يعلمنا تاريخ التحرك النقابي انه في عام الف وتسعمئة وثلاثة وثمانين ، دعي بعض عمال أسنيم الي إضراب آنذاك دون الأخذ بعين الاعتبار الي الوضعية الاقتصادية للشركة ، وهو خطأ في التقدير لوضعية الشركة التي كان معظم عمالها في" بطالة فنية " يستخدمون في مجالي التنظيف ، وتنظيم الآلات. في مواقع العمل ،أتاح ذلك الخطأ فرصة أمام شركة "سنيم" للتخلص من العمال آنذاك، كما برر لها التراجع عن الكثير من الاتفاقيات الجماعية، والوعود التي التزمت بها سابقا.
وللأسف فهذا الدرس لم يستفد منه بعض النقابيين الحاليين، إذ ان الإضراب الذي دعت له مجموعة مناديب الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا، يأتي في ظرفية تتميز بانخفاض مقلق للطلب علي الحديد وهبوط شديد لأسعار خام الحديد ، حيث أن الشركة لم تبع إلا نصف توقعاتها في الشهر المنصرم، مع تدني الأسعار إلى حوالي ثلاثة وستين دولار.
وحري في مثل هذه الظروف، أن تنخفض تكاليف الإنتاج، إلي مستوي يمكن من بيع المواد دون خسارة، ومنذ بداية النصف الثاني من العام الماضي اعتمدت الشركة عدة إجراءات لتخفيض تكاليف الإنتاج، دون المساس من تكاليف اليد العاملة، التي تشكل المحافظة عليها أولوية الأولويات بالنسبة للشركة.
وكان ينبغي على النقابيين في مثل هذه الظروف المساهمة في تحسيس العمال حول الصعوبات الحالية، لاسيما أن كلا منا يعلم أن نسبة معتبرة من العمال الحاليين تم اكتتابهم لأسباب اجتماعية، فمنهم من أكتتب لكونه ابن عامل متقاعد، أو عامل متوفي، أو في إطار تسوية الوضعية المزرية للعمال غير الدائمين المعروفين بالجرنالية أو غير ذلك. فدمج هؤلاء في الشركة لم يكن لضرورة زيادة الانتاج، بل كان لمراعاة الظروف السابقة.
وزيادة علي ما سبق هناك الكثير من العمال الذين تربطهم بالشركة، عقود محدودة الأجل وبإمكان كل طرف إلغاء العقد متي شاء.
ورغم هذه الظروف التي تمر بها "اسنيم"، ومع أن هذه الوظائف غير ملزمة وقد استثنتها الشركة اعتبارا لما تقدم، إلا أننا نري –في نفس الوقت- بعض المناديب ً التابعين للكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا، يعبؤون العمال على تحرك غير شرعي يمكنه أن يشكل فرصة لإدارة الشركة، لاتخاذ مثل تلك القرارات.
أن عدم شرعية هذا التحرك العمالي مرده إلي أن القانون يلزم، من يريد التوقف عن العمل ان يسلم الإنذار عشرة أيام قبل اليوم المحدد للإضراب في حين أن الإنذار المتعلق بالتوقف أربع ساعات، المسلم إلي إدارة الشركة، وقع من طرف ستة مناديب فقط من أصل أربعة عشر، ولان الأقلية لا يمكن أن تمرر قرارتها على الأكثرية، فإن هذا الإنذار لا قيمة له خصوصا ان الأغلبية رفضته عبر رسالة موقعة من طرفهم.
كما تم أخذ قرار آخر بالإضراب لحالي بصفة ارتجالية دون أي إنذار يعطيه صفة الإضراب القانوني، وعلى الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا ان تتحمل مسؤوليتها التاريخية في وجه كل القرارات التي يمكن للشركة اتخاذها، من اجل اعادة النظام وديمومة الانتاج اضافة الي كل القرارات الهادفة الي تخفيض تكاليف الانتاج، في هذه الظروف،وعلى المناديب –أيضا- أن لا يتجاهلوا أهمية الحفاظ علي الوظائف العمالية، بتصرفاتهم غير القانونوية، وفي طرف غير ملائم.
سيد احمد ولد ابراهيم
نقابي ومنسق جهوي سابق للكونفدرالية العام لعمال موريتانيا في ازويرات