كان قرص الشمس قان يميل للصفرة عندما توقفت الحافلة عند محطة بوسط قرية "بن عون" الوادعة،وكان مضيفي زميلي "عمارميري" صحبة بعض أصدقائه في انتظاري.. رحب بي أكبر ترحيب وذهب بي لمنزل أهله.
عرفني على والدته وبعض إخوته ووضعهم الوظيفي وترتيبهم في الأسرة وأكرمني غاية الاكرام وحرص وإياهم على راحتي وحسن ضيافتي طيلة شهر ونصف قضيتها معهم في تلك القرية الريفية الجميلة.
"بن عون" هي قرية ريفية جميلة تابعة لولاية سيدي بوزيد يقدر سكانها ب10 آلاف وهم من سكان الريف البسطاء في غالبيتهم لا توجد بها نهضة عمرانية و فيها مركز للحرس ومقر للبلدية والحاكم ومستوصف ودار للشباب وبعض المدراس ابتدائية واعدادية وثانوية ووسائل النقل فيها متواضعة وتحدها تجمعات ريفية.
فيها شارع رئيسي واحد يقسمها نصفين تقع عليه غالبية المحلات والمرافق الرئيسية بالقرية وتوجد عليه محطات النقل الداخلي المسمى"النقل الريفي" والنقل خارج القرية لعاصمة الولاية والولايات المجاورة وحتى العاصمة تونس.
سكان القرية محترمون ومحافظون ويمنع فيها الاختلاط بين الجنسين أو الحديث بينهم في الشارع،يحرص سكانها على أداء الصلاة في الجامع الرئيس فيها، أما الاقتصاد في القرية فمثل ماهو اقتصاد الولاية يقوم على الزراعة وتنمية الماشية.
كان برنامج العطلة الصيفية يقتصر في النهار لشدة الحرعلى النوم والمطالعة وفي المساء زيارة بعض المعالم المتواضعة في القرية كدار الشباب وسوق "الأحد" يوم الأحد والتجوال في السوق المركزي بوسط القرية، وزيارة منازل بعض أخوته وأقاربه وجيرانه وأصدقائه.
أما ليلا فكنا ننظم حلقات سمر فى المقهى الرئيسى بالقرية حيث يتطارح هو وزملاءه هموم شباب القرية من بطالة وتهميش رسميين ومشاكل الدراسة وغلاء المعيشة، وهي مشاكل يعاني منها الجنوب التونسي بصفة عامة حيث ضعف التنمية وتنعكس على الشباب هناك خاصة ،كما قد يسردون قصصا عن " الحرقان" وهي كلمة تعني بالدارجة التونسية "هجرة الشباب التونسي" غير الشرعية إلى أوربا.
وطبعا هنالك لعب الورق"كرت" بين البعض من زملائه"زميلي عمار لا نلعب الورق مثلي"،كما لا يخلو حديث السمر الشبابي التونسي هذا من قصص غرامية يرويها البعض منهم عن علاقاته مع الجنس الناعم خاصة في الدراسة ومواضيع مثل الأفلام والمسلسلات والسينما والكرة .
كنا نخصص جزءا من الليل للسمر في دار أخته الكريمة"تفاحة" وزوجها الموقر" امبارك" حيث نتجاذب اطراف الحديث معهما ونسهر على التلفزيون، ونمتع جونا باللعب مع أبنيهما" شهاب وأثير".
خلال إقامتى مع هذه الأسرة اكتشفت حسن الضيافة والشهامة والبساطة وحسن الأخلاق كما كنت أسمع عنها في الجنوب التونسي حيث يقال إن الجنوب التونسي يشبه مجتمعنا في موريتانيا في تلك الصفات أكثر من نواحي البلاد التونسية الاخرى وغالبية بلدان العالم حيث الفردية وطغيان القيم المادية.(وبالمناسبة أسجل هنا عرفاني بالجميل على مرالأيام لتلك الأسرة الكريمة).
في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر1999 كان علي أن...
بقلم :محمد ولد محمد الأمين (نافع)
ملاحظة :
للتعليق والملاحظات :
oulnafaa.mohamed@gmail.com
هذه المذكرات واقعية نشرت جامعة " جورج تاون" الأمريكية مقتطفات منها في بعض كتبها المدرسية المترجمة باللغة الانجليزية التي تدرس بغالبية جامعات العالم(راجع الحلقات السابقة بالموقع زاوية رأي).