قبل أيام أعلنت الخارجية الموريتانية عن جملة تعيينات وتحويلات، شملت مختلف المستويات وطالت عدة بلدان.
لقد اعترض الكثيرون من داخل القطاع الوزاري، نفسه، وليس من خارجه، ومن بينهم بعض الحاصلين على أقدمية وتجربة، والغالبية من الشباب المكتتب حديثا والذي انتظر دوره منذ فترة وفيه الأكفاء والحريصون على الصالح العام.
بالطبع لدى كل دولة الحق في تعيين من تشاء وفي تحريك عناصر دبلوماسيتها على النحو الذي تريد، لكن حفظ معايير التعيين والتحريك، وضبط موازين الكفاءة والجدية، لايمكن إلغاؤهما بأي حجة ولا برهان، ومن هناك يتبين لنا الخلل البين الحاصل في تلك التحويلات :
1. تم تحويل بعض الدبلوماسيين الأكفاء من مواقعهم إلى بلدان أخرى، لأهداف شخصية وزبونية تشكل قمة الفساد والمحسوبية، كما هو الشأن في تونس مثلا، حيث يعرف الكثيرون، وهو ليس بسر، أن تحويل المستشار الأول هناك إلى القاهرة، تم لمجرد ترك المكان خاليا في تونس ليشغله من يمت بصلة قرابة وثيقة للوزير الأول.
2. تم تحويل المستشار الحالي من القاهرة خارجها ولم يقدم طلبا ولم يكن هنالك من داع لتحويله.
3. تم تعيين نساء في مناصب خارجية لايستطعن السيطرة عليها وفقا للمعايير الخاصة للدبلوماسية والتي تتطلب كثيرا من الوعي والدقة والصرامة والحذر، بينما يوجد عشرات الدبلوماسيين الأكفاء عل الهامش أو في الشارع.
إن التعيين وفقا للقرابة، وهو نهج الوزير الأول الحالي، وبعض أعضاء حكومته، وإقصاء الكوادر الدبلوماسية وتحويلها قسريا، من دون وجه حق، سيضر ضررا بالغا بمصداقية العمل الدبلوماسي والحكومي، بل قد يفضي إلى أن يضرب الأطر البارزون عن العمل أو حتى عن الجدية، لأنهم يلاقون، دواما، سخرية ومهزلة في صرفهم من مواقعهم من دون سابق إنذار، ولهم أبناء وأسر، ولها متعلقاتها وظروفها.
لقد وصلت الأمور إلى طريق مسدود، هو اقتناع الكثيرين، ومنهم نحن المواطنون العاديون المتابعون لما يجري، بأن أداء الحكومة ومنه دبلوماسيتها وتعييناتها، يمكّن وترسخ الزبونية والقرابة. ولايولي اهتماما بالأقدمية ولا قيمة عنده للكفاءة والعمل الجاد للدولة والوطن بمختلف مناحيه، العادية والاستثنائية، لأن الجميع سواسية كأسنان المشط، لافضل لكفاءة على جهالة ولا وطنية على لامبالاة، والجميع تحت رحمة سيف مصلت هو التحويل والإقصاء بدون مبرر ولا تفسير.
وقد يأتي اليوم، وربما قد حان، لتؤدي هذه السياسات إلى مفعوها المباشر، وهو أن ينفض الناس عن النظام لأنه يريد منهم ذلك أو تريده حكومته ودبلوماسيته أو من يقف خلفهما يدفع نحو الفساد والفوضى والرداءة، ربما لتقويض البناء فوق ساكنيه، من يردي !