قضيت سحابة ذلك اليوم في تعارف ولقاءات ومحادثات مع زملاء مؤهلين للنجاح في شعبتي وكذا مع زملاء مؤهلين للنجاح في الشعب الأخرى،وقد كان الانتظار مرهقا وطويلا حيث أن الامتحان الشفهي بدأ متأخرا أي في حدود 10:30 وكانت اللجنة تنادي حسب ترتيب المؤهلين للنجاح وهو "ترتيب أبجدي" وبالتالي كان اسمي الذي يبدأ بحرف الميم في آخر اللائحة.
ورغم أن عدد المؤهلين للنجاح في شعبتنا لا يزيد على 43 مترشحا إلا أن أسئلة الامتحان الشفهي والوقت الذي تستغرقه اللجنة في التأكد من الشهادات ليس بالقصير لكل مترشح وهو ما جعل الامتحان الشفهي يستمر طيلة النهار.
في حدود ما بعد صلاة العصر 17:30 دقيقة كنت جالسا أمام الباب في انتظار الدخول على اللجنة" كان لي الشرف أن تبادلت حديثا وتعارفا مع ناجحين في الكتابي هما رقم 4 و5 أصبحا في ما بعد زميلين عزيزين معي في المدرسة وهما نبيلة بنت الشيخ محمد الحسين وبا عثمان" .
حان دوري وقد كانت المفاجأة سارة حيث تبين أن رئيس اللجنة ونائبه على التوالي الزميلان محمد يحي ولد حي والحسين ولد مدو كانا يصليان العصر في مكتب آخر، ووصلا وكان الحسين هو الأمامي فسألني قائلا :" ماذا يفعل عميد الصحفيين الشباب هنا" فأجبته أنتظر دوري في الامتحان الشفهي فرحب بي ودخل ودخل بعده الزميل محمد يحي ولد حي وأكملا الامتحان مع زميل قبلي وقد جاء دوري بعد ذلك.
أشكر الزميل الحسين على منحي هذا اللقب الذي صار هو علميتي في المدرسة واشتهرت به لدى كل الزملاء في ما بعد.
دخلت على الجنة وسلمت الملف لصاحب الوظيفة العمومية ثم تفضلت على مقعدي وألقيت التحية على أعضاء جنة التحكيم وكانوا أربعة،طرح على الزميلان محمد يحي ولد حي والحسين بعض الأسئلة حول واقع المهنة الصحفية والضمانات اللازمة لتطويرها بموريتانيا وأجبت على أسئلتهم،ثم طلب مني محمد ولد حي ترجمة الجواب إلى اللغة الفرنسية ففعلت وانتهت المقابلة وشكراني وتمنيا لي التوفيق وخرجت.
كانت صفرة الشمس واحمرارها في صراع يمهد للغروب حيث يتوقف الكون عن الحركة ويخلد للهدوء بعد نهار مليئ بالنشاط والحيوية،غادرت المدرسة وعدت إلى أهلي في الرياض...ورغم ثقتي في الزملاء الذين أشرفوا على الشفهي لي إلا أن معضلة الخوف من المجهول والخطأ والغلط في النتائج النهائية كانت تنغص علي الفرحة بالاحتفال بفوز ساحق على أيام الشارع والبحث عن فرصة عمل في مهنة "الصحافة" التي سلبت كل معانيها ونبلها والتخصص فيها بهذه البلاد طيلة عقود طويلة.
كانت الأيام طويلة جدا بسبب القلق الذي بدأ يدب في نفسي من جديد وبعض الشائعات التي تسري من هنا وهناك مع تذكر دائم لسنوات وشواهد فيها من التزوير والتلاعب بنتائج المسابقات ما قبل 2009 حيث كان النفوذ والوساطة والزبونية هي الثلاثي "المفتاح السحر" للنجاح والحصول على أي وظيفة رسمية في هذه البلاد مع استثناءات قليلة وفي قطاعات مهجورة لا يترشح لها إلا المعوزون من أبناء الفقراء المستعدين للعمل في ظروف مزرية وفي كل الأماكن مثل التعليم والصحة مع نبل هاتين الوظيفتين وحاجة المجتمع الماسة لهما.
كنت أبحث عن النتائج النهائية كغيري عندما أجد فرصة للمدرسة الوطنية للإدارة للبحث عن خبر النتائج حيث لجان التصحيح وفي يوم 6سبتمبر سرت شائعة تقول إن النتائج ستصد يوم 8سبتمبر .
في صباح يوم الخميس8سبتمبر علمت من بعض الزملاء المترشحين الذين اتصلوا بلجان التصحيح أن النتائج النهائية ستخرج في المساء وأن على الجميع الحضور في المدرسة الوطنية للإدارة حيث ستعلق النتائج.
كانت تلك الأيام ...
يتواصل
بقلم :محمد ولد محمد الأمين (نافع)
ملاحظة : لفهم هذه اليوميات في جزئها الثالث من المفيد جدا مطالعة الجزء الأول منها تحت عنوان :" يوميات طالب الغربة في 66حلقة والثاني تحت عنوان :"رحلة البحث عن الوظيفة الرسمية في 55 حلقة".
ولمن يرغب فيهما أن يبعث للكاتب على العنوان البريدي الالكتروني. الكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الأمريكية في بعض كتبها التي تدرس بجامعات العالم (حلقات من الجزء الاول يوميات طالب الغربة).
للتعليق والملاحظات :
ouldnafaa.mohamed@gmail.com