من يسمع اليوم مايوجه لرئيس الجمهورية من نقد وتحامل يدرك بجلاء مدي الظلم الذي يتعرض له الرجل من قبل معارضيه الذين أريد منهم إن يسألوا أنفسهم أسئلة تدور في مخيلة كل فرد من شعبنا الذي هو عاجز اليوم عن تصور واقعه الذي يؤلم كل من يمتلك مقدار شعرة من إيمان.
1.لماذا ومنذ نصف قرن علي الاستقلال وبلادنا تعيش أوضاعا مزرية في كل مجالات الحياة؟
2.لماذا تكون ثروات الشعب الطبيعية التي منحها الله له عرضة لنهب كل من هب ودب من دون حسيب ولا رقيب؟
3.لماذا يكون الجهل والتخلف والفقر والمرض هي السمات التي تسود المجتمع رغم كل المقدرات الاقتصادية لديه؟
4.لماذا تكون أحياء الصفيح تمثل الوجه الحضاري الذي تستقبل به العاصمة نواكشوط زوارها في مشهد يدعوا الي الخجل والاشمئزاز؟
5.لماذا تكون جل البنايات الإدارية التي تمثل وجه الدولة وتعكس هيبتها أشبه بحظائر الحيوانات ؟
6.لماذا تكون العشوائية والفوضوية والارتجالية هي الأساليب المتبعة في التخطيط والتشييد العمراني للبلد في مشهد أقرب للهزل منه إلي عمل جدي ؟
7.لماذا يكون الأرشيف الإداري الذي يحفظ ماضي الشعب وتاريخه يكدس في أماكن عرضة للحيوانات السائبة وكأننا لسنا في عصر يمكن أن تحفظ ذاكرة الدنيا في قرص بحجم أصبع اليد ؟
8.لماذا نكون في عصر التكنولوجيا ومستشفياتنا عاجزة عن كشف أبسط الأمراض ؟
9.لماذا تكون القمامة ورائحة المجاري تزكم الأنوف في كل شوارع العاصمة بل في أقربها إلي القصر الرئاسي؟
10.لماذا انقلبت كل القيم في المجتمع الشنقيطي المسلم لتصبح السرقة والتحايل والرشوة والمحسوبية والنفاق والتملق هي التي تشكل المنظومة الأخلاقية في البلد؟
11.هل يعتبر هذا الواقع قدرا محتوما علي هذا الشعب الصبور الفقير بشخصه والغني بموارده المسالم في طبعه ؟ 12.هل هذه الأسئلة مطروحة قبل السادس من أغسطس 2008 أم لا ؟
إن الجواب علي هذه الأسئلة لا يتطلب كثير عناء وهو ببساطة أن الذين تولوا زمام الأمور في هذا البلد لايحسون ولا يسمعون ولا يبصرون همهم الوحيد هو ابتكار طرق للتحايل علي مقدرات الشعب وسرقة قوته دون أن يغيروا من الواقع شيئا لأن تلك هي طريقتهم لاستدرار عطف الآخرين لكي يجيدوا بدريهمات تعود إلي جيوبهم المتخمة .
إن تجاوز هذا الواقع المرير والمزري يتطلب عصي سحرية لا توجد بيد أحد إلا أن رئيس الجمهورية واجه هذا الواقع بشجاعة الاعتراف به بل بكل تفاصيله وهي خصلة محمودة فقدناها في الفترات الماضية التي تميزت بتزييف الحقائق وخداع للشعب والضحك عليه.
إلا أن علي ساستنا من معارضة وموالاة أن يدركوا أكثر من أي وقت مضي أن الشعب الموريتاني اليوم مهدد في وجوده ويحتاج إلي تضافر جهود الجميع بعيدا عن الخلافات السياسية لأن المواطن أحوج منها إلي قطرة ماء وكسرة خبز وحبة دواء.
فواجب الموالاة اتجاه الرئيس مساعدته في تطبيق برنامجه الانتخابي الذي زكاه الشعب الموريتاني والذي يتركز علي محاربة الفساد و ذالك بابتعادهم عن المسلكيات القديمة المتمثلة في أكل المال العام والتحايل واستغلال النفوذ والنفاق السياسي الذي يتجلي اليوم بأبشع صوره في صراعات الانتساب المحتدمة بين أبطال الحقب الماضية الذين يريدون الرجوع بنا إلي المربع الأول الذي طلقناه إلي غير رجعة متجاهلين تعريف الانتساب الحزبي الذي هو عمل إرادي شخصي يعبر من خلاله الشخص عن قناعته بالانتماء للكيان السياسي الذي ينوي الدخول فيه بعيدا عن الترغيب والترهيب وشراء الذمم غير مدركين أنهم بهذا العمل يخربون البناء الحزبي حتى قبل تشييده .
أما المعارضة فعليها أن تتطلع بدورها التقليدي كاملا كما هو متعارف عليه في أرقي ديمقراطيات العالم والمتمثل في النقد البناء للعمل الحكومي بعيدا عن التشهير والشحن الإعلامي وإسداء النصح المستنير لرئيس الجمهورية إذا كان ذالك ضروريا .
أما الشعب الموريتاني فيدرك أن رئيس الجمهورية قد ورث واقعا جمريا مريرا ونعترف بأنه حرك ذالك الواقع وبدأ خطوات ملموسة في الاتجاه الصحيح رغم الأزمة المالية العالمية ورغم ماتعرض له من حصار ومقاطعة طيلة الفترة الماضية .
ولكي لانظلم الرجل علينا أن نمنحه بعض الوقت وأن نأخذ معه طرف الحمل الذي ينوء به كاهله
محمد الأمين محمد حبيب قبطان بحري Lemin_2010@yahoo.fr