تصاعدت احتجاجات السائقين الموريتانيين المطالبين بتغيير قانون جديد للنقل العمومي أقره البرلمان في الأسابيع الأخيرة، وأثار جدلا واسعا في أوساط السائقين وشركات النقل العمومية.
ودخل مئات من السائقين لمختلف أنواع المركبات الصغيرة والكبيرة في اعتصام مفتوح وسط العاصمة نواكشوط للمطالبة بإلغاء هذا القانون، ورفع الظلم عن شريحة يصفونها بالأفقر والأكثر حاجة بين أصحاب المهن في موريتانيا.
ويفرض القانون الجديد عقوبات مشددة على السائقين الذين يتسببون في قتل وإصابة الأشخاص والمواشي أثناء قيادتهم لمركباتهم. وتصل هذه العقوبات في بعض الأحيان إلى السجن النافذ سنة كاملة، وإلى التغريم بمليوني أوقية (نحو 7246 دولارا).
"
يفرض القانون الجديد عقوبات مشددة على السائقين الذين يتسببون في قتل وإصابة الأشخاص والمواشي خلال قيادتهم لمركباتهم. وتصل هذه العقوبات في بعض الأحيان إلى السجن النافذ سنة كاملة، وإلى التغريم بمليوني أوقية
"
وقد تفاقمت أزمة النقل بين المدن وداخل العاصمة نواكشوط اليوم بعد التحاق أعداد من سائقي الأجرة بالاعتصام، احتجاجا على الزيادة التي أقرتها الحكومة قبل يومين في أسعار المحروقات، وأدت على الفور إلى زيادات في أسعار النقل بمختلف الاتجاهات.
ويواجه الناقلون صعوبات في تمرير الزيادات التي أضافوها على التعريفة القديمة بفعل رفض غالبية الركاب والمواطنين الاعتراف بها، رغم كونها منسجمة مع الزيادة الأصلية في أسعار المحروقات بحسب ما يقول السائقون.
ولا تتدخل المصالح الحكومية الموريتانية في تحديد أسعار النقل سواء في داخل المدن أو بينها، وتترك الأمر للسائقين وشركات النقل، وهو ما يثير من حين لآخر إشكالات في اتجاهين، ففي فترات الاتفاق بين اتحاديات النقل يشكو المواطنون من غلاء الأسعار، وفي فترات الاختلاف بينها يشكو الناقلون من كثرة المضاربات ومحدودية المكاسب.
استمرار الرفض
وقال السائق بتار ولد امهادي للجزيرة نت إن السائقين لن يبرحوا اعتصامهم حتى يرفع عنهم الظلم الذي وضعه عليهم هذا القانون الذي وصفه بالظالم، قائلا إنه من غير المنصف أن تسن السلطات قانونا قاسيا على السائقين بينما تفتقر البلاد بشكل كامل إلى البنى التحتية وطرق معبدة وجيدة، وهو ما يعني أن السائقين معرضون دائما لحوادث سير قاتلة في ظل وضع كهذا.
وأشار ولد امهادي إلى أنه كان حريا بالسلطات -قبل إصدار مثل هذا القانون- أن تشيد طرقا معبدة، وتصلح من شأن الموجودة، وتمنح حقوقا للسائقين وتتشاور مع نقاباتهم.
وحمل زميله محمد ولد عالي الحكومة مسؤولية غياب شركات التأمين عن مسرح الأحداث، واستحواذ السائقين الأجانب على نسبة معتبرة من هذه المهنة في موريتانيا.
وتساءل عبد الرحمن صو وهو سائق شاحنة : كيف يمكن لسائق لا يتمكن في الغالب من توفير قوت يوم ذويه وعياله من تعويض مليون أو مليوني أوقية نتيجة حوادث تعود أغلب أسبابها إلى انتشار الحيوانات السائبة، وترهل الطرقات، وغياب إشارات المرور؟ !
أسباب وأهداف
وفي وقت سابق قال بيان للحكومة الموريتانية إن قانون النقل الجديد يهدف "إلى الحد من الارتفاع المذهل لإحصائيات الوفيات البشرية المرتبطة بالقتل غير المتعمد"، وأشار إلى أن القانون يفتح الباب أمام إمكانية عقوبات قد تشمل غرامات واحتمال السجن بالإضافة إلى دفع الدية من قبل كل طرف مدان بقتل غير متعمد.
وقال وزير العدل الموريتاني عابدين ولد الخير إن هدف القانون ردع المتسببين في حوادث السير عن طريق اللامبالاة والتهور، حيث غدت حوادث السير ظاهرة مخيفة ومقلقلة في موريتانيا.
وأشار ولد الخير في معرض تبريره للقانون الجديد إلى أن القانون السابق كان يعاقب مرتكبي حوادث القتل غير العمد بالدية فقط، بينما يعاقب القانون الحالي مرتكبي تلك الحوادث بالسجن لفترة قد تصل إلى سنة فضلا عن التغريم.
المصدر : الجزيرة نت