جيل جديد..برأي سديد(محمد الأمين ولد حبيب)

جيل جديد برأي سد يد

قد لا يتطلب الانتماء لإحدى الطبقات السياسية المتتالية الحاكمة أو المعارضة في بلاد الصمود و النضال إلا معرفة بسيطة بفنون السجال، لذلك يبدوا جليا من خلال تقييم محايد لماضي هذه الطبقة في بلد المليوني سياسي مؤخرا، أن السمة البارزة لرعيلها الأول موالاة أو معارضة، تتمثل في انتهاج سياسية تصاعدية تعمل علي ترتيب الطواقم من خلال إتقان فن التزلف بالنسبة للأولي و التطرف بالنسبة للثانية وهكذا تتسع الهوة بين المعسكرين لكي لا يجد النظام فرصة للتفكير في تغيير الواقع السياسي للبلد و ذلك لشدة انشغاله بنتائج السجال الحاصل بينهما، بغية صيانة المكتسبات الوطنية الكبرى والتي في مقدمتها الوحدة الوطنية من خلال المحافظة علي النسيج الاجتماعي للبلاد.

من جهة ثانية كثر الحديث مؤخرا عن ما بات يعرف بالربيع العربي المتمثل في موجة الغضب الشعبي العارم التي اشتاحت دولا عربية كانت مستعصية علي الآلتين العسكرية والانتخابية في فرض سنة التناوب السلمي علي السلطة فكان الجديد في الممارسات السابقة هو المحاولات المتكررة لاستنساخ هذه التجربة حاجة في نفس يعقوب عجز عن قضائها بواسطة الآلتين المتاحتين ويريد لذلك امتطاء موجة الغضب هذه دون استخدام لحزام الأمان الوطني. و بالتالي فلن تختلف الحصيلة عن سابقاتها، و التي لم تلئم و للأسف الشديد جرحا في أي من البلدان المعنية بل علي العكس من ذلك، تردّت الأوضاع الأمنية والسياسية وافتقر الوطن والمواطن، واتسعت أحزمة الفقر وتزايدت جيوش العاطلين وانسدت الآفاق في وجه الملايين من الذين وجدوا أنفسهم تحت خط الفقر و كما يقول المثل الشعبي " أُل أتريالك خرص ركبت أمراح " و لله المثل الأعلى.

لذالك فٌإننا لن نختلف كثيرا في الرأي عند المتابعة الدقيقة و الموضوعية المحايدة لماضي و حاضر السجالات المتكررة لهذه النخبة التي نعول عليها كثيرا في بناء سقف جديد لموريتانيا الغد، متصالحة مع ذاتها و مرتبطة ارتباطا وثيقا بمحيطها العربي و الدولي، فقد دأب الموالون علي مدح سياسات النظام و علي حجب الحقائق حتى في زمن الثورة التكنولوجية و في عصر "الفيس بوك" متناسين أن الحق لا يتعارض و أن المستتر بالأيام عريان، وإن لم تخنني الذاكرة لا أستحضر موقفا مواليا يؤسس لتصحيح سياسات أحرى أن يقوم باقتراحها بكل موضوعية، وبالمقابل فان المعارضة لا تمل من شتم النظام و تزييف الحقائق دون أدني وجه حق وهو ما قلل من مصداقية خطابها السياسي، و لعلي لا أتذكر كذلك موقفا متعاونا للمعارضة علي إنجاح سياسة حكومية و لا حتى أضعف الإيمان تثمينها، و بين هذا و ذاك يصبح المواطن ضحية للتجاذبات السياسية التي تجعل منه وسيلة للنضال و غاية للسجال مع أن الاهتمام بهمه يعد أمرا من المحال.

و بالمناسبة ألتمس لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، عذرا عندما ألح مرارا علي ضرورة تجديد الطبقة السياسية، وألوم نفسي أولا و المعنيين بها ثانيا لعدم تحمل المسؤولية كاملة من أجل تجسيد فعلي لمقتضياتها، كما أهيب بالإرادة السياسية العليا من أجل ذلك، فالمسالة لن تتحقق إلا بتضافر الجهود بين من يؤسسون لها و المستهدفين بها، كما أن الاستقرار السياسي في البلد لن يتحقق إلا من خلالها لأنه من غير المنطقي أن تساس موريتانيا في زمن ثورة الإعلام و الاتصال بواسطة من كانت لهم هذه الثورة بالأمس القريب ضربا من الخيال، بالإضافة إلي أن من لم يستطع إرساء مبدأ التناوب في الحزب لن يفكر في إعطاءه في السلطة، كما أن النظام يمكن أن يكون أطرا إلا أنه لا يستطيع تكوين السياسيين بل يجب أن يختار من الطيف السياسي من يتطابق معه في فهم ومعالجة الأمور وقديما قيل "كل إناء بما فيه يرشح".

ومن هنا تتبين الحاجة الماسة في موريتانيا اليوم إلي بروز جيل جديد برأي سديد من الطرفين، بلا تهليل و لا تهويل، يتخذ من الموضوعية مبدءا، و من المصلحة العليا للبلد منهجا، ومن النظام سندا، فيؤسس بذلك لعهد جديد، يقال فيه للمحسن كائنا من كان أحسنت فزد و للمسيء أيا كان أسأت فعد، و تعتمد فيه مبادئ العدل و الإنصاف و القاضية بولوج الشخص المناسب للمكان المناسب، و يشعر فيه المواطن بانتمائه لوطنه بعد أن كان مبعدا في كل الأحوال، وعليه فالشعب يريد الجيل الجديد و النهج الرشيد و الرأي السديد و الله يفعل مايريد.

وفقنا الله و إياكم لما فيه خير العباد و البلاد.

محمد الأمين ولد حبيب
الهاتف : 26549091، 46549091 و 36607756
البريد الالكتروني : mlhabib@mauritanie.mr