عودة رئيس الجمهورية من ولاية لعصابه :|: تآزر : قمنا بتحويلات نقدية لآلاف الأسر في العصابة :|: وزيرة : تضاعف عدد المؤمنين لدىCNAM :|: الجيش المالي يتفق مع موريتانيا على تأمين الحدود :|: أبرز المشاريع التنموية التي أطلقها الرئيس في كيفه :|: تكليف شركةسعودية بدراسة جدوى خط أنابيب للغاز بموريتانيا :|: رئيس الجمهورية يصل إلى مدينة كيفه :|: مدير BP موريتانيا : علاقتنا متميزة مع الحكومة الموريتانية :|: بيان من نقابة أحرار التعليم :|: "Aura Energy" تعلن إعادة هيكلة اتفاقية اليورانيوم في موريتانيا :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
AFP : موريتانيا أرسلت أدلة على مقتل مواطنيها لمالي
بعد تحديد معايير التزكية... من هم مرشحو الرئاسيات ؟
تحديث جديد على "واتساب" يثير غضب المستخدمين !
أصغر دولة في العالم يسكنها 25 نسمة فقط !!
محامي يحذر من تضررصحة موكله الرئيس السابق عزيز
جولة في حياة الفقيد محمد ولد إبراهيم ولد السيد
 
 
 
 

تحقيق سياسي : مالي.. تحالف « القومية » و« الفقر والقاعدة » !

vendredi 27 avril 2012


تشكل "جمهورية مالي" دليلًا حيًا على أن الديمقراطية بمعناها المباشر، أي انتخابات حرة وتداول سلمي للسلطة، لا تشكل ضمانة أو مؤشرًا على الاستقرار والتقدم، فالبلد، الذي تبلغ مساحته نحو 1.2 مليون كم وتعداد سكانه نحو 15 مليونًا ولا يمتلك أي سواحل خارجية، يعيش في ظل تجربة ديمقراطية منذ 1992، تناوب خلالها رئيسان على الإمساك بمقاليد الحكم، لكن ذلك لم يحل دون تفشي الفقر وانعدام التنمية وتهميش مناطق الشمال، التي يسكنها خليط من قبائل الطوارق والعرب، يمثلون نحو خمس السكان ويتمددون على ثلث مساحة البلاد، وعلى عكس السائد عالميا من كون "الشمال" هو الأكثر ثراء وسلطة، فإن السلطة والثروة تتمركز في جنوب مالي، وهو ما دفع بسكان الشمال للقيام بحركات تمرد متتالية، انتهت قبل أيام بإعلان "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" إقامة دولة مستقلة في "إقليم أزواد"، وهو الاسم التاريخي لشمال مالي.

هذا الفشل للتجربة الديمقراطية في مالي يؤكد أن الانتخابات النزيهة والبرلمانات المنتخبة هي مجرد أدوات فقط، وأن تحقيق التنمية وتعزيز قيم المساواة والمواطنة، يحتاج إلى مشروع وطني يعمل عبر هذه الأدوات، ويستفيد مما تتضمنه من آليات للرقابة والمحاسبة، لكن ما حدث في مالي هو أن اللعبة الديمقراطية كانت مجرد "ديكور" يتباهى به القائمون على السلطة أمام العالم الخارجي، في حين أن غالبية المواطنين الغارقين في أوحال الفقر والأمية والمرض، كانوا بعيدين تماما عن تلك المسرحية، ولذا فإن معدلات المشاركة في الانتخابات المتتالية التي شهدتها البلاد كانت ضعيفة للغاية، لقناعة المواطنين بأنه لا فائدة، مباشرة أو غير مباشرة، سوف تنعكس من ورائها على ظروفهم المعيشية.

أكراد أفريقيا

وفي ظل هذه الأجواء كانت معاناة سكان الشمال تتزايد، وإحساسهم بالتهميش والظلم يترسخ، خاصة أن مناطقهم كانت تشكل منارة العلم والثقافة الإسلامية في غرب أفريقيا بأكمله خلال القرن الرابع عشر وأوائل القرن الخامس عشر الميلاديين، ثم جاء الاحتلال الفرنسي، ليحاول طمس تاريخ وهوية تلك المنطقة، لكنه قوبل بمقاومة شعبية ضارية، وكان لشيوخ الصوفية دور تاريخي بارز في قيادة الجهاد ضد الاستعمار في غرب أفريقيا، لكن للأسف ومع رحيل الاستعمار قام بتسليم السلطة لنخب محلية فرانكوفونية الهوى والولاء، وهو ما جعل معظم بلدان غرب أفريقيا تتحول من "الاحتلال الصريح" إلى "احتلال بالوكالة"، تتولاه نخب تلقت تعليمها في مدارس المستعمر الفرنسي، وتدين له بالولاء التام.

وبالنسبة للطوارق، الذين يشكلون غالبية سكان شمال مالي، فإنهم يشكلون النظير الأفريقي لمشكلة "الأكراد" في آسيا، حيث يشكلون وحدة عرقية وثقافية ودينية متجانسة، فهم يتكلمون لغة واحدة ويدينون بالإسلام وتجمعهم هوية تاريخية ويقيمون في إقليم متصل، لكن المستعمر الغربي عندما وضع الحدود السياسية قام بتقسيم أراضيهم ما بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو وليبيا والجزائر، وبالتالي أصبح الطوارق، من جهة، مظلومين، لكونهم محرومين من العيش في وطن قومي يجمع شتاتهم، ومن جهة ثانية ظالمين، لكونهم مصدرًا للقلاقل والاضطراب للحكومات التي يعيشون في ظلها، إلا أن وتيرة ذلك تختلف من دولة لأخرى، فتمرد الطوارق يصل لذروته في كل من النيجر ومالي، حيث يشكون من التهميش والفقر، بينما تعد أوضاعهم أكثر استقرارا في الجزائر وليبيا وبوركينا فاسو.

القذافي يتدخل !

أما بالنسبة للطوارق في مالي، فقد سعى زعماؤهم منذ وقت مبكر ومع بشائر الانسحاب الفرنسي من البلاد للحصول على اعتراف المستعمر بـ"إقليم أزواد" كدولة مستقلة وعدم ضمهم إلى مالي، لكن الفرنسيين تجاهلوا العريضة التي رفعها إليهم زعماء الإقليم، الذين واصلوا مسعاهم للانفصال عن السلطة المركزية في "باماكو"، وقادوا عدة حركات للتمرد، حيث جرى قمع بعضها، فيما انتهى البعض الآخر باتفاقات متكررة مع الحكومات المالية المتعاقبة تنص على تحسين أوضاع الإقليم وتنميته وإنهاء تهميش وحرمان أبنائه من تولي المواقع القيادية في البلاد، لكن تلك الاتفاقات كانت مجرد "حبر على ورق"، ولم ينتج عنها سوى إحداث المزيد من الانشقاقات في صفوف الحركات التي تتزعم النضال ضد الحكومة المركزية، ومعظم هذه الحركات كان يغلب عليه الطابع القومي القبلي، ولم تكن هناك حركات ذات ميول دينية، حيث إن الشعب المالي بأغلبيته الساحقة يعتنق الإسلام، ولا توجد حتى اختلافات مذهبية ذات شأن ما بين الشمال والجنوب.

واستمر الوضع هكذا ما بين هبوط وصعود، فتارة تهدأ الأمور في الإقليم وتارة تتصاعد وتيرة التمرد، وكان لدول الجوار دور كبير في تحديد وتيرة الهبوط والصعود، حيث تمتلك الجزائر وموريتانيا نفوذا قويا لدى زعماء قبائل الطوارق في مالي، ثم دخل نظام العقيد الليبي معمر القذافي "على الخط" في أواخر التسعينات من القرن الماضي، وبات صاحب التأثير الأقوى فيما يتعلق بالطوارق، ليس فقط في مالي، ولكن أيضا في النيجر وبوركينا فاسو، حيث أمدهم بالسلاح والأموال، وقام بتجنيد المئات منهم في صفوف قواته، وبذلك تحول العقيد المهووس بالسلطة والنفوذ، إلى الوسيط الأهم ما بين الطوارق والحكومة المالية، وبات بيده قرار الحرب والسلم.

القاعدة على الخط

وبالتوازي مع دخول القذافي حدث تغير جوهري آخر على قواعد اللعبة في شمال مالي، حيث بدأت طلائع مقاتلي تنظيم القاعدة في الظهور بالإقليم مطلع القرن الحالي، فالبعض لجأ لتلك المنطقة المقحلة بقلب الصحراء الكبرى هربا من قبضة الجيش الجزائري الذي نجح في تصفية معظم جيوب الحركات المسلحة، والبعض الآخر قدم من أفغانستان مفضلا التواري عن الأنظار وإعادة ترتيب صفوفه في تلك البقعة المعزولة، بدلا من العودة إلى بلدانهم الأصلية في الجزائر أو موريتانيا، لمواجهة الاعتقال أو المطاردة.

