كنا كطلبة نتواصل مع الادارة لمعرفة وقت صدور النتائج،وبعد تحديد اليوم الموعود اتفق طلاب كل مستوى على حضور نتائجهم مجتمعين للتهنئة للناجحين والتخفيف عن الراسبين (السنة الأولى فيها 200 طالب تقريبا).
في حدود الساعة الحادية عشرة صباحا من أحد أيام يونيو الصيفية الساخنة عام 1997 علقت النتائج في مكان الملصقات الادارية بالمعهد في "مونفلوري" قبالة الساحة بعد قراءتها من طرف رئيس لجنة الامتحان لكل مستوى.
أقبل الطلبة الذين كانوا يحبسون أنفاسهم للتعرف على نتائجهم(اللوائح تحمل أسماء الناجحين فقط)،تحاملت على نفسي ووقفت متسمرا مثل غيري من الزملاء أمام لوائح الناجحين من السنة الأولى، وبتمتعن قرأت تلك الأسماء وكان من السهل علي البحث عن اسمي حيث أنني الموريتاني الوحيد في السنة الأولى ويبدأ اسمي بكلمة "ولد" التي تميز أسماء كل الموريتانيين لدى التوانسة.
تأملت تلك اللوائح كثيرا..وكم كانت حسرتي عندما لم أجد اسمي بين الناجحين... أظلمت الدنيا في عيني وأحسست بالمرارة وبضيق داخلي في التنفس..وبسوء عواقب ضعف المستوى الدراسي الذي قدمت به من موريتانيا رغم انني لست السبب فيه.
كانت مشاهد الطلبة الناجحين وهم يتبادلون التهانئ والعناق ويعيشون لحظات حلوة في الحياة ترمز لتحقيق أحلامهم في النجاح ويتبادلون قناني المشروبات فيما يسمى محليا في تونس ب"المبروك"تثيرغيرتي ليس حسدا لهم ولكن لفشلي أن أن أشاركهم تلك اللحظة لأول مرة في مساري الدراسي بتونس ولأنها اول مرة أعيش فيها الرسوب في الدراسة.
ورغم أنني أدركت في هذا اليوم معنى الرسوب ومرارة ضعف المستوى إلا أنني عدة مبررات لمثل هذه النتيجة القاسية :
1 لم أكن الراسب الوحيد في قسمي
2 رسوب زملاء كثيرين لي وهم أحسن مستوى
3 ضعف المستوى الدراسي والأجواء الجدية على في تونس
4 كثرة المواد ووصولي متأخرا عن بداية الدراسة بحوالي شهر.
فرح الناجحون بنتائجهم،في حين كان همي وغيري من الراسبين معرفة أسباب رسوبنا ومدى قربنا أوبعدنا من المعدل المطلوب للنجاح وهو 10 من 20 (الحصول على كشوف الدرجات).
بعد مهرجان شعبي صغير اختلطت فيه ضحكات الفرح بدموع الحزن وحلاوة النجاح بمرارة الرسوب، طلبت الإدارة من الجميع العودة غدا للحصول على كشوف الدرجات،وكانت بقية ذلك اليوم إلى الغد بمثابة سنين طويلة علي لمرارة الانتظار.
في ذلك اليوم المشؤوم...
بقلم : محمد ولد محمد الأمين (نافع)
للتعليق والملاحظة :
oulnafaa.mohamed@gmail.com
هذه المذكرات واقعية نشرت جامعة " جورج تاون" الأمريكية مقتطفات منها في بعض كتبها المدرسية المترجمة باللغة الانجليزية التي تدرس بغالبية جامعات العالم(راجع الحلقات السابقة بالموقع زاوية رأي)