وزيرة : تضاعف عدد المؤمنين لدىCNAM :|: الجيش المالي يتفق مع موريتانيا على تأمين الحدود :|: أبرز المشاريع التنموية التي أطلقها الرئيس في كيفه :|: تكليف شركةسعودية بدراسة جدوى خط أنابيب للغاز بموريتانيا :|: رئيس الجمهورية يصل إلى مدينة كيفه :|: مدير BP موريتانيا : علاقتنا متميزة مع الحكومة الموريتانية :|: بيان من نقابة أحرار التعليم :|: "Aura Energy" تعلن إعادة هيكلة اتفاقية اليورانيوم في موريتانيا :|: تعيينات واسعة ب 3 إدارات في شركة "سنيم" :|: BAD يمول مشاريع للبنى التحتية بموريتانيا :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
AFP : موريتانيا أرسلت أدلة على مقتل مواطنيها لمالي
بعد تحديد معايير التزكية... من هم مرشحو الرئاسيات ؟
تحديث جديد على "واتساب" يثير غضب المستخدمين !
أصغر دولة في العالم يسكنها 25 نسمة فقط !!
محامي يحذر من تضررصحة موكله الرئيس السابق عزيز
جولة في حياة الفقيد محمد ولد إبراهيم ولد السيد
 
 
 
 

رسالة إلى أولي البصائر/ د.حماه الله بن السالم

mardi 20 avril 2010


تمر كل الأمم والشعوب والجماعات بأوقات عصيبة حالكة مظلمة مجهولة، لكنها تنبثق منها كالعنقاء المغرب، أقوى بناء وأشد عودا، لأن الضربة التي لا تقتل تزيد الجسم منعة والكيان تماسكا. لكن يجب مصارحة الشعوب والأمم في مثل تلك الأوقات، بالحقيقة كاملة عارية من كل رتوش، ليتبين الحق ويهلك من سيهلك عنه أو يحي.

ليس هنالك ما نخشاه إن عملنا بتلك الحكمة الخالدة والحقيقة الثابتة، إن استمسكنا بقيمنا وهويتنا وثوابتنا وعدنا إلى أعراف الأهل واستنهضنا فيهم الكرامة والشهامة والشجاعة والنبل.

لقد بات أهل هذه البلاد في مهب الريح، يتطاول عليهم كل قصير، ويستنسر بأرضهم بغاث الأقربين والأبعدين، ينهش من أعراضهم ويسفه أحلامهم ويهددهم بالويل والثبور وعظائم الأمور.

وصارت هيبة دولتهم في حضيض الذلة والهوان، عاجزة عن ردع البذاءات والأضاليل والإساءة لثوابتها ومؤسساتها، رغم أنها لا تشكو ضعفا ولا وهنا، بل لعلها أقوى من أي عهد مضى، لكنها تخضع للسلطان الجامع والنظام الرأس الحاكم وأهل حله وعقده ونقضه وإبرامه.

لقد صار حالنا عجيبا غريبا، لا نعلن الولاء للأجنبي وما نظنه معه من جاه ورهب ورغب، و لا نخالفه إلى ما ينهى عنه من القوة والمنعة والصلف والكرامة حفظا لبيضة الدين التي تنهشها منظمات التنصير وحفاظا على هويتنا العربية التي تقدح فيها ألسنة وأيدي المخادعين والمرائين والحاقدين كل بطريقته ونحلته من العيش ورؤى الحياة.

لقد قالها رئيس سابق : " إن هناك بلدا لا يريد لموريتانيا أن ترفع رأسها، وكلما أرادت ذلك سدد لها ضربة موجعة حتى تنحني"، وهو يقصد بالقطع دولة فرنسا، مستعمر الأمس، وخصم اليوم، إن لم نقل العدو المتربص.

