على كرسي طبي، يضجع الإسباني محمد (50 عامًا)، الذي اعتنق الإسلام حديثًا، على يد أحد مشايخ الصوفية في موريتانيا، يدفعه طاقم طبي الى غرفة العمليات لإجراء عملية ختان أي "الطهارة" عند المسلمين.
محمد كما يُدعى، بعد دخوله الإسلام، بعد أن كان اسمه راؤول، يبدو سعيدًا بهذه الخطوة، التي قدم عليها راضيًا غير مكرهٍ،
بل مطمئن القلب - كما يقول- لأن قلبه مُليء إيمانًا، والطهارة شرط من شروط الإيمان، قرر أن يُجري عملية "ختان"، وهو في عقده الخامس، غير متهم بالطقوس التي دأب عليها المجتمع الموريتاني، وليس خجولاً، لأنه عرف من الشيخ الذي يفقهه في الدين، أن عليه أن يجري عملية ختان، لأنه أصبح مسلمًا، والمسلم تجب طهارته، رغم أنه في مجتمع تقليدي، يُقدم على عملية الطاهرة لكل أبنائه في مرحلة الطفولة، أو قبل بلوغ سن الرشد.
ويضيف : "أنا سعيد بأنني أجريت عملية ختان ناجحة، وهذا مهم من الناحية الصحية والدينية، إنني اشعر بأنني ولدت من جديد"، هكذا صرح الإسباني محمد، وملامح الفرحة تبدو على محياه.
وذكرت مصادر مطلعة لـ"العرب اليوم"، داخل مستشفى العاصمة الموريتانية نواكشوط، أن "الدوائر الصحية بموريتانيا سجلت ارتفاعًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، للعديد من المسؤولين الدبلوماسيين الغربيين، الراغبين في إجراء عمليات ختان في مستشفيات العاصمة".
وقد لوحظ في موريتانيا أن الغربيين من (الفرنسيين- الإسبانيين- والأميركيين..)، الذين يدخلون الإسلام على أيدي مشايخ الصوفية أو رجال الدعوة والإرشاد، يتوجهون بشكل متزايد إلى المستشفى، لإجراء عمليات ختان في إطار "الطهارة"، بالإضافة إلى أن الختان صحي بالنسبة للرجال، على عكس (ختان الإناث)، الذي صدرت فتوى مؤخرًا في موريتانيا تفتي بعدم شرعيته، كما أثبتت الدراسات خطورته الصحية، كما قدمت الحكومة الموريتانية حملات من أجل محاربة ظاهرة الختان لدى الإناث.
محمد الإسباني المسلم، يرى أن "الختان يجلب مزيدًا من الصحة للرجل، أما بالنسبة للمرأة فيجلب مزيدًا من الأمراض"، هكذا تحدث مع ابتسامة عريضة وأملٍ كبيرين.
يشار إلى أن موريتانيا لها طابعها الخاص، وثقافتها التقليدية التي تطبعها البداوة، وتشتهر فيها عمليات الختان لدى الأطفال في سن الـ5 من العمر، أو أحيانًا، في الأيام الأولى من الولادة، فيما يصعب إجراء عمليات الختان في الغرب، لمن هم دون سن الـ18، حيث لا يمكنهم اتخاذ قرارات في حياتهم، وهل هم يريدون الختان أم لا، وقد يتم إجراء عمليات ختان- حال رغبتهم فيها- في سن متقدمة، مقارنة مع الموريتانيين، الذين يتجاوزون العملية في مرحلة الصبا.
يذكر أن عمليات الختان تُمَارَس بشكلٍ كبير، في المستشفيات الأوروبية والأميركية، حيث ينصح بها خبراء الصحة الجنسية والمسالك البولية، لمزيد من تفادي أمراض جنسية خطيرة.
ورغم الثقافة التقليدية التي لدى الموريتانيين، ونظرة الاستغراب التي يواجهون بها من يجري عملية الختان في سن متأخرة من الموريتانيين، إلا أنهم يتفهمون ويتقبلون الأمر من الغربيين، حديثي العهد بالإسلام، ويشجعونهم ويتعاطفون معهم.
المصدر : العرب اليوم