رغم أن المستشفى الوطني يعمل بداخله عشرات الأطباء الأكفاء و النزهاء المخلصين لوطنهم و دينهم, و الجاهزين لتقديم الخدمات الطبية العامة و المتخصصة في أي لحظة, إلا أنهم مرؤوسون و مُسيّرون وبتالي مُهمشون من طرف بعض قُداما ديناصورات الفساد, مما أثر سلبا على حيويتهم و معنوياتهم .. فمنهم هؤلاء الديناصورات؟؟... هم مجموعة من الاطباء القدماء قدم الفساد في قطاع الصحة, مصّاصي دماء المرضى, عددهم لا يتجاوز عدد أصابع اليدين تقاسموا الأقسام الحيوية و المدرة للدخل الحرام في المستشفى الوطني بينهم و اتفقوا على ان يبقوه على هذه الوضعية الهزلية الهزيلة, منذ ما يربوا على عقدين من الزمن, حيث حولوا المستشفى إلى بورصة تجارية رابحة, لا يمكن دخولها و لا الخروج منها إلا بموافقتهم ... و تتجللّا تلك السيطرة التجارية المطلقة على المستشفى " الوطني" في النقاط التالية ( خمسة امثلة من الواقع) :
• لن يتمكن أي مواطن من الاستفادة من الخدمات العمومية التي يقدمها المستشفى الوطني إلا إذا مرّ على العيادة و دفع 5000 او 7000 اوقية او أتى بوساطة من طبيب آخر او غيره, و مع ذلك تبقى الأولوية لمن يدفع في الوكر" العيادة"... أليس هذا اختطاف للمستشفى....
• فتح بعضهم عيادته الخاصة بجوار المستشفى الوطني, فمثلا الاب الروحي لفساد و خراب الصحة في موريتانيا فتح وكره "عيادته" بجوار المستشفى, لتتمكن سماسرته المنتشرون في المستشفى من توجيه زوار المستشفى إليه في وكره, حيث يقوم هذا المفسد باستقبال أولئك المساكين في ساعات الفجر الأولى من كل يوم و بدون مبالغة في ذلك الوكر, في نفس الوقت حدد هذا الديناصور يوما واحد للعمل العمومي, و هذا اليوم يختصره في ساعتين و غالبا ما يستكفي باستقبال اصدقائه و التنسيق معهم و يترك السماسرة يوجهون المساكين إلى العيادة المجاورة بحجة أن الديناصور في اجتماع مغلق....
• تقوم الديناصورات و كما يعرف الجميع و بكل وقاحة بتقديم الاستشارات في عياداتهم التجارية بطريقة تجارية هزلية إجرامية و بسرعة الضوء و كأن الوزارة ليست موجودة, حيث يقوم بعض الديناصورات بأكثر من مائة استشارة مسائية في العيادة, لأن سعر الاستشارة الواحدة 5000 اوقية, مما تسبب و يتسبب في الكثير من الأخطاء الطبية الفادحة, و المنتشرة في مجتمعنا بشهادة الجميع, في نفس الوقت يرفضون تقديم الاستشارات في المستشفى لنها شبه مجانية و لأنهم مشغلون عن رواد المستشفى, بالمواعيد التي يعطونها لمن دفع لهم في العيادة (فالمستشفى مختطف من هؤلاء )....
• يقوم مصاصو الدماء هؤلاء, باستقبال كل من يدفع لهم و لو كان مرضه لا علاقة له بتخصصهم و هذه سرقة و خيانة للأمانة منتشرة بين الديناصورات و يشهد على ذلك جميع الاطباء....
• يقوم المفسدون بإعطاء مواعيد لمرتادي عياداتهم الخصوصية في المستشفى من اجل تخصيص جميع الخدمات العمومية التي يقدمها المستشفى للمواطنين, من غرف حجز و ادوية و غيرها بالإضافة إلى ابتسامة عريضة و بشاشة و حفاوة استقبال, لمن يدفع لهم عند الوكر "العيادة" أما من لم يمر بالعيادة, فلن تقدم له أية خدمة في المستشفى الوطني إلا في غياب أولئك المفسدين مصاصي الدماء المرضى و سيقابلونه بوجه عبوس مع الكثير من الاستخفاف و قلة الاهتمام...و هذه النقاط الخمسة غيض من فيض, إلا أنني سوف اتوقف هنا لضيق الوقت, لأعود و أكمل في القريب القادم بإذن الله تعالى.....
وفي الختام أعود لأقول بأن هذه الحقائق لا تدعوا للتشاؤم او الغلق, و لعدة اسباب, و من بين تلك الأسباب أنه يوجد في موريتانيا اغلبية ساحقة من الأطباء المخلصين منتشرون في جميع اقسام المستشفى الوطني, و أنهم بدئوا يشعرون بخطورة الوضع و بالمسؤولية التجاه صحة مواطنيهم, بل اكثر من ذلك فقد اصبحوا يتكلمون و باستمرار و على نطاق يتسع يوم بعد يوم عن رغبتهم في القيام بإضراب عن العمل من اجل المرضى و المرضى فقط, طلبا لتحسين الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين, و السبب الثاني هو أن عدد هذه الديناصورات فقط بين خمسة إلى ثمانية, وبتالي لن يصمدوا كثيرا أمام هذا السيل الجارف من الأطباء الشباب المخلصين, الوطنيين المتألمين لواقع قطاعهم و مواطنيهم, أما بالنسبة لي فإنني اعرف فقط خمسة ديناصورات أي أنني متأكد من قيامهم بهذه الأعمال المُشينة و غيرها و سأنشر اسمائهم مع افعالهم قريبا و في الوقت المناسب... وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون....
المستشفى الوطني.... و رغبة الدولة في تطوير ما لا تملك..!!
كلية الطب تخصص أشعة