سيقول السفهاء منا، إننا شعب كسول وضعيف، وبلادنا مفتوحة متسعة الأطراف، قليلة الموارد والمنابع، كثيرة الأعداء، وكل ذلك حق لا مراء فيه، لكن هزيمته وصده والنصر عليه ممكن ومتسع وبين، ببث روح الكرامة والشجاعة والتآزر والحمية للأهل والأعراف، واستعادة الثقة بالذات معين كل نهوض ونماء، في كل تجارب الشرق والغرب، وحينها ندخل معارك البناء والمقاومة لنخرج أشد صلابة ومنعة وتآزرا. ها هو السودان، نسختنا في التاريخ والجغرافية، صار أشد قوة وأقوى بأسا، برغم المؤامرات والحروب والتمرد والحصار والظلم والتحالف الواقع عليه من أجناد الأرض من العرب والعجم. ولنا أن نعلم أن الحال قبل وصول نظام البشير إلى الحكم بقليل، كان كارثيا بكل المقاييس، حيث الدولة السودانية على شفا الانهيار : قوات التمرد تزحف زحفا لا معقب له، ورأسها قرنق يفرض شروطه من كامبالا واضعا رجليه على طاولة النقاش أمام رسول حكومة الخرطوم المدنية، أما اقتصاد البلاد ففي وضع مزر ومريع.

لكن الحال انقلب خلال أسابيع قليلة استطاع فيها نظام الإنقاذ صد قوات التمرد وتشتيتها في معارك مشهودة في صدرها يوم توريت الأغر الذي اكتسح فيه المجاهدون من جيش عرب السودان كل الأغوار والنجود وصمدوا في الأحواض الوبيئة والقذرة وبتسليح بسيط وذخائر لا تكفي لقتال أسبوع، ولم ينجدهم، بعد الله، إلا هدية من غير سؤال قدمها شعب الصين الأبي، بعد أن تنكر للسودان كل قريب وبعيد، لكن قواته حققت المعجزات، وانتقلت من نصر إلى نصر، وفرضت الدولة هيبتها وباتت حديث الإعلام، تطرد من تشاء وتؤوي من تشاء، وتكيل الصاع صاعين صلفا وكرامة لاستخبارات وساسة الغرب.

وها هو السودان ينطلق نحو العلى، متحررا من أغلال سياسات المجاملة والتحايل والنفاق والتقية والذل والجبن، ليفرض هيبة الدولة وسلطانها، على بلاد تشبه قارة كاملة، وتنهشها ذئاب الأجنبي وعملائه، لكن ضجيج البناء يدوي ورمال الحفر والتشييد هوجاء تغطي عين الشمس.

لم ينتظر نظام السودان أموالا ولا دعما ولا قروضا، بل ضرب عرض الحائط بحكمة البنوك والصناديق الدولية السقيمة الحاقدة، وتنكب مهيع الغي والضلال، ووجه الدولة شطر الثقة بقيم الأهل وتاريخهم واستنهض في شبابه روح الشهادة والصبر والكرامة والعزة، ولم يقم وزنا للمشككين والمثبطين من الخانعين أو المخوفين والمتمردين، فشق طريق النماء والعزة والاستقلال.

ونحن نقول ليس لحاكم في هذا البلد أن يتردد أو يتراخى في إنفاذ قيم الشرع والتمكين للهوية والحضارة، والضرب عرض الحائط بكل دعاوى التردد والتسيس البليد الجبان المنحط، إننا نرفض أن يقال لنا انتظروا حتى يشتد عود الدولة ويقوى ساعدها، بالمال والرجال، وحتى يعتدل مزاج الأحواز والأقاليم وتركد ريح الدولة في جهات الشمال، فتلك خطة لا غناء فيها ورأي لا خطر له، لأنه عين الضلال و مهيع الذل والمهانة وفوات الفرص وانحلال العزيمة وضياع الأمل.
كل الشواهد والأدلة تدحض شعارات النظام والحاكمين علنا أو سرا، في السعي للنماء والبناء، وإلا فكيف يمكن تبرير تحقير اللغة العربية و التوهين من شأنها، والمجاملة في إنفاذها والعمل بها، وكيف يكون الجواب عن معاول الهدم والإلغاء والإفساد في تراثنا وهويتنا وثقافتنا، تحت سيف مصلت هو قرار نقض دائم ترفعه الدولة أو تعمل بمقتضاه لإفشال كل عمل أصيل أو نبيل أو منير في الثقافة والفكر والحياة، وكيف يمكن تبرير أو تسويغ تحطيم التعليم والتربية ووأد رجال الدرس الأكفاء المعربين الذين يعيشون في الظل مهمشين أو مضطهدين، بعد أن أنفقت البلاد ففي تكوينهم أعواما وأموالا وجهدا.

