عندما دخلت إلى المدرسة كانت هنالك جماعة من الناجحين يتسمرون حول ورقة معلقة قرب بعض لوائح النتائج..فاتجهت نحوهم وحييتهم وسألتهم ما لجديد؟ فأجابوا :" هذا إعلان يتعلق بإجراء الفحوص الطبية في المستوصف العسكري التابع للأركان العامة للجيش الوطني وعلى الجميع الحضور إلى هناك بدء من الغد.
في صباح اليوم الموالي(الاثنين 15 أغسطس2011) عرجت قبل الوصول لمقر العمل على المستوصف العسكري المذكور قبالة "الثانوية الفنية" فألفيت بعض المترشحين الناجحين في الكتابي (المؤهلين للشفهي) وهم يتحلقون حول لوائح على جدار حائط المستوصف العسكري المعني بإجراء الفحوص فسألتهم عن اللوائح فردوا علي بأن المستوصف وزع الناجحين في الكتابي على أيام حسب الشعب لإجراء الفحوص الطبية وكان يوم شعبتي هو الخميس 18 أغسطس2011.
تأكدت من وجود اسمي في اللائحة ومن يوم الفحوص حيث آن الإعلان عن الفحوص الذي علق بالمدرسة أمس نص على أن التخلف عن الفحوص يعني الانسحاب نهائيا من المسابقة.
كان ذلك في حوالي منتصف شهر رمضان والصيف حار وأنا اعمل من الصباح في موقع الكتروني بعمارة قرب عمارة "النجاح المعروفة من الصباح حتى الرواح،وقد استأذنت صاحبه في إجراء تلك الفحوصات في ذلك اليوم الذي كان يوم خميس حافل بالأخبار.
وطبعا لم توضح لنا أصلا ماهية الفحوص وان كنا سمعنا أنها ربما تكون شاملة ..ولذا كثرت الشائعات حول طريقتها وربما الوساطة في النجاة من الفشل في تجاوزها بسلام.
في صباح اليوم المحدد للفحوص الخميس 18 أعسطس2011 وصلت في حدود الساعة الثامنة والنصف صباحا إلى المستوصف العسكري المقابل للثانوية الفنية "كان موعد الاستدعاء 9:00صباحا"،كان بعض الزملاء في مختلف الشعب قد وصلوا وهم في انتظار الأوامر حيث لا يعمل في هذا المستوصف إلا العسكريون.
جلسنا في انتظار وصول الطبيب المسؤول عن إجراء فحوصنا وفي حدود التاسعة والنصف وصل أمرنا بالتوجه إلى المكاتب الخلفية "في الجانب الشرقي" للمستشفى في طابور للرجال وأخر للنساء حيث ستبدأ الفحوص الأولية المتعلقة بسلامة الحواس الخمس وقياس الوزن والطول.
وقفت في ذلك الطابور الطويل في ذلك اليوم الرمضاني القائظ منتظرا دوري.. وقد كان بعض الزملاء يحاولون التغلب على ملل الانتظار وهواجس الخوف من الفحوص بقراءات شعرية شعبية وفصيحة وحكاية بعض المواقف الطريفة، وقد يأتي أحدهم بشائعة مخيفة حول الفحوص ك"التجريد من الملابس" مثلا عند الفحص الشامل للجسم.
كان الوقت طويلا والانتظار مملا والصداع قد بدأ يتسلل للرؤوس مع نوبات من العطش بفعل الصوم ،كما كثرت الشائعات التي سممت الأجواء وتدور حول"صعوبة نزاهة الفحوص الطبية وعدم ظلم بعض المترشحين فيها"ولو من طريق الخطأ غير المقصود الذي قد يعيد الكثير من المترشحين للمربع الأول "البطالة والشارع".
في حدود 11:00 جاء دوري ومررت بكل تلك الفحوص البسيطة لتأتي المرحلة الثانية منها بعد ذلك وبنفس الملل والطابور "في أحد المكاتب الغربية" حيث شملت فحص أجزاء البدن الخارجية كالأطراف والنظر في البطن والصدر والظهر والسؤال عن التعرض سابقا للكسور أو الخضوع لعملية جراحية ما.
في حدود الساعة 12:30 وصل دوري وبعدها انتقلنا للمرحلة الثالثة من الفحوص وهي المتعلقة بالمخبر "فحرص الدم والبول" وكانت مرحلة صعبة نظرا لطول الانتظار فيها وصعوبة جلب "كمية البول" المطلوبة لدى الكثيرين بفعل الصوم.
في حدود الساعة 13:30 حانت المرحلة الأخيرة المتعلقة بفحوصات الصدر وكانت بنفس ملل الانتظار ولكنها استغرقت وقتا أطول بفعل أن جهاز الأشعة الذي تجرى عليه عتيق وفي بعض الأحيان نعيد الفحص لأكثر من مرة.
في حدود الساعة 15:00 انتهت الفحوص وتحاملت على نفسي حتى وصلت للمكتب لأستريح وأتدارك بعض العمل في يوم رمضاني طويل حيث موعد الإفطار هو 19:50 حتى في أيام منتصف الشهر.
توضأت وصليت فرضي وبدأت في العمل على أنسى ما تبقى من ساعات قبيل الإفطار.. ولكن مشكلة النقل خاصة في رمضان لم تترك لي فرصة كبيرة للراحة حيُ أنه بدء من الساعة 18:00 تبدأ معركة النقل في محطة العيادة المجمعة ومن ليس قوي البنية يمكنه الصراع مع الأبطال أقويان النية والجري بسرعة مع السيارة قبل التوقف سيكون مصيره الإفطار في تلك المحطة البائسة.
انتهت الفحوص الطبية ولكن ....
يتواصل
بقلم :محمد ولد محمد الأمين (نافع)
ملاحظة : لفهم هذه اليوميات في جزئها الثالث من المفيد جدا مطالعة الجزء الأول منها تحت عنوان :" يوميات طالب الغربة في 66حلقة والثاني تحت عنوان :"رحلة البحث عن الوظيفة الرسمية في 55 حلقة".
ولمن يرغب فيهما أن يبعث للكاتب على العنوان البريدي الالكتروني. الكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الأمريكية في بعض كتبها التي تدرس بجامعات العالم (حلقات من الجزء الاول يوميات طالب الغربة).
للتعليق والملاحظات :
ouldnafaa.mohamed@gmail.com