شركة "اسنيم"، حيث يطالب المضربون بزيادة معتبرة للأجور "تطبيقا لاتفاق وقعوه مع الشركة في 3 مايو 2014" .
إصرار على "شرعية الإضراب". وطرق عديدة للحفاظ على تماسك المضربين
الاضراب الذي دعا له في الاصل 6 مناديب ينتسبون للكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا من مجموع المناديب البالغ عددهم 14 ، لقي تجاوبا واسعا بين العمال فيما قاطعته نقابات أخري علي رأسها UTM لأنها تراه اضرابا غير شرعي يفتقر للنصيب القانوني وجاء في وقت غير مناسب.
ويصر مناديب العمال المضربين على ضرورة فتح حوار شامل مع الشركة قبل الرجوع للعمل فيما تقول الشركة إن الإضراب في الأصل غير شرعي، وتصر على عودة العمال الي ورشات عملهم قبل الشروع في أي حوار، وهو الموقف الرسمي للحكومة الموريتانية والذي نقله وزير النفط والطاقة والمعادن لمناديب العمال في زويرات ونواذيب في الرابع من شهر مارس الجاري.
وبترخيص من الوالى السابق للولاية يواصل العمال المضربون احتشادهم في ساحة الإستقلال وسط مدينة ازويرات وتنظيم مهرجانات خطابية يوميا، حيث تتم موافاتهم من طرف المناديب وقادة الاضراب ومؤطريه بكل جديد خاصة عن تأثير الإضراب علي انتاج الشركة. ويردد المضربون أغان حماسية بعضها وطني والبعض الآخر تم استجلابه من دول "الربيع العربي" خاصة ليبيا، أغان تحث على الصمود ورفع الهمم، إضافة الى حكايات شعرية لأدباء من العمال المضربين ورقصات فلكلورية قد يشارك فيها أحيانا قادة الإضراب أنفسهم.
ومع تقدم الوقت وخوفا من تراجع العمال خاصة بعد عودة بعض المضربين الى ورشات عملهم وانشقاق أحد القادة البارزين، قرر منظمو الاضراب "استحلاف" العمال والمناديب علي عدم التراجع عن الاضراب قبل تحقيق المطالب مهما كلف الثمن.
موفد الحصاد الى مدينة ازويرات حاور مجموعة من مناديب العمال المضربين حيث يقول هؤلاء ان اضرابهم شرعي وسبقه اخطار لمدة اسبوعين، وتوقف عن العمل وأن مطالبهم ليست سوي تطبيق اتفاق مكتوب كانوا قد وقعوه مع الشركة يقضي بزيادة الرواتب وفي هذا الاطار يقول المندوب محمد ولد الشين انهم يريدون الحوار لكن الشركة تتجاهلهم نافيا أن تكون لإضرابهم اية علاقة بالسياسة.
وبخصوص شرعية الاضراب يقول ولد الشين ان اعلان الاضراب لا يحتاج قانونيا الى أغلبية المناديب وأن ما تقوله "اسنيم" والنقابات غير المضربة في هذا المجال لا أساس له من الصحة فحتى مندوب وأحد يمكنه اعلان الاضراب.
المندوب العمالي كنمي عبد الرحمن أجاب على سؤال لموفد للحصاد بخصوص الظرفية الزمنية التي أعلنوا فيها الاضراب، والتي تشهد انخفاضا كبيرا في اسعار الحديد الخام، بأن الأمر يتعلق بمطالب قديمة ومطالبة بحصة من أرباح كان قد تم جنيها بالماضي، وإذا ثبت أن الشركة في ضائقة مالية فإنهم مستعدون لإنقاذها بكل ما يملكون لأنها شركتهم اولا وأخيرا، متهما الشركة والدولة بعدم المسؤولية في التعامل مع الاضراب ، والا لما وصلت الأمور الي ماهي عليه الآن.
وبخصوص جدوائية الاضراب مادامت الشركة تواصل انتاجها كالمعتاد قال "كنمي" إن الامر ليس اكثر من "مسرحية" وأن الشركة في الواقع لا تنتج ولا تصدر الحديد وأن القطار يذهب بكمية محدودة من العربات وأحيانا يكون بعضها فارغا من أجل ذر الرماد في العيون، مشددا على أن كثيرا من آليات الشركة يفتقر الي الصيانة وان بعضها قد تعطل، وانه لايمكن الحديث عن وجود انتاج في ظل وجود 3700 عامل مضرب.
العمال غير المضربون : نحن من يضمن استمرار الشركة وحياة زملائنا المضربين
وللحصول على رأي النقابات غير المضربة حاور موفد الحصاد المندوب عن اتحاد عمال موريتانيا UTM (غير مضربة) محمد محمود ولد أحمد ولد يرك، والذي قال ان نقابته لم تشارك في الإضراب الحالى لأنها ترى انه غير شرعي وفي غير محله بالنظر للظروف الاقتصادية الدولية وانعكاسات الانخفاض الكبير لأسعار الحديد علي الشركة، كما أنه سابق لأوانه لأنه جرت العادة أن تكون التحركات العمالية بعد اجتماع مجلس الادارة وليس قبله.
