تعيين قادة لسرايا الشرطة في نواكشوط الشمالية :|: « قمة البحرين » مهمة لتعزيز العمل الاقتصادي العربي :|: انطلاق النسخة الثانية من الملتقى الدولي للمرأة :|: بانجول : ولد الخال يجري لقاء مع رؤساء لجان حقوقية أفارقة :|: إفريقيا تستغل 10% من إمكاناتها في الطاقة الكهرومائية :|: محافظ البنك المركزي يتحدث عن الشمول المالي :|: تعيين الأستاذ إسلمو ولد صالحي مستشارا لرئيس حزب الإنصاف :|: أمريكا : متحمسون للدخول في شراكة مع موريتانيا :|: صلاة الجنازة على جثماني الطياريْن العسكرييْن :|: إطلاق منصة رقمية لاستقبال ومعالجة الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي
جولة في حياة الفقيد محمد ولد إبراهيم ولد السيد
بعد تحديد معايير التزكية... من هم مرشحو الرئاسيات ؟
AFP : موريتانيا أرسلت أدلة على مقتل مواطنيها لمالي
أصغر دولة في العالم يسكنها 25 نسمة فقط !!
من يوميات طالب في الغربة(6) :نزهة في "أريانة" مع ضيافة موريتانية أصيلة
تعيين الأستاذ إسلمو ولد صالحي مستشارا لرئيس حزب الإنصاف
الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع يظهر في صورة حديثة
إعادة تمثيل جريمة قتل الشاب العسكري بنواذيبو
 
 
 
 

الثقافة التزام... أو لاتكون !..د. محمد ولد عابدين *

samedi 4 mai 2024


لامراء فى أن الثقافة من المفاهيم المركبة الملتبسة الشائكة التى تأبى تعريفا جامعا مانعا -كما يقال - لغويا وابستمولوجيا وانتروبولوجيا ، إلا أنها تظل مرتكزا محوريا فى حياة الشعوب والأمم ؛ فهي رافعة النهضة وربيبة الحضارة وركيزة التنمية.

إنها من الناحية الانتربولوجية تمثل العلاقة الحيوية بين الإنسان و الوجود ؛ فهي تجسيد للكينونة والهوية بأشمل معانيها وأعمق تجلياتها ، وبهذا المفهوم القيمي تغدو الميزان الفصل الذى يقاس فى ضوئه مدى تطور الشعوب أو تخلفها ؛ فبقدر ماتنتج من ثقافة وأدب وإبداع تثقل موازينها ، فى حين تنكفئ شعوب أخرى ويتراجع أداؤها العلمي ويشح عطاؤها المعرفي ؛ فتخف موازينها !..وفى كلتا الحالتين فإن المسؤولية التاريخية تقع على عاتق المثقف الذى بات لزاما عليه أن يعي ضرورة حضوره الراهن ، وحاجة المجتمع إلى التفاعل معه والتعاطي مع مشروعه الفكري وخطابه التنويري فى شتى مناحي حياته الإجتماعية والسياسية والثقافية والأدبية.

ويبقى الحديث عن دور المثقف فى ظل غياب اقتناص المفهوم ؛ حديثا نظريا وفى غاية التجريد ، إذ أن مفهوم المثقف من المفاهيم التى يقترن استخدامها بميوعة شديدة فى العديد من السياقات والفضاءات.

ولأن المقام ضيق والموضوع متشعب ، فلنا مندوحة عن الخوض فى تحديد المفاهيم وتدقيق المصطلحات على غرار مايتطلبه البحث الأكاديمي ، وسنكتفى بإضاءات وإشارات سريعة إلى مانعنيه بالمثقف الملتزم والأدوار التى يراد له النهوض بها.