ومن يفسر لنا الميل للسان الأجنبي في الخطاب والسلوك والحديث والعمل، وأين هذا السلطان الأعظم الذي يمنع بلدا مستقلا وأهلا أحرارا من النطق بلسانهم والعمل بمقتضاه؟

خسئت طروحات وأفكار أصحاب التبرير والتبديع والتردد من الكاتبين والباحثين والساسة، الذين يفرغون جهدهم في حبك الأكاذيب و ركم الضلالات تمكينا للغات العدو ومنطق الطير وتوهينا من لسان الأمة ووعاء دينها وهويتها.
لا حرب على الفساد، حقا أو باطلا، مانعة و جالبة، نقمة أو شرا، أو انشغالا، يمنع البناء والنماء والتمكين لقيم الأهل ونحلة عيشهم.

إنها والله لحال عجيبة، تلك التي ترينا دولا جارة أضعف منا بناء وأقل ناصرا، وهي تبني وتشيد وتحارب وتقاتل بأنيابها عن ثوابتها ومقدساتها، ولم تتعلل يوما بخوف ولا وجل من قريب أو بعيد.

إنه أمر عجيب ذلك الذي نراه في كل البلدان والأمصار، دول تبني وتستقل وتنهض، تمكن لثقافتها وقيمها وترفض الذل والخنوع ولا تجامل في عرض ولا كرامة، وهي تحارب أعداءها في الداخل والخارج، لا تتراجع ولا تستكين. وليس كل ذلك بضائر أهلها شيئا.

لكننا نحن الموريتانيين نعيش الوهن والمذلة والعار والخوف، حتى بتنا نخشى الحديث عن أنفسنا بأسمائنا ونتجافى الإشارة إلى مصالحنا وحقوقنا، ثم ليس ذلك بمانح سلما ولا ودا، ولا خيرا ولا أمنا، بل حبل التنازل على جراره، ينتهك الحرمة بعد الحرمة والكرامة بعد الكرامة، حتى بتنا نستمرئ الذلة والخوف والجبن ونرضى بالقليل من الهدنة والعيش الذليل، حتى صرنا نردد "ما لجرح بميت إيلام، أو كدنا، ولم ينتفض حر لا في رأس الدولة ولا في ذيلها، للصدع بالحق والإعلان بالحقيقة، وتهديد المفسدين والمرجفين والخونة والعملاء، فرضا لهيبة الدولة وتمكينا لثوابتها.

لقد تمهد لأرباب العقول الراجحة والحكمة المتسقة، أن هذه البلاد قوامها بأهلها وهم قبل الدولة وبعدها، شادوا بناءهم الحضاري في غنى عنها ومكنوا لدينهم وهويتهم في فراغ من السلطة وانقطاع عن العمران ونأي عن أمصار السلطان والحضارة في دار الإسلام.

لكنهم لم يساوموا على دين ولا عرض ولا لسان، ولم يجاملوا في خلق ولا دار، بل قاتلوا وقتلوا في السهول والجبال والنجد والأغوار ضد محتل حاقد لئيم قوي عددا وعدة، لم ينتظروا تسيسا ولا نفاقا ولا تقية . كان ذلك حال غالبيتهم وشأن أهل حلهم وعقدهم، ولم يرضوا بأن يكونوا مع الخوالف وقنعوا باليسير من القوت فعاشوا أعزة أصحاء.

لقد صرنا غرباء في بلدنا تعتصر قلوبنا مرارة الوهن والضعف، يحتوشنا حقد وغمز شياطين الأنس والجن، الذين اهتبلوا فينا غرة الوهن والرضى بالعيش الذليل، تنتهك حرماتنا العامة والخاصة، فنقبل، ويعتدى علينا في ديارنا فنداري، وتقدم لنا الفضلات فنرضى.

عقيدتنا في مهب الريح تنهشها أزيد من سبعين من هيئات التنصير والمنكر والشبه، تجوس خلال الديار والمنابر، تأمر بالمنكر فنرضى وتغير خلق الله فنقبل.

وهويتنا تداس وتحتقر، يسبها كل لئيم ويتطاول عليها كل نكرة ويتجاهلها كل إمعة، أسلمنا فلذات أكبادنا لحياة الدعة والشهوات والسخرية من قيم السماء وأعراف الأرض، وطردنا للشوارع ألوف الشباب الأبي يموت جوعا أو يتكفف الأقربين لإقامة الأود، ينظر بحسرة ومرارة إلى دولته التي تحكمها لغة الأجنبي ورجاله ونماموه وجالبوه وصيادوه وفاسقوه، يأخذون الأموال من غير حلها وينفقونها في غير محلها، إعمالا لمعاول الهدم في كيان الأهل وناموسهم في الدين والحياة.

ظن بعضهم، جهلا أو تجاهلا، أن السير في طريق التقية عين الصواب ومكمن الحكمة والعقل، سفها وسفاهة وضعفا ومهانة، حتى لقد طالعتنا عناوين الصحف (موقع الأخبار الالكتروني بتاريخ 11/04/20010 : الحكومة تعتذر للطلاب الزنوج وتنفي أي نية لديها لتعريب الإدارة !

وجاء في التفاصيل : "اعتذرت الحكومة الموريتانية رسميا للطلاب الزنوج بجامعة نواكشوط عن سوء الفهم الذي صاحب تصريحات الوزير الأول، ونفت أي توجه لديها بشأن تعريب الإدارة أو المساس بالوضع القائم. وقال وزير التعليم العالي والبحث العلمي أحمد ولد باهية في حديث مع النقابات الطلابية إن الحكومة لا تنوي بأي حال من الأحوال المساس بالوضع القائم، في إشارة إلى الضجة المفتعلة حول التعريب معتذرا باسم الحكومة للطلاب الزنوج الذين واصلوا تظاهراتهم خلال الأسابيع الماضية. الوزير (وزير التعليم العالي..) وفي لقائه مع النقابات الطلابية قال إن وزيرة الثقافة أسيئ فهمها فاللهجات التي عنت في خطابها هي اللهجة المصرية والسورية الوافدة عبر مسلسلات التلفزيون وليست اللهجات المحلية، غير أن طالبة زنجية قاطعته قائلة لست ناطقا باسم وزارة الثقافة ونقدر لك اعتذارك باسمها لكن على الوزيرة المعنية الاعتذار.

وعن التخليد الذي قامت به الحكومة بمناسبة اليوم العالمي للعربية قال الوزير إن الحكومة خلدت يوم العربية تماما كتخليدها لليوم العالمي للفرانكفونية نافيا وجود أي توجه بشأن التعريب لدى الحكومة الحالية. وقال الوزير إن كل الرسائل الصادرة عن الحكومة ظلت بالفرنسية وستظل كذلك وإن المخاوف التي يعرب عنها البعض واهية وهدفها الدفع باتجاه توتير الأوضاع ليس إلا". اهـ الاستشهاد.

وتعليقا على مهنية الخبر، لايفوتنا ما أدخله كاتب الخبر (...)، حين علق عرضا : إشارة إلى الضجة المفتعلة حول التعريب... ما شاء الله لقد أبدعتم في الأمانة والمصداقية طلبا لرضى لن تدركوه ومن طرف لا وزن له !

نقلت هذا النص كاملا ليكون أهلنا وإخواننا، في الداخل والخارج، على بينة من أمرهم، وليروا رأيهم في الذي يجري من تآمر على العربية وأهلها، وسخرية منهم وكيد لقيمهم وهويتهم وثقافتهم ومصالحهم. وليبقى وصمة عار في جبين النظام الموريتاني الحالي رئيسا وحكومة ووزراء، ومنهم وزير التعليم العالي، الذي لم يستطع أن يسجل لنفسه مكرمة الرفض بالاعتذار أو على الأقل تقديم الاستقالة من وزارة لا قيمة لها عند الحاكم ومن حوله، وليس لها من محتوى ولا نظام.

هل بلغ بنا الهوان هذا المبلغ؟ هل وصل تنكرنا لهويتنا لدرك الانحطاط؟ هل سمعتم بدولة تعتذر أمام بضعة طلبة مخالفين للقانون، عن إنفاذها للدستور، ولو مجازا، وتحلف بالأيمان المغلظة أنها لم تقل الكلام الفلاني وإن كان رأس حكومتها تجرأ وقال مثل ذلك الكلام، فقد كان يقصد شيئا ما لكنه قطعا ليس ما يثير حساسية قلة من الناس وقلة من تلك القلة زعمت أنها تملك سلطان الكلام باسمها.