وفي ضوء ذلك أصبح المثلث الحدودي ما بين الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا يشكل نقطة عمليات رئيسية لتنظيم القاعدة في الصحراء الكبرى، ونجح قادة التنظيم في نسج شبكة علاقات قوية مع زعماء القبائل وعصابات التهريب التي تنشط بشدة في المنطقة، مستفيدة من وعورة التضاريس وضعف الوجود الأمني.

وتشير تقارير متعددة إلى أن الرئيس المالي "أمادو توماني"، الذي أطاح به انقلاب عسكري في 22 مارس الماضي، عقد في السنوات الأخيرة تفاهما غير مكتوب مع عناصر القاعدة، تمتنع بموجبه "القاعدة" عن تنفيذ عمليَّات داخل المدن الماليَّة مقابل قيام مالي بغض الطرف عن تحركات خلايا التنظيم في المنطقة الحدودية الشمالية، ومما يعزز تلك التقارير إقدام مالي في عام 2010 على إطلاق سراح أربعة من عناصر القاعدة المحتجزين في سجونها مقابل إطلاق "القاعدة" لرهينة فرنسية كانت تحتجزها، وقد أدت تلك الخطوة، التي قيل أن فرنسا شاركت في ترتيبها، لقيام الجزائر وموريتانيا- حينئذ- بقطع علاقتهما مع مالي.

مباراة شطرنج

وهكذا بات "شمال مالي" أشبه بـ"مباراة شطرنج" شديدة التعقيد، فهناك الفقر والتهميش، وسكان مفعمون بحلم إقامة بناء دولتهم المستقلة، والعقيد الليبي يغدق أمواله وسلاحه على مختلف الأطراف، وتنظيم القاعدة يبحث عن "ملاذ آمن" بين قبائل المنطقة، ودول الجوار تسعى لإيجاد موطئ قدم حتى تستطيع مراقبة القاعدة ومنع تسللها لأراضيها، وحكومة مالية عاجزة عن التصرف، وتريد تجنب أي مواجهة، حتى لو كان الثمن هو "غض الطرف" عن تحركات القاعدة.

هذا الخليط المتفجر أخذ في التفاعل ببطء حتى جاءت لحظة الانفجار مع سقوط نظام العقيد القذافي في ليبيا، إذ عاد مئات من المقاتلين الطوارق الذين قاتلوا في صفوف "كتائب القذافي" إلى شمال مالي، محملين بعتاد عسكري هائل، وبالتزامن مع ذلك كان وجود "القاعدة" بالمنطقة قد أثمر عن تحول قيادات قبلية بارزة من النضال تلك "اللافتة القومية" إلى "القتال المقدس" باسم الدين، ويشكل "إياد غالي"، زعيم حركة "أنصار الدين"، أبرز الأمثلة على ذلك، فهو كان من القيادات القبلية البارزة ذات التوجه القومي الوطني، وشارك في توقيع اتفاق 1992 مع الحكومة المالية، ثم عمل قنصلا لمالي في "جدة" بالسعودية، وفي القتال الأخير قاد "غالي" حركة "أنصار الدين" ذات التوجه الجهادي القريب من "القاعدة"، وكان لقواته الدور الأبرز في تحرير مدن الشمال، واحدة تلو الأخرى، وذلك بالمشاركة مع حركات أخرى بعضها قومي قبلي، وبعضها قريب من "القاعدة".

ومع أن قادة الانقلاب، الذي أطاح بالرئيس "أمادو توماني"، اتهموه بالتساهل في مواجهة المتمردين، إلا أن الارتباك والشلل الذي أصاب البلاد عقب الانقلاب، منح الفرصة لمقاتلي الطوارق كي يحكموا سيطرتهم على باقي مدن الشمال، ويعلنوا إقامة دولة "إزواد المستقلة"، وفي المقابل فإن رد الفعل الإقليمي والدولي الرافض بشدة لانفصال الشمال، خاصة بعدما تحول إلى ملاذ آمن لعناصر القاعدة، يشير إلى أن الأيام القادمة سوف تشهد تطورات جديدة، فرغم رفض الانفصال، إلا أن الجميع شبه متفق على أن الحل العسكري لوحده لن يفلح هذه المرة، وأنه لا بد من تسوية سياسية تمنح الطوارق حكما ذاتيا واسعا، مقابل قيامهم بطرد عناصر القاعدة من الإقليم.

ويبدو أن هذه الصفقة هي الأقرب للحدوث، خاصة أن معظم الأطراف الفاعلة، تحجم حتى الآن عن إبداء أي حماسة للخيار العسكري، في ضوء وعورة تضاريس المنطقة ومساحتها الشاسعة وتماسكها السكاني، بحكم الولاءات القبلية.

المصدر :العرب أون لاين

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا