صبرت وثابرت على التدريس "لعل الله يحدث بعد ذلك امرا"،وقد كانت عملية التعليم صعبة ومعقدة وشائكة :صعبة لأنها تتطلب المواظبة الدائمة (كل يوم في الساعة الثامنة صباحا)،المدرسة مع شارع (بامكو) في بداية (الكلم11) بالرياض مع قطع مسافة كلم على الاقدام للوصول،وأنا وقتها أسكن بعرفات قرب (مخبزة الكواسر) إليها(تصعب البكرة شتاء) ويصعب التهجير إليها بعد الظهيرة(15)،وأنا في هذه الفترة كل يوم وطيلة 6 أيام لدي دروس طيلة الصباح (8-12) وفي بعض الأيام لديدروس ظهرا(مابين 15-18).
كانت عملية التعليم معقدة لأننا ندرس مستويات عمرية مختلفة والتعليم الخاص يشعرك فيه بأن العلم "يباع بدراهم معدودة"،وأن المدير فيه كل ما يهمه هو الدراهم والتلاميذ بالتالي لا سلطة يخافون منها،كما هي (سلطة الرقابة) والطرد في التعليم العمومي،وبالتالي فإن المدرس يجد صعوبة في التدريس خاصة إذا كان القسم مكتظا وفيه الكثير من الكسالى وعديمي المستوى (كما يكثر التشويش في الأقسام المختلطة) وهي الغالبة في مدرستنا.
عملية التعليم كانت معقدة بالنسبة لي للاعتبارات التالية :
1- لم أدرس من قبل ولم أكن أهوى قطاع التعليم (أحب العلم وتقديره) ولكن منذ عودتي من تونس 2001،لاحظت تفشي البطالة وعزوف الناس عن العلم والتدريس لأنه "لايطعم خبزا ولايسقي لبنا ،ولايورث احترام وتقدير من يملك شيئا من وسخ الدنيا" ونظرة المجتمع وقتها لمن يعملون فيه دونية "للأسف" !
2- ما لاحظته من فوضى (بعد فضيحة تسريب الباكلوريا2000)،ومن خلال تدني المستويات لدى كثير من حملة الشهادات ومن الباحثين عنها.
3- سوء ظروف العمل في القطاع وضعف الرواتب وغياب الامتيازات التشجيعية لأهله- في تلك الفترة- والنظرة الدونية من طرف المجتمع للمدرس.
4- كوني غير مستعد للخداع والغش في اللعب بمصير فلذات أكباد بلدي العلمي من جهة والحرص على الأمانة العلمية من جهة أخرى حيث عاينت الكثير من التلاعب بمستقبل التلاميذ وإعطاء العلامات المتميزة دون وجود أبسط مستوى في التعليم الحر).ووقتها كان التعليم العمومي شبه مهجور أيضا من طرف التلاميذ.
5- قدم البرامج وغياب وسائل الايضاح وعزوف التلاميذ عن الشعب الأدبية (ميدان اختصاصي) .
وكما يقال"لا ينجي حذر من قدر"،رغم حرصي على أن أجد فرصة توظيف ليست في قطاع التعليم ساقتني الأقدار واضطرتني الظروف إلى ممارسة مهنة التعليم في "التعليم الحر".
كان عدد الساعات التي أدرسها بالمدرسة بداية تعرفي على مديرها (السنة الدراسية 2005-2006)قليلا لأن المستوى الثانوي فيها كان وقتها يتألف من سنتين.
ومع مرور الأيام وصلنا إلى مدرسة ثانوية مكتملة (4 سنوات إعدادية،و3 ثانوية)،وفي هذه الفترة(2009-2010)،كان المدير بحاجة لي في تدريس اللغة العربية لكل المستويات مع التربية المدنية.
طبعا لم يكن لدى اعتراض على ذلك نظرا لأنني في حالة بطالة في قطاع الصحافة من جهة ولرغبتي في رفع "المرتب الزهيد" من خلال زيادة عدد الساعات.
في الحلقة المقبلة نتعرف على يوميات كاتب صحفي مدرس...
بقلم : محمد ولد محمد الامين(نافع)
ملاحظة : لفهم هذه اليوميات في جزئها الثاني من المفيد جدا مطالعة الجزء الأول منها تحت عنوان :" يوميات طالب الغربة في 67حلقة" ولمن يرغب فيها أن يبعث للكاتب على العنوان البريدي الالكتروني.
الكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الأمريكية في بعض كتبها التي تدرس بجامعات العالم (حلقات من الجزء الاول يوميات طالب الغربة).)
للتعليق والملاحظات :
ouldnafaa.mohamed@gmail.com