سأكتب وأقسم يا صديقي "القلم"مادام كل شيء جائزا في بلد المليون سياسي والمليون و..... ؟؟
كم مرة قال لي صديقي لماذا لا تكتب وأنت