لقد برهن الزعيم مسعود ولد بلخير من خلال إطلالته الإعلامية الأخيرة في التلفزيون الوطني في برنامجه (حوار) على عظمته وشمولية رؤيته وسداد تصوره حول الوطن والشعب كما برهن على عدم مساومته أو مجاملته بخصوص القضايا المصيرية له كالوحدة الوطنية والسلم الأهلي والوئام الاجتماعي.
لقد رأينا ذالك واضحا وتجلى لنا بكل مالا يدع مجالا للشك في أحداث الحلقة المثيرة والشيقة ـ كما وصفها مقدم البرنامج ـ حيث كان الزعيم مسعود يجيب على أسئلة الصحفيين بكل ثقة وشجاعة وجدية، فكان المجيب الممتاز الذي يصحح المعلومة غير الدقيقة ويقوم المفهوم الخاطئ ويعود للتاريخ ليذكر بالماضي ويتأمل في الحاضر ليستشرف للمستقبل، فيمزج بذالك إجابات غاية في الروعة والصحة فيأسرك بشخصيته الكاريزمية الجذابة والمؤثرة وأريحيته اللطيفة ونكاته الظريف، لتمر عليك اللحظات والدقائق والساعات سراعا وأنت لاتزال متلهفا لسماع حديثه ومنقادا أشد الانقياد لمعرفة ما سينطق به الرجل من آراء وما سيعلن عنه من مواقف ،لاشك ستكون دقيقة وشريفة تنطلق من الحرص على تماسك الوطن وسلامة المواطن كركنين جوهريين في إبحار سفينة الدولة بكل سلاسة وانسيابية وأمان.
وتظهر عظمة مسعود أكثر في توجيهه الأبوي الحنون لكل أبناء هذا الشعب بضرورة تغليب منطق العقل والحكمة بدل الانحراف والانجرار وراء العواطف العمياء وإملاءاتها غير محمودة العواقب وقد ساعده كثيرا في التوفيق في خرجته الإعلامية المباركة طبيعة المرحلة وما تتميزبه من شد وتصعيد من قبل زملائه في منسقية المعارضة المقاطعة للحوار والمنادية برحيل النظام من جهة ،ومن جهة ثانية صمت النظام ولامبالاته في بالظروف الخاصة والدقيقة التي تمر بها البلاد، والتي تتطلب كما أكد على ذالك الزعيم مسعود،المزيد من الانفتاح والاستقصاء بدلا من الإقصاء وأخذ العبرة مما يدور حولنا من مخاطر تهدد جيراننا.
فكان مسعود بهذا الموقف والموقع يمثل الوسطية العادلة يضاف إلى ذالك زهده وتواريه عن الأضواء إلا للضرورة القصوى فمعروف عن الزعيم مسعود تواضعه وبساطته وأصالة طبعه وصراحته فرغم الشهرة الواسعة والكبيرة التي تحظى بها شخصيته النضالية المتميزة إلا أنه مع ذالك ظل معتكفا وقليل الحضور في وسائل الإعلام مقارنة مع غيره من الساسة المعروفون بالإعلام فالرجل ورغم المنبر التشريعي السامي الذي يرأس والذي يحظى بإمكانيات إعلامية واسعة، فإنه فضل انتهاج سياسة التقشف الإعلامي مفسحا مجال المشاركة لنوابه في رئاسة وتمثيل الجمعية الوطنية، وهي سنة لم يألفها المواطن الموريتاني إلا في مأموريته كرئيس للجمعية الوطنية، ومع ذالك كانت خرجاته الإعلامية على قلتها إلا أنها كانت دائما كبيرة وعميقة في مدلولاتها ومعانيها لما حفلت به من مواقف شجاعة وخالدة كان لها دائما الحكم الفصل في موازين القوى وتعديل الكفة.
وهنا وللتاريخ ختم الزعيم مسعود حديثه بنصيحة وتوجيه ودي وأخوي صادق إلى زملائه في المنسقية بضرورة التعقل والتعالي على بعد الإنية والحزبية الضيقة وجعل مصلحة الوطن فوق كل إعتبار ،وهي في الحقيقة دعوة من صميم قلب طيب ولسان صادق هدف صاحبه الأساس مصلحة الوطن ولاغبر فهل تجد صدى وآذانا صاغية قبل فوات الأوان؟ ,