كثر الجدل في بلادنا حول مدي فهم الخطاب السياسي المتمثل في المطالبة بتجديد الطبقة السياسية فاعتبر السابقون أنهم بهذا الحديث مستهدفون فهم له جند مجندون وأخطأ المستهدفون في فهمه فهم عنه إما غافلون يغازلون من لهم بالأمس مستغلون أو منقسمون إلي قسمين من يتمثل بفهمه لتشكيل سياسي حزبا أو حراكا مع أن التميز إطار جامع مانع لا يحتاج إلي عنوان كي يمارس من خلاله ،كما أن الشباب فكر قبل أن يكون فئة عمرية قد لا تكون بالضرورة شابة في فهم مقاصد ومقتضيات وتجليات عصرنا الحديث ولا حتى مستعدة لتفهمه بكل موضوعية وواقعية وتلك مشكلة من يريد لزمن "الفيس بوك" أن يعود "لدهر بوكـ".
وأما القسم الثاني فهو ممن يباهون بالربيع العربي وينادون من وراء حجاب للثورات في الشارع ويدعمون كل تظاهرة حتى ولو كانت بعناوين مختلفة فيثمنون تارة تظاهرات عفوية غير مؤطرة يسعي من ورائها من ضنت عليهم صناديق الاقتراع بانتشال كبواتهم متمثلين لذلك ادعم من هب كي تجد للرئاسة من دب علي أن لكل حزب يصب.
وتارة أخرى تجدهم يسعون وراء الطامعين في النيل من أمن وسكينة شعبنا المسالم من خلال إثارة النعرات غير آبهين بالمكتسبات الوطنية الكبرى وفي مقدمتها الوحدة الوطنية مع أن الشرارة ليست ذكية إلي حد استهداف الخصوم دون العموم.
وبين هذا وذاك أضحت دعوة القيادة السياسية للبلاد المتمثلة في ذلك تنتظر استجابة ناضجة وواقعية من طرف المعنيين بها أولا و هو ماجعلني أتجرأ لأكتب في سطور أن المراد في نظري بتجديد الطبقة السياسية ضمني وليس شكلي لان حكمة قول الله تعالي وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس كفيلة بان يحل زيد محل عمر بل المراد امتثال قوله تعالي" إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"..الآية.
وعليه فالقصد من وراء المسعى هو تغيير الخطاب السياسي من فن اللحلحة إلي فن العقلنة أولا ثم تعميم العدالة الاجتماعية كي يشعر المتلقي لأي خبر سياسي متعلق بمجتمع معين أن نتاج هذا العمل يترجم بجلاء خارطته الاجتماعية، وانطلاقا من ذلك سيتم إشراك مختلف التشكيلات السياسية من شيوخ و شباب ونساء ......الخ دونما مصادمة وذلك حسب معايير موضوعية تكفل للمتقدم قسمته وتصون للمنتظر في الطابور.
أما أنا فأعتقد أن فخامة رئيس الجمهورية عندما أطلق الخطاب عن وعي إنما أدرك أن التغيير المتكرر للأنظمة السياسية في بلا دنا لم يعالج أهم المشاكل الحقيقية الكامنة وراء الاحتقان السياسي و المتمثلة في تكريس الزبونية فالحل الوحيد في نظري هو التجديد الضمني للطبقة السياسية وذلك للخروج من الأزمات المتلاحقة و التي لم تكن بسب أوبئة أو كوارث بل بسب إفلاس واضح في الخطاب السياسي ، الثقافي ، الاجتماعي و الاقتصادي وحتى الأمني للطبقة السياسية التي ساست البلاد فأهلكت العباد وأرست الفساد وأفقرت من الشعب السواد.
وما تكرار الدعوة في المحطة الأخيرة لرئيس الجمهورية بمدينة انواذيبوا إلا تعبيرا صادقا و إيمانا مطلقا مفاده أن العناوين البارزة في برنامجه الانتخابي بنيتها التحتية الأساسية وعصاها السحرية هي تجديد الطبقة السياسية كي يتسنى لبلادنا أن تستقر وتستفيد من برامج التنمية الشاملة و التي نسعى من رائها ، وهو ما يجعلنا اليوم أكثر من ذي قبل نتظر في الغد الباكر تجسيدا فعليا لمقتضيات الدعوة من طرف قيادتنا الوطنية و التي عودتنا علي الوفاء بالتزاماتها حتى و لو اصطدمت باللاءات المتكررة و ما الصمود علي محاربة الفساد إلا دليلا قاطعا علي صدق الاستشهاد.
وحاصل فذلكة القول أن الشباب معني بالدرجة الأولي بفهم مقاصد الدعوة و بمقتضيات المرحلة و بذلك فهو مدعو من طرف أعلي سلطة في البلد إلي تحمل مسؤولياته كاملة، و بالمناسبة فإنني استنهض هممكم للخروج من دائرة التنظير إلي دائرة التطبيق كي نتمكن من تحقيق التنمية الشاملة و التي يسعي إليها رائدها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز وما ذلك علي الله بعزيز.
ــــــــــــــــــــــــــــ
محمد الأمين ولد حبيب
الهاتف : 26549091 / 46549091
mlhabib@mauritanie.mr