أشهرا بعد سقوط مناطق بالشمال المالي بيد المتشددين الإسلاميين بدأت ملامح الإمارة الإسلامية تتضح بتقدم عناصر تنظيم القاعدة وأنصار الدين في بسط سلطانهم وفرض "قوانينهم" على سكان مدينة تمبكتو التي قد تتحول منطلقا لغزو باقي البلاد الواقعة في فوضى عارمة بفعل تدفق الأسلحة عليها من ليبيا وبعد انقلاب عسكري أطاح بحكومتها المدنية، الأمر الذي يوفر ملاذا جديدا -في أفريقيا هذه المرة وعلى تخوم المغرب العربي- لتنظيم القاعدة الواقع تحت ضغط شديد في أفغانستان واليمن.
وشرع عناصر القاعدة في تطبيق منظومة الحلال والحرام بشكل حرفي لتشمل فرض الصلاة بالقوة ومنع التدخين وتحطيم النصب التذكارية باعتبارها أصناما.
وموقع مالي جد استراتيجي لتنظيم القاعدة باعتبار البلد حلقة وسطى في طريق تهريب الأسلحة والمخدرات والبشر من سواحل غرب أفريقيا غير المراقبة جيدا من قبل الدول الواقعة عليها، ومنطقة المغرب العربي حيث الحرب غير المعلنة في الجزائر تحديدا بين الجيش وفلول التنظيم المتحصنة بالجبال.
ونُقل الاربعاء عن شهود عيان قولهم إن الاسلاميين الذين يسيطرون على تمبكتو بالشمال المالي اقتلعوا "نصب الشهداء" الذي اقيم إحياء لذكرى ضحايا الكفاح ضد دكتاتورية الجنرال موسى تراوري سنة 1991 وجلدوا شبانا كانوا يدخنون.
وقال معلم من تمبكتو في اتصال هاتفي مع وكالة الانباء الفرنسية "انهم حاولوا اولا تكسير التمثال لكنهم لم يفلحوا" و"بعد ذلك وضعوا حبلا حول النصب وربطوه بسيارة سارت على مهل حتى اسقطوه".
واكد سكان اخرون الخبر مضيفين ان عناصر من انصار الدين والقاعدة في بلاد المغرب الاسلامي هم من اقتلع النصب.
وقال احدهم ان "مقاتلي القاعدة وانصار الدين ابتهجوا عندما سقط النصب".
واقيمت تقريبا في كافة المدن المالية "نصب الشهداء" احياء لذكرى ماليين سقطوا في 26 اذار-مارس 1991 في تظاهرات شهدتها باماكو وادت الى سقوط الجنرال موسى تراوري.
وقد دمر الاسلاميون تمثال "الفاروق"، وهو حصان يرمز الى مدينة تمبكتو التي سقطت مع منطقتي غاو وكيدال شمال البلاد اثر الانقلاب الذي اطاح بالرئيس أمادو توماني توري في 22 اذار-مارس.
كما دنسوا مؤخرا ضريحا، ما اثار قلق اليونسكو على مخطوطات مشهورة تملكها المدينة ويعود معظمها الى عهد تمبكتو الذهبي بين القرنين الثاني والخالاربعاء عشر تعتبر ثمنية جدا في مجال العلوم الدينية والرياضيات والطب وعلم الفلك والموسيقى.
وفي نطاق هيمنته المتزايدة على المدينة ضبط عناصر انصار الدين والقاعدة في بلاد المغرب الاسلامي اعدادا كبيرة من صناديق السجائر في عدة محلات تجارية. وقال شاهد "إنهم احرقوها وجلدوا شبانا كانوا يدخنون".
وحدثت هذه الوقائع قبل لقاء متوقع في تمبكتو بين اياد اغ غالي قائد انصار الدين وقادة حركات اسلامية متواجدة في شمال مالي بما فيها القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.
ويقول ملاحظون إن التطورات الكبيرة التي شهدتها القارة الافريقية لا سيما جزءها العربي، وتأثير الأحداث في ليبيا على جمهورية مالي والظهور اللافت لتيار السلفية في تونس وتصاعد عمليات تنظيم "بوكو حرام" في نيجيريا فضلا عن الوضع في الصومال، جميعها مؤشرات على دخول تنظيم القاعدة "عصره الأفريقي" بعد أن فقد عمليا موطنه الأصلي في أفغانستان وبعد أن لاحقته آلة الحرب الأمريكية في اليمن.
"العرب أونلاين ووكالات".