لقد دلت الخبرة التاريخية أن النظام الموريتاني، ظل يتعامل بصلف وبطش مع أي مطالب عادية لمجموعة من المدرسين أو النقابيين من سواد هذا الشعب، والكل يعلم كيف أطلق النظام شرطته للبطش بهم ومن دون رحمة، أما الاعتذار عن الاهانات والمظالم فهو كعنقاء مغرب.

لقد سكتنا عن اتفاق دكار، عاصمة السوء التي شهدت دماء عرب هذه البلاد أنهارا، سودا وبيضا وحمرا، لأنهم ينطقون اللهجة العربية الحسانية ويلتزمون هوية صحراوية بارزة.

لقد وجدنا في نظام الرئيس سيدي رجوعا للفرنسة والعلمنة، وإساءة للأغلبية والأمة، وتعلقنا بحلم الوطنية لدى أبناء جيشنا، وشعرنا ببعض الكرامة مع عودة النظام والسكينة لبلدنا.

إنه إعلان صريح لردة أعراب الصحراء عن لغتهم وهويتهم، وفتح لباب من الشر لن يغلق أبدا، تكريسا لخطاب وقح ودنيئ وسافل وبذيئ وجبان يجعل من ثوابت هذا الشعب التي نالها بالتاريخ والنضال والصبر، جريمة سيعاقب من يدافع عنها مستقبلا.

هل صارت اللغة الفرنسية "هولوكست" يعاقب كل من يدعوا إلى إلغائه أو المساس به؟ لنقلها جهارا وعلنا وبوضوح تام : إن مشروع عصابة الفرنكفونية الدنيئة من الزنوج والعرب، هو تكريس الفرنسية لغة رسمية نهائيا وجعل العربية لغة مسجد مهجور، وتقديم اللهجات الإفريقية ومنها الحسّانية والبربرية كتراث فسيفسائي تشريعا للقضاء على الهوية الجامعة في وعائها الشعبي أيضا، حتى لا يتبقى شيئ، ثم يتم إفراغ الدستور من المادة 6 المرسّمة للعربية ويتم محو ما يكرس مكانة الشريعة الإسلامية.

لا شأن لنا بالزنوج ولا بالعرب والعجم، فقد حصحص الحق وظهر البرهان، فالدولة الوطنية نظاما وهيئات، هي المسؤول أولا وأخيرا عن تحقير اللغة العربية وتهميشها والنيل منها والغض من مكانتها، واحتقار أهلها والكاتبين بها والعاملين بها والدارسين بها وحتى الحالمين بها.. كل سواء ليس لهم إلا السخرية والإبعاد.

نعم ليس للنظام الذي يمثل الأغلبية وينطق باسمها، أو هكذا يتصور، أن يعتذر للأقلية باحتقار الأغلبية ويمكن لتلك بظلم هذه.

وإلا فليجبنا من يملك جوابا عن أي شرعة أو في أي بلاد تحت الشمس، تضام الكثرة وتنصف القلة، ووفق أي عدالة يتم الضرب صفحا، عن حق الموريتانيين في العمل والخطاب والدرس بلسانهم الذي كرمه رب السماء ومكنت له في الأرض فتوح البلدان يقودها جلة الصحابة والتابعين يخوضون الوغى بالمغيرات صبحا.

ووفق أي منطق يتم التنكر لعقود من الجهاد والمقاومة والنضال ضد المحتل المخلف في الملة الظالم المعتدي، وقد رحل مدحورا لم يستطع يوما التمكين للسانه ونظامه.

هل كان المجاهدون والمقاومون على ضلال وغيرهم على صواب؟ إنه سؤال مشروع، بل لعله أكثر مشروعية من كل السؤالات والطروحات التي تعج بها سوح الفكر والسياسة هذا الأيام.