وقال ان اتفاق الثالث من مايو كان من أجل تحقيق خمسة مطالب أساسية هي :
1 ــ زيادة معتبرة للرواتب
2 ــ مجانية سلفة العيد
3 ـ علاوة الانتاج
4 ــ عدم معاقبة العمال المضربين
5 ــ منح رواتب تشجيعية
وهي المطالب الذي حققتها الشركة على الفور باستثناء المطلب الأول الذي لم يتحقق لأسباب مبررة لأن أسعار الحديد انهارت بشكل متسارع.
ولد يرك قال ان الاداري المدير العام للشركة اجتمع بالمناديب صحبة كبار معاونيه في شهر أكتوبر وشرح لهم وضعية الشركة، مطالبا اياهم بالتريث بطلب زيادة الرواتب حثي تتحسن الأسعار وهو الأمر الذي قال إن زملاءه المنابيب تفهموه حينها وقام مناديب CGTM المضربين حاليا بشرحه في مهرجان كبير لمنتسبي نقابتهم.
المندوب العمالي عن UTM قال إن رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز قد شرح بنفسه لنا نحن مناديب العمال وضعية الشركة في الـ 26 من نوفمبر الماضي وطلب منا التضحية من أجل شركتنا في ظل الوضعية العصيبة التي تشهدها اسعار الحديد متعهدا بأن الدولة لن تسمح بتسريح اي عامل واحد من شركة اسنيم، وهو التعهد الذي سرنا جميعا وبث في قلوبنا الطمأنينة، حيث كان المناديب المضربون حاليا أكثر تحمسا للتعهد بتطبيقه.
"وفي اجتماع لنا مع الاداري المدير العام في شهر ديسمبر تعهد لنا، بأنه سيدرس مطلبنا في اجتماع مجلس الادارة في 20 من يناير، قبل ان نتفاجأ بتقديم مناديب CGTM العمال إخطارا بالإضراب في 14 من يناير، في مخالفة صريحة لقانون الشغل لأنهم لا يمثلون أغلبية".
بعدها رأينا يقول ولد يرك أن الوقت غير مناسب للإضراب، وواصلنا العمل ليس من اجلنا نحن فقط ولكن من أجل مصالح العمال المضربين أنفسهم، وخوفا من أن تلجأ الشركة الى تسريح جزء من العمال يكون ضحيته الأولى 800 عامل معاق جزئيا أو كليا يوجدون حاليا في الشركة و1200 عامل شاب ممن تم اكتتابهم حديثا.
ولم نضرب ونحن فخورون بذلك ونواصل العمل في الورشات حيث لم يتوقف انتاج الشركة التي تشهد تنافسا حادا وزيادة في العرض على حساب الطلب، وبفضل سواعدنا يتم شحن ثلاث قطارات كل يوم من الحديد الى نواذيب.
وحول اتهام المضربين له ولزملائه بالانبطاح قال ولد يرك، نعم نحن منبطحون لأننا من يعمل في مخازن (كونما) التي توفر المواد الغذائية للمضربين ونعمل في المستشفي الذي تعالجهم ومنبطحين لأننا من يشغل المولد الكهربائي الذي يوفر لهم الإنارة ومنبطحين لأننا نعمل في القطار "شريان الحياة" الذي يوفر لهم التموين والماء والوقود ويوفره لكل القرى الواقعة على السكة. منبطحون لأننا نواصل العمل ليل نهار حتى لا يتوقف انتاج الشركة وتخسر مكانتها في السوق الدولية.
أما العامل المتقاعد محمد عبد الله ولد شعيب الذي عمل في الشركة منذ سنة 1975 فقد قال انه طيلة وجوده في شركة اسنيم لم يلاحظ عليها سوي الالتزام بحقوق العامل والانسجام مع قانون الشغل، وقال انه لولا شركة اسنيم لما وجدت ولاية تيرس الزمور أصلا وأن الإضراب ماكان له أن يقع والمؤشرات للتي ظهرت قبله توضح ذلك، فقد كان على العمال ان يعرفوا الوقت المناسب للتقدم بالمطالب، وأن يتفهموا الاوضاع التي شرحت لهم حتى من طرف رئيس الجمهورية نفسه وينتظروا تحسن الأوضاع كما وعدهم الاداري المدير العام الذي لا يعرفون فيها سوى الوفاء بالتزاماته.
ولد شعب قال إنه لأول مرة في تاريخ النضال النقابي في الشركة يحدث انشقاق في وصف العمال ، انشقاق ماكان ينبغي له ان يحدث، وفي النهاية فالنتيجة ستكون خسارة يتحملها العمال، مضيفا أنه ينبغي علي العمال بعد أن امضوا شهرين من الاضراب ولم يوقفوا انتاج اسنيم، أن يعودوا لعملهم ويساعدوا شركتهم في الخروج من الأزمة وبعد ذلك يناقشون معها ما يمكن تحقيقه من المطالب.
يتواصل