لا جدال فى أن الاتصاف بخاصية الثقافة يقتضى نسقا من المقومات والمرتكزات الاستثنائية ، ويستدعى تحصيل واستيعاب منظومة من المعارف والعلوم والخبرات والتجارب ؛ تتحول إلى رصيد ذاتي وجزء من مكونات ومقومات الشخصية الثقافية لحاملها ، وكثيرون هم من يحملون هذه الصفة -أويتحملونها- لكن قليلون هم من يمثلونها أو يتمثلون قيمها ويترجمونها فى حياتهم العملية ، لتتحول من طورها المفاهيمي النظري إلى خاصية الممارسة السلوكية الميدانية.

إن مفهوم المثقف يرتبط ارتباطا جوهريا بقيمته النضالية وأرومته النقدية ، ووظيفته التنويرية وروحه الثورية ؛ فهو عنوان لكل الممارسات الثقافية المنافحة عن المظلومين والمغبونين والمهمشين ، والمواقف الشجاعة المناصرة لإشاعة قيم الخير والحق والعدل فى المجتمع.

فالمثقف ينهض بوظيفة ذات مكونات متعددة ؛ معرفية واجتماعية وأخلاقية وإديولوجية ؛ فهو من تتكامل فى شخصيته وتتضافر فى تشكيل وعيه كل هذه الأبعاد مشفوعة أو مقرونة بما يمكن أن نطلق عليه كلمة السر فى شخصية المثقف الوطني ، ألا وهي " الالتزام ".

أقول ذلك وقد اطلعت على حضور هذا المفهوم ومركزيته ؛ عبر تراث باذخ من تاريخ الفكر والوعي الإنساني الحديث والمعاصر ، فلاينبغى أن يغيب عن الأذهان والأفهام أن فكرة "الالتزام " انبثقت من رحم تيارات فكرية وفلسفية ، ومقاربات إيديولوجية معروفة في سياقاتها التاريخية وحواضنها السياسية والاجتماعية.

فقد نضجت أساسا في القرن العشرين مع الماركسية المعروفة بتركيزها على البعد الجدلي بين النظرية والممارسة ، والدعوة الصريحة الملحة إلى حتمية "تجنيد الفكر من أجل خدمة قضايا وهموم الطبقة الكادحة" وتم التعبير عن الفكرة والتنظير لها بعمق ورصانة فى كتابات " غرامشى " حول " المثقف العضوي " و" المثقف التقليدي " بيد أن الفيلسوف الفرنسي الوجودي جان بول سارتر ؛ يظل صاحب الأثر الأكبر والتنظير الأشهر لمقولة " المثقف الملتزم" الحاضر بقوة فى قضايا وطنه ؛ المسكون بهموم مجتمعه مع نزعة إنسانية رحبة فى بعض تجلياتها.

إن استدعاء علامات فلسفية وقامات فكرية مضيئة مثل سارتر وغرامشى وغيرهما...لاينخرط فى سياق رغبة في الاستنساخ أو الاجترار لمقولاتهم وطروحاتهم ، بقدرما هو دعوة للاستئناس والاستلهام وإعادة التأمل فى ماهية دور المثقف ، وتجديد وتحديد مهامه فى" الالتزام" التى لايكتمل وجوده الثقافي بدونها ، فهذه الوظائف هي التى تخرجه من فرديته المعرفية إلى كينونة اجتماعية أكثر عمقا ورحابة وتواصلا وفاعلية.

ووفقا لهذا التفكير الأكاديمي الرصين المستبطن للفكرة - حتى فى غياب الوعي الإيديولوجي للمفهوم - يولد المثقف الملتزم أو العضوي أو الريادي أو الطلائعي ؛ رمزا للعلاقة الجدلية بين الثقافة والمجتمع ونبراسا للتنوير والتثوير ، وأيقونة للنضال والتغيير ؛ من أجل إحقاق الحق وتجسيد قيم الخير و العدل والعيش الإنساني الكريم فى كنف الإخاء والرخاء.

*د. محمد ولد عابدين
أستاذ جامعي وكاتب صحفي

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا