في بلادي الحبيبة كل شيء تسكنه السياسة.. أستغرب كثيــرا لحال مجتمعي العزيز ..!!
مجتمع بات من النادر أن تجد فيه – إلا من رحم ربك - من قد يرى أصحاب النوايا الحسنة سليمي التصنيف على جهة سياسية أو التشكيك في مساعي خدمتها أهدافا وأجندة معينة !.
في الدولة عبثت السياسة.. مخرت مفاصلها وأنهكت طاقتها الحركية، حتى عن استشراف مرحلة تجاوزتها دول العالم الثالث منذ عقود على مختلف قطاعاتها : صحة، تعليم، بني تحتية ...!!
في بلادي الكل يمارس فن السياسة، حيث أن كل شيء جائز؛ فالسياسة في نظرنا ركن لا غنى عنه في الحياة اليومية ما دامت مستويات الجميع في استيعابِ وتكريسِ معناها غير متباينة كثيرا؛ كل حسب مفهومه السلبي ورؤيته الضيقة لها... رؤية لا يختلف فيها الرئيس أو الوزير عن المسئول و رئيس الحزب عن المواطن العادي حيال وعي فن التعاطي والتنفيذ وحدود الجائز واللامقبول ..!
ضاع التعليم مهب الرياح.. أجهضت قدرات.. أكبتت مواهب.. أهدرت مشاريع وغيبت مصالح وهدّمت أركانٌ؛ والسبب السياسة !!
تجاذبتنا السياسة جيلا بعد جيل .. شتتنا إلى معسكراتِ تياراتٍ ومبادراتٍ ومعاقل أحزاب و أطراف كلها تعاني داء غبش الرؤية، وفيروس ثلم الضمير، وخور أداء التطلع، وحتى مستوى التلقي والتعاطي الحكيم مع الآخر؛ تباغض وتنافر وحسد وخروج على اللباقة واستغباء صارخ لعقل المواطن ..!!
سمم وشكك في خطاب الداعية كما لوث توجيه العالم وانتهك عرضه.. الكل يقول من أجل الوطن؛ ولولاه ما هكذا كان الوطن.. فمع احترمي لقادتنا السياسيين – خاصة في منسقية المعارضة – لا أرى أن خطابهم يكشف عن إبريق أمل قد يسعف وطنا يحتاج تلاحم وتعاضد أبنائه البررة الشرفاء؛ واللهُ وحده أعلم بما تخفي الصدور !.
فالخطاب لم يعد في نظري يرقي إلى مستوى التلقي؛ نصا، صياغة، تقييما وإخراجا ..!!
كما لا أرى أن تعاطي الرئيس حيال خصومه بهكذا تعنت واستخفاف يبعث على تفاؤل وارتياح من شأنه أن يخلق من الصوت الثاني نشازا ويدفع نحو صيرورة مرحلة وردية جديدة ..!!
فهل من قدرنا أن تظل السياسة بغير مفهومها الأكاديمي محل اتساع الفجوة بين قادتنا السياسيين من جهة وبينها وبين نخب البلد ونبض الشارع من جهة أخرى !؟
أم أن عادة الأيام جرت بأن نظل حقا : بلد غني وشعب فقير تحكمه ويلات الصراع السياسي والتقوقع في غياهب النظرات الفئوية بسلوك يستدر الشفقة والرثاء لحال أهله، سلوك فيه تجاوزٌ لحدود اللياقة والآداب، وفيه هبوط إلى مهاوي الانزلاق والانطمار، وفيه وهو الأخطر في كل ذلك : لعنة الوطن وسخط المستقبل ...!؟