في خضم أجواء القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الرابعة في لبنان يعود الحديث مجددا حول آفاق التعاون بين الدول الأعضاء في المجموعة في شتى المجالات الاقتصادية والتنموية، للأسف الشديد، تضيف الظروف السياسية المعقدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تحدي تحقيق التعاون الاقتصادي المنشود.
مما لا شك فيه، تحقيق التكامل الاقتصادي ليس بالأمر اليسير بل الصعب حتى في أحسن الظروف لكنه ضروري في هذا العصر الذي يتميز بالتكتلات الاقتصادية على غرار الاتحاد الأوروبي. كما تسعى بعض الدول الآسيوية عبر منظمة آسيان إلى تحقيق أفضل النتائج الاقتصادية بين الدول الأعضاء في جنوب شرق آسيا.
ومن الأهمية بمكان التذكير ببعض الأهداف التي رسمت خلال القمم الاقتصادية السابقة. فقد شددت القمة الاقتصادية الأولى والتي عقدت في الكويت برعاية أمير الكويت في العام 2009 على ضرورة مكافحة البطالة وتعزيز دور القطاع الخاص ورجال الأعمال وأصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة في الدول العربية، بمقدور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التعامل مع التطورات بسرعة. تعاني بعض الاقتصاديات العربية من ظاهرة انتشار البطالة
في أوساط الشباب ما يعني تعطيل طاقات متسلحة بأفضل ما وصل إليه العلم الحديث. تتكون البطالة من رقمين في عدة دول عربية. بالعودة للوراء، ساهم تحدي البطالة في حدوث الربيع العربي في تونس ولاحقا في مصر. المثير في هذا الصدد اندلاع الثورة في مصر بعد أسابيع لا أكثر على استضافتها أعمال القمة الاقتصادية الثانية في ظل ظروف اقتصادية صعبة شملت البطالة في أوساط الشباب وتدني المستوى المعيشي.
أما القمة الاقتصادية العربية الثانية فقد أقيمت في شرم الشيح بمصر في 2011 وأكدت على أمور حيوية مثل الالتزام بالفكر الاقتصادي المتطور والاستراتيجيات التنموية فضلا عن تنمية المجتمعات العربية بشريا وتكنولوجيا. تعتبر أهداف القمة الثانية نوعية لضمان تحقيق التنافسية المطلوبة في زمن العولمة لكن العبرة في التطبيق.
يمتاز هذا العصر بسرعة التغييربل كما يقال بأن التغيير هو الأمر الوحيد الثابت في هذا الزمن. كما عقدت القمة الاقتصادية العربية الثالثة في الرياض بالسعودية في 2013 وركزت على مسألة الاستثمارات بين الدول العربية فيما يخص حمايتها وإفساح المجال أمامها. تسعى الدول في مختلف أقطاب الأرض إلى استقطاب الاستثمارات بغية مساعداتها في تحقيق الأهداف التنموية المطلوبة بما فيها إيجاد فرص عمل للمواطنين وتسجيل أفضل نسب النمو للناتج المحلي الإجمالي.
استقطاب وتعزيز الاستثمارات يتطلب منظومة قوانين عصرية تأخذ بعين الاعتبار مصالح المستثمرين. وفي حال التغيير، يجب أن تشهد هذه القوانين المزيد من التحسن والتقدم وليس التراجع مثل وضع عراقيل على الاستثمارات ونسب الملكية.
يشار إلى أن القمة الاقتصادية الأولى شددت على صواب الربط البري بالسكك الحديد بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية. بيد أنه كان واضحا من البداية صعوبة تحقيق هذا الأمر لأسباب لها علاقة بالبنية التحتية فضلا عن عامل الجغرافية.
وحسنا فعلت الكويت ومن خلال القمة الاقتصادية الأولى تقديم 500 مليون دولار لإنشاء صندوق خاص لدعم وتمويل المشاريع التنموية لتطوير البنية التحتية في الدول الأكثر حاجة من غيرها. تتوزع الدول العربية وعددها 22 بلدا على قارتين أي آسيا وأفريقيا خلافا لما عليه الحال بالنسبة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي.
كما اهتمت الدول الأوروبية ومنذ أمد بعيد بتطوير البنية التحتية مثل المواصلات خلاف ما عليه الحال فيما يخص العالم العربي. مهما يكن من أمر، لا يوجد بديل أمام الدول العربية غير تعزيز التعاون الاقتصادي العربي .