لماذا رحل المحتل الدنيئ الغاصب؟ لماذا أعلن الاستقلال الناقص؟ ألم يكن أولى بنا أن نترك دار ابن لقمان على حالها، ندبر الشأن العام بلسان المحتل ونعلم أبناءنا بلسانه، وقد يأتي يوم نصلي ونسبح به أو نكاد. ألم تصبح إداراتنا مفرنسة بالكامل، وليست وريقات قليلة باللغة العربية تلحظ هنا أو هناك إلا ذماء الفتيل قبل أن ينطفئ؟ ألم يتم محو اللغة العربية وبضربة واحدة في التعليم والتربية، ولم يبق لها غير معارف الإنسان والدين المفرغة من كل قيمة ومحتوى؟ ألم يتم خوصصة التعليم بالكامل لصالح مدارس الكبير صانتر والصغير صانتر وغيره من أسماء الأوباش والرطانات الأجنبية يلجها أبناؤنا ليخرجوا حمرا مستنفرة متنكرة لهويتها الدينية والثقافية جاهلة بكل ما هو أصيل ونبيل، متعلقة بكل ما هو دخيل ومشوه، ثم لا تلبث حين تشب عن الطوق والجة باب محن الخوف والضياع ولات ساعة مندم.

بأي وحق يعتذر وزير، وقبله وأمامه الرئيس والدولة، عن خطاب خجول لن ينفذ ولن يكون له أي أثر، حتى لقد بتنا نحرم من أن نحلم، مجرد حلم، بإرجاع نزر من الاحترام للغة العربية.

أقول للرئيس الحالي ولمن حوله من رجاله وحكومته، لقد أسأتم لهذا البلد ولأغلبيته، بالاعتذار عن مجرد كلام شكلاني في حق العربية، أي في الواقع في حق هوية الدولة وأهلها برمتهم.

إن ما جرى ليس اعتذارا من وزير لطلابه، بل هو طلب الغفران من سدنة الفرنسية في فرنسا وأفريقيا وموريتانيا تحديدا، خوفا على كرسي الحاكم وخشية من مكرهم.

إذا كنتم تخشون بطش الأجنبي، فاتركوا السلطة لمن لا يخشى إلا الله، وهم كثر في هذا البلد، وإذا كنتم لا تستطيعون رفض الإملاء الخارجي، فاتركوا الأمر لمن هم أولى منكم بتحمل المسؤولية؟

ثم لماذا لم يعتذر الرئيس ووزيره الأول ووزيره الثاني لهذا الشعب : لدينه وهويته وثقافته وكرامته ولتاريخه؟ أليس كل أولئك أجدر بالتكريم والاعتذار من الإساءة إليهم؟ لماذا لم يعتذر النظام عن استمراره في جريمته المستمرة في حق عشرات الألوف من شباب هذا الشعب، من "أهل العربية" الذين يعيشون التهميش والبطالة والتحقير والهوان في بلدهم وبين أهليهم وفي ظل ما يظن أنه دولتهم وسلطانهم؟

لكنه الواقع المرير بكل تفاصيله، إن أهل هذه البلاد من العرب على وجه التحديد، أغلبية لا تساوي شيئا، حتى لو انحازت إليها المجموعات المعربة من الزنوج والتي يتم إهمالها وظلمها والحديث باسمها من قبل عصابة الفرنكفونية.

لقد صرنا أغلبية مضطهدة، لا تساوي شيئا، لا رأي لها، لا يهم أن نتأذى بأي قرار أو خطاب أو فعل، علينا أن نقبل وأن نذعن وأن نعتذر بل وأن ندفع من تاريخنا وكرامتنا ولحمنا ودمنا لمن يجلدنا صباح مساء.

على النظام رئيسا وأركانا ورجالا، أن يعلم أن حربه على الفساد، حقا أو باطلا، لن تغيظ عدوا ولن تسر صديقا، ولن تعطي شرعية، إن لم يتم إنهاء هذه المهزلة الكبرى والجريمة النكراء، بتكريس هيبة الدولة وفرض سلطانها على الناس جميعا، وفقا للدستور وانطلاقا من حقائق الواقع، من دون تزيد ولا تعسف.

شأنكم بفسادكم وحربكم عليه، لا ناصر لكم ولا مدافع عنكم، لقد أسأتم إلينا وأبلغتم في الإساءة، وتنكرتم لحقوق الأغلبية وحقائق الوطن ، حسنت نياتكم أو ساءت.

أما المنافقون والمترددون والمراءون والمخادعون، فنقول لهم خيب الله آمالكم وتعسا لكم وترحا.
تلك سطور نعذر فيها إلى الله وبيان إلى أولي البصائر..

ولله الأمر من قبل ومن بعد..

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا