عندما يغنيّ النوتـيّ للأفق الأمغر، عابرا تلال الموج، وتلاعب الريح أشرعة الغيم على وجهك البافوريّ... عندما يعقد الأصيل قرانه مع "الغربة الغربية" في الوله التشكيليّ... عندما يغرس الألم خنجره في روح الشاعر.. تنتفض عذابات اليتم الحضاريّ، وتستقيل عواصم من سفر مدن الذاكرة...
أحلم أن ألف بلال يؤذن فوق الكعبة..
وأن خالدا والمثنى، والقعقاع - حين يولد من يرفضون غسل الدم العربيّ بالكوكاكولا- سيحصدون الأزهار من حقل النار، ويطوقون بها أعناق الشرفاء الذين لم يشاركوا في تسليع الذاكرة الجنائزية لأمة لن تموت..
حين يغتسل الاستبداد بالدم، ويتوج الاحتلال آلهة، حين يحتفل العهر داخل القاعات الفخمة للضمائر الخشبية، وحين يرتدّون عن الفصحى ويعتنقون رطانة النباح.. تماما في التوقيت البرزخي لدخان يحجب رؤية السماء..
عندها تغزو ذاكرتك أسماء رياحين التاريخ الأنثوي البهي الشهيّ.. دعد، سلمى، هند، ليلى، خولة، أروى.. وتفترش روحك أطلال قريش البطاح، بني عامر، بكر، تغلب، بني عبس.. حين كانت الشمس تزغرد للزير سالم، عنترة، صخر عروة..
وسيف ابن ذي يزن.. وحيث سجدت تلك الشمس لسنابك خيل أحفاد شيبة الحمد..
أتذكر أن التاريخ دائما يسمح بتصحيح الاختلالات..
سنربح يا أحد.. حتى ولو قطعت كبد حمزة.. فالدم ملح المعركة...
ولا زال نوتيّ في آخر المغرب الأقصى يغنيّ لمجد الله، وعودة الروح فجرا..
نواكشوط 23-12-2012