في أحد أيام شهر يوليو القائظ كنت على موعد مع مفاجئة من العيار الثقيل تتعلق بأن العطلة الصيفية هذه السنة يجب أن اقضيها بتونس نظرا لأن الدولة لا تمنح تذكرة سفر كل سنة بل كل سنتين وأنا استطعت شراء تذكرة في عامى الأول لتيسر ظروفي المادية من جهة وسهولة الحياة في الحي الجامعي نظرا لانعدام تكاليف السكن والمعيشة تقريبا.وهو عكس حالي في هذه السنة مع الاشارة إلى أن منحة الأشهر الثلاث (ابريل مايو يونيو) متأخرة.
إنها معادلة صعبة حققت معجزة النجاح ومع ذلك لا سبيل للفرح مع العائلة والأصدقاء وكبت الأعداء.
اتكلت على الله وجلست أفكر في الخروج من هذا المأزق الكبير، ذلك أن العطلة في العاصمة مكلفة ماديا جدا والعاصمة شدة السخونة صيفا وفي الأحياء التي نسكن فيها غالبا يوجد الناموس نظرا لكثرة المياه والأشجار وأنا أريد ان أغير الأجواء هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإنه يصعب إيجاد رفقة من الطلبة الموريتانيين "اللي عظ لحنش يخلع لحبل" يمكنني أن أثق فيهم وأعيش معهم في الأحياء التي يسكنها الطلبة الموريتانيون ممن أعرفهم حيث يتسابق غالبية الطلبة لقضاء عطلة الصيف في الوطن أو في الجزائر وليبيا ومن عجز عن ذلك يقضيها في الداخل كنوع من كسر الرتابة.
يقول المثل :" رب أخ لك لم تلده أمك" بينما انا غارق في التفكيرإذ فكرت بعرض طالما قدمه لي أخي وزميلي وأستاذي في الدراسة بتونس عمار ميري الذي اكن له الاحترام والتقدير مع شكري الجزيل له ولأسرة أهله الكريمة، الذي رافقني منذ البداية مرشدا ومعينا .
كان دائما ما يعرض علي أن أذهب معه إلى أهله في قرية نائية بوسط الجنوب التونسي "ولاية سيدي بوزيد" وتسمى "بن عون"،وكنت كثيرا ما أداري طلبه بديبلوماسية.كما أخصص هنا شكر أخته الكريمة "سميرة ميري" التي كانت تعمل في مدرسة سياقة بالعاصمة تونس قرب حديقة "لحبيب ثامر" على ما قدمته لي من مساعدة.(اهل الجنوب يشبهون الموريتانيين في الكثير من العادات منها الكرم والحفاظ على العادات والدين).
ذهبت إليه وجلسنا في المقهى حيث تعقد الجلسات الخاصة بتونس عادة وأخبرته ظروفي فقال مع ابتسامته وكرمه المعهود :" مرحبا، هذا لا يحتاج لتفكير،عندما تستعد للسفر اذهب اتصل بي استقبلك في المحطة ورسم لي مسار وخطة السفر"وأضاف :" أختي سميرة ميري معك واذا احتجت أي شيئ ستساعدك".
أكملت أنا نصف شهر في انتظار تسوية بعض الأمور منها وداع امتعتي وحصولي على شهادتي والمنحة.
في صباح أحد أيام شهر يوليو حان موعد جديد لمفاجئة اخرى في الغربة ...
بقلم : محمد ولد محمد الأمين (نافع))
للتعليق والملاحظة : oulnafaa.mohamed@gmail.com
ملاحظة :
هذه المذكرات واقعية نشرت جامعة " جورج تاون" الأمريكية مقتطفات منها في بعض كتبها المدرسية المترجمة باللغة الانجليزية التي تدرس بغالبية جامعات العالم(راجع الحلقات السابقة بالموقع زاوية رأي).
ملاحظة : (كاتب هذه المذكرات يرجو من القراء الكرام متابعة باقي حلقات المذكرات على هذ الموقع ابتداء من شهر اكتوبر نظرا لوجوده في سفر وظروف خاصة طيلة شهر سبتمبر المقبل).