خطاب الرئيس في القمة الاسلامية ببانجول :|: لقاءات للرئيس على هامش قمة بانجول :|: انطلاق مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في بانجول :|: مسؤول في الناتو : لا ننوي إقامة قاعدة عسكرية في موريتانيا :|: مشاركة موريتانية بمعرض الصناعة التقليدية في باريس :|: وزيرا الدفاع والداخلية يزوران المناطق الشرقية :|: “واتس آب” يحصل على ميزات جديدة :|: ارتفاع مؤشرأسعارالغذاء العالمي للشهر الثاني على التوالي :|: الرئيس يغادر إلى غامبيا :|: بسط هموم الصحافة في حفل عشاء خاص :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
AFP : موريتانيا أرسلت أدلة على مقتل مواطنيها لمالي
بعد تحديد معايير التزكية... من هم مرشحو الرئاسيات ؟
أصغر دولة في العالم يسكنها 25 نسمة فقط !!
تحديث جديد على "واتساب" يثير غضب المستخدمين !
محامي يحذر من تضررصحة موكله الرئيس السابق عزيز
 
 
 
 

شمال مالي/ ثمن العقوق...!! /حبيب الله ولد أحمد

mardi 3 avril 2012


كما تسقط الشجرة الضعيفة- أيام القحط - سقطت الدولة المالية، منهارة صريعة تحت أقدام من يفترض أنهم أبناؤها (الذين رفضوا فجأة أن يتحدوا حول أي هدف باستثناء إذلال بلدهم وتدميره وإشاعة الفوضى في مؤسساته والرعب بين سكانه وضيوفه وجيرانه)...

وكما يحدث بعد سقوط أية شجرة، فقد خرج - هذه المرة أيضا - من تحت "الشجرة المالية" المنهارة ما كانت تخفيه من بغاث وحشرات، وجيوش خفافيش، وحيات واطئة...خرجت – مجتمعة - لتجهز على ما تبقى من حياة في جذور "الشجرة" ولبابها...وهكذا خرج متمردوا "الطوارق"، ومسلحوا تنظيم "القاعدة"، ومحاربوا الجماعات التكفيرية، ورجال القبائل العربية والزنجية، ومهربوا السلاح، والمرتزقة، وشذاذ الآفاق، خرجوا مجتمعين (وهم الذين لم يجمعهم انتماء حقيقي لدين أو ووطن أو قومية) ليخربوا بيوتهم بأيديهم وأيدي القوى المتربصة ببلدهم ووحدة شعبهم .

عجز الجيش المالي عن القيام بمهامه الدستورية، وصيانة مالي أرضا وشعبا وكرامة وعلما ومؤسسات، فارتأى صغار ضباطه أن عليهم إحداث فوضى، تشغل الناس عن جريمة تخلي المؤسسة العسكرية عن دورها جبنا وتوليا يوم الزحف، فكان الانقلاب الآثم على الرئيس "أمادو تومانى تورى"، وهو الانقلاب الذي أتاح الفرصة للمتمردين والانفصاليين في الشمال، للانقضاض على حاميات عسكرية محبطة مرتبكة، ترك رجالها السلاح لمتابعة تطورات الأوضاع غير المستقرة في باماكو ( يمكنكم هنا التفكير في وضعية موريتانية مشابهة غداة العاشر من يوليو1978) ...

لقد طعن "الأزواديون" بلدهم من الخلف، وهم الذين لا يملكون أية قدرة على الانفراد بالإقليم(في شمال مالي توجد جماعات متنافرة لن تسمح إحداها للأخرى بإزاحتها والاستئثار بالإقليم الفقير على حسابها فهو لا يصلح وطنا إلا للبدو المسالمين الهاربين بأنفسهم وقطعانهم بعيدا عن الضجيج أو قطاع الطرق وتجار السلاح والعابرين على عجل) أحرى أن يستطيعوا إقامة دولة خاصة بهم..!!

إن الحقائق والوقائع على الأرض كلها تؤكد أنه ليس من المنطقي (من الناحية التقنية) إقامة دولة ذات سيادة في تلك الأراضي الجرداء التي تسمى "أزواد"، حيث لا موارد اقتصادية، ولا يد عاملة مدربة، ولا شعب يمكن له الاقتناع بأكثر من الحياة خلف القطعان بين الكثبان الزاحفة والأفق المغبر، المسيج بعادات وتقاليد (عمرها ملايين من السنوات)، تتناقض غالبا مع القوالب المتحضرة للدول الحديثة..!!

وقد ارتكب العسكريون "الطوارق" حماقة كبيرة عندما اعتقدوا أن عدة سيارات رباعية الدفع، ومجموعة رجال وراجمات صواريخ مهربة من ليبيا، وقطعة قماش ملونة، وحفنة مرتزقة، تكفى لإنشاء دولة مستقلة، ولم يتعلموا من تجاربهم في ليبيا والنيجر والجزائر وغيرها، أنه ليس بمقدورهم الاعتماد على أنفسهم لإقامة دولتهم الحلم، لأسباب ذات أبعاد ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية معروفة.

إن الشمال المالي ليس أرضا "أزوادية" بالكامل، فالعرب موجودون هناك و يعيشون هواجس عديدة، بين مطرقة الدولة المالية المنهارة، وسندان حلم "الطوارق" بتأسيس كيان خاص بهم، ولا أحد يضمن أنهم سيسكتون على وضعيتهم تلك إلى الأبد خاصة في ظل بلد تحول إلى بقرة صريعة تحت رحمة سكاكين ملاكها( لا يمكن اعتبار القبائل العربية الضاربة في مالي الحلقة الأضعف في الصراع الحالي على السلطة لاعتبارات محلية وإقليمية عديدة)، والمجموعات الزنجية لم تحدد حتى الآن موقفها،(الكل يعلم أن الزنوج لن يتركوا بلدهم الذي يشكلون غالبية سكانه نهبا للمجموعات التي يرونها أحيانا مجرد مجموعات وافدة يمكن طردها في أية لحظة خاصة عندما تحاول تلك المجموعات إقامة كيانات تخصها على حساب الوطن الأم)،

إلا أنه من الواضح أن كيانا ماليا قويا وموحدا سيكون ارحم بالجميع زنوجا وعربا وطوارق من أحلام الانفصال والتمرد والعقوق، ففي ذلك الشمال "كشكول" معقد (وغير قابل للتعايش ولو مؤقتا) من محاربي "القاعدة"، و"تجار السلاح"،و"السلفيين"، و"المرتزقة"، و"قطاع الطرق"، و "مجندى المخابرات" الإقليمية والدولية، "كشكول" غامض تكوينا وهدفا ومستقبلا، فبين مكوناته من لا يريد بلدا مستقلا، ولا حتى حكما ذاتيا أو "إمارة إسلامية"، ولا "دولة خلافة"، ولا يريد أكثر من خطف الناس - مواطنين وأجانب - واستبدالهم بالمال، وقطع الطريق والسطو المسلح، وسيعانى أي كيان "أزوادي" قادم - على افتراض نشأته - من وجود ذلك "الكشكول" المتنافر الذي لا يحركه هدف واحد، ولا يتحرك تحت راية واحدة، ولا يؤمن جانبه حتى من طرف بعض مكوناته..!!

لقد خنق الماليون بلدهم، وحرقوا المنطقة بكاملها، دون أن يدركوا أنهم أول المحترقين، ف"الطوارق" ليس من حقهم الخروج على بلد اندمجوا فيه عبر القرون، ولم يظلمهم بقدر ما أنهم ظلموا أنفسهم بالانزواء في حياة الصحراء، غير مفكرين بمستقبل أجيالهم، ولقد كان عليهم أن يحققوا أحلامهم داخل كيان مالي وطني قوي موحد، لو أنهم اخذوا بأسباب ذلك ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، ولم يفضلوا البقاء في "قوقع" تاريخي تلفه الأساطير، ويجلله التيه الأبدي بين ثلاثية الجمال والرمال والجبال، فمن كان سيمنعهم من قيادة عملية التطور في مالي و ريادتها؟... ألم يكن بمقدور هم تعليم أبنائهم، ومخالطة بقية مكونات شعبهم، وبناء بلد قوي بقواسم مشتركة..؟

وما العيب في أن يرضخوا لقرارات الأغلبية في مالي احتراما للقيم الديمقراطية التي يتشدقون بها، وحفاظا على وطنهم الذي يفترض فيهم حبه والدفاع عن لحمة شعبه؟ !!

أما الجيش المالي فقد ظهر ضعيف العقيدة العسكرية، منعدم الروح الوطنية، هاربا من جبهات القتال في الشمال إلى شوارع العاصمة، ومن خنادق الجبهة إلى فنادق "باماكو"، في أسوإ خيانة جماعية وطنية عظمى من ضباط وجنود كان يفترض أنهم هناك في الشمال، لمقارعة أحلام التمرد والانفصال..

ومن الطبيعي أن تعيش مالي أجواء من الفوضى، في غياب نظام قوي مجمع عليه...ولولا أجواء الفوضى، وتخلي المؤسسة العسكرية عن واجباتها تجاه بلدها وشعبها، لما صالت عصابات القتلة ومهربي المخدرات والسلاح وجالت في "كيدال" و"تيمبكتو" وغيرها من بلدات الشمال المنكوب..

إن شعار "حق تقرير المصير" الذي رفعه المتمردون "الطوارق" هو كلمة حق أريد بها باطل، ولم يعد شعارا ينطلي على أحد، فأين كان هذا الحق وطلابه "الشجعان" عندما رضي "الطوارق" بالحياة والانسجام- حتى وهم يتجرعون الظلم والتهميش - في كيانات قطرية أخرى بالقرب من مالي؟ !

وهل أن حق تقرير المصير يتجزأ، وهل هو مشروع لكل "الطوارق" أينما وجدوا، أم فقط لمن منهم يرون البلد الذي يقيمون فيه ضعيفا مهزوزا منكوبا؟ !!

ولماذا لا يفكرون في تقرير مصيرهم في كل الدول التي ينتشرون فيها؟ !

لقد بات واضحا أن مرتزقة وأسلحة وأموالا تم تهريبها من ليبيا، إلى جانب ضعف الدولة المالية وهشاشة أمنها واقتصادها، هي كل المعطيات التي اكتشف من خلالها "طوارق" مالي فجأة أن عليهم التحرر وتقرير المصير والانفصال، وهي نفسها المقومات التي رأوها كافية ومتاحة لإقامة كيانهم الخاص، وهم الذين لم يسالوا أنفسهم ما الذي بمقدور مالي الفقيرة المنهكة بالأزمات تقديمه لهم لجعلهم أفضل من بقية مواطنيها؟ !

إن الانفصال يجب أن يكون عملا مرفوضا مهما كانت مبرراته، ومن حق شعوب المنطقة أن ترفض إنبات كيان جديد خديج في شمال مالي، فمجرد تفكير "الطوارق" في تأسيس بلد خاص بهم (وحتى مع استحالة ذلك واقعيا) يعنى خلق جو من التأزم في المنطقة، ستدفع شعوب مالي وموريتانيا والجزائر والسنغال والنيجر وبوركينافاسو ثمنه مجتمعة ومنفردة، (في كل دولة من هذه الدول أحلام انفصالية تنمو كأورام سرطانية قد يستحثها وجود كيان من أي نوع خارج عن سيطرة أية سلطة مركزية في شبه المنطقة) فمع الفوضى السائدة في مالي حاليا لن يتحقق أمن ولا رخاء، وستتوقف عجلة التنمية (الناقصة الريح أصلا) في المنطقة..

ويتعين على حكومات شبه المنطقة العمل فورا، وبدون تردد على إعادة الشرعية، وإرساء نظام مجمع عليه يحكم مالي ويبسط سيطرته على أرضها شمالا وجنوبا وغربا وشرقا، والوقوف بحزم في وجه إنشاء أية كيانات ورقية مصطنعة في شبه المنطقة.

ومن الأكيد أن الماليين الوطنيين الشرفاء سيفيقون من هول الصدمة – عاجلا أو آجلا - لإنقاذ بلدهم من تبعات هذه الحروب والانقلابات القذرة، حتى لا يدفع المزيد من ثمن عقوق بعض أبنائه من الذين أعمتهم المصالح الضيقة العابرة، عن ضرورة الحفاظ على المصالح العليا لبلدهم وشعبهم وشعوب شبه المنطقة.

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا