يؤسفني مستوى السقوط الذي تتردى فيه "النخبة" الموريتانية، وسرعة تلونها، وتقلب أمزجتها، ومواقفها السياسية إن وجدت.. الجديد في الموضوع أن مجموعة من هؤلاء "المرتزقة" المنتفعين بالسياسة، خرجت كالأفاعي من جحورها للنيل من القائد معمر القذافي الذي كانوا يخطبون وده، قبل أيام قليلة، وبايعوه قبل غيرهم، وهتفوا باسمه، وقطعوا آلاف الأميال للصلاة خلفه..
خرجوا اليوم حين سمعوا أن رعاعا وقطاع طرق من الكلاب الضالة أحدثوا نهبا وسلبا في بعض المدن الليبية، وتوهم هؤلاء أن ما يجري ثورة ضد القائد، والمضحك أنها "ثورة" بلا قيادة، ولا مطالب.. هي إذن نشاز في التاريخ البشري، لأنها لم تحدد هدفا قبل أن تنطلق..!!
من هؤلاء المدعو صدافة ولد الشيخ الحسين، الذي "ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون "، هذا الرجل صاحب التجربة السياسية المتناهية في التواضع، قال في تصريح لوكالة الأخبار إن "الشعب الموريتاني تحمل كل إهانات القذافي".. أي إهانات يا هذا؟ وأي شعب تعني؟ وأنت الذي لفظك ناخبو مقاطعة "توجنين" بعد مأمورية فاشلة، في بلدية المقاطعة، التي تبوأتها بطريقة أقرب إلى الصدفة منها إلى أي شيئ آخر..
كان على المعني صدافة، وهو يتمسح بأحذية أحمد ولد داداه، أن يسأل زعيمه عن فضائل القائد وإنجازاته وأياديه البيضاء، قبل أن يندفع لكيل الشتائم التي لا يفقه إلا هي.. لكن لا بأس فكل إناء بالذي فيه ينضح..
أما ثاني هؤلاء المغمورين فهو رئيس حزب تواصل الذي أصدر حزبه بيانا دعا فيه : "كل الخيرين في العالم للتدخل منعا للمجازر التي تقع في حق الليبيين في بنغازي و البيضاء و سائر المدن الليبية الجريحة"، والمضحك أن "تواصل" الذي منحه الشعب الموريتاني أقل من 4% من أصوات الناخبين، والذي لم يجد صوته صدى داخل البلاد، يخرج اليوم ليخاطب العالم..
نسي الطين ساعة أنه طين
فصال تيها وعربدْ..
متى يدرك هؤلاء الإسلاميون العلمانيون الرأسماليون الاشتراكيون المتناقضون في طرحهم ورؤاهم، أن حجمهم الحقيقي أصغر من شسع نعل القائد، وأن بيتهم العنكبوتي الواهن سيتهاوي فوقهم قبل "سقوط" النظام الليبي كما يسمونه.. آلا خاب مسعى جميل وأذنابه من الرجعيين..
وإذا كان الإسلاميون مصابين بضعف الذاكرة فإننا نحيلهم إلى صلاة القائد التي أمها في "نواكشوط" حين اصطفوا خلفه بالعشرات، وكانت صفوفهم أطول في صلاة القائد بمدينة تمبكتو 2006 وأغاديس 2007.. أهي محاذاة أم طمع أم نفاق..؟ .. أبعد من ذلك فإن المدعو جميل منصور الذي كان مدرسا في اليمن منتصف التسعينات من القرن الماضي، حضر إلى عاصمة العرب طرابلس أعوام 1995، 1996، 1997، 1998، وفي العام 97 كان واحدا من المثقفين العرب الذي قدموا وثيقة عهد ومبايعة للقائد، بوصفه أمينا شرفيا لملتقى الحوار العربي الثوري، والأدلة موجودة وموثقة، وقد يتاح الإطلاع عليها للجميع في أية لحظة، والشهود مازالوا أحياء يرزقون..
أما ثالث "الثلاثة الذين خلفوا" فهو نكرة يدعى بلعمش أحد أشهر أتباع السيدة ختو بنت البخاري حرم الرئيس السابق، فقد طفق يسب القائد واللجان الثورية بعبارات تتناسب ولسانه البذيئ، وهي في جميع الحالات تكشف عن مستوى ضآلة تفكير الرجل وسوء منقلبه إن شاء الله..
أما نحن فإننا نعتقد جازمين أن ما يجري اليوم هو مؤامرة على الثورة وقائدها وهي ليست الأولى فقد سبقتها مؤامرات ومؤامرات، تحطمت كلها على صخرة الرفض الشعبي والتلاحم التاريخي بين القائد وأحرار العالم، هذا القائد الذي يتم استهدافه اليوم لعدة أسباب لا تخفى على ذي بصيرة لعل أهمها :
1- أن القائد لم يفتح أراضي ليبيا للقواعد العسكرية الغربية لاحتلال العراق والإجهاز على الأمة من الخلف.
2- أن الرجل كان الصوت العربي النشاز الداعي لقطع كل صلة بالعدو، بل إنه أفتى مؤخرا بحرمة إقامة علاقات من أي نوعه مع الصهاينة المحتلين. وقد صرح خالد مشعل خلال زيارته لليبيا 2009 أنه على يقين من أن حال غزة لن يكون بهذه الصورة لو أن لها حدودا برية أو بحرية مع الجماهيرية.
3- أن القائد هو الزعيم الوحيد الذي يؤم جموع المصلين كل عام ويدخل عليه ملايين الناس الإسلام أفواجا، وللتذكير فإن "الجزيرة" التي تقود حملة النباح اليوم كانت قد نقلت على الهواء مباشرة صلاة الجمعة من مدينة كانو بنيجيريا 1997 وهي أكبر صلاة جامعة تقام في التاريخ حين صلى 5 ملايين مسلم خلف القائد في مشهد مهيب..
4- أن القائد لم يستبدل قناة "الهداية" القرءانية، وعشرات الإذاعات الدينية بقنوات الرقص والعري والخلاعة، والتطبيع المذل.. ولم يمول بناء كنيس يهودي بمبلغ 20 مليون دولار في قلب عاصمة عربية !!
ختاما..
على هؤلاء الناعقين بما لا يفقهون أن يعلموا أننا مع دمار العالم بمن فيه في سبيل القائد، وليحترق البشر والحجر، ويبقى القذافي أمينا على الأمة الإسلامية والعربية، إماما للمسلمين، وكعبة للمحرومين..
وقبل أن يصدر الشيخ القرضاوي فتواه المعلبة بـ"شهادة" كل من يموت على أرض ليبيا برصاص الشرطة فإننا نذكر- والذكرى تنفع المؤمنين- بأن الشيخ القرضاوي قال في تصريح موثق بالصوت وبالصورة عام 2009 خلال زيارته إلى خيمة القائد في صحاري "سرت" إن "ثورة الفاتح أنارت أوكارا مظلمة بالهداية إلى الدين الإسلامي في عدد كبير من بقاع الأرض."
والسلام على من اتبع الهدى..
sidimoha@yahoo.fr
الاحد 20 شباط (فبراير) 2011
بقلم : سيدي محمد ولد ابه، كاتب صحفي وعضو في اللجان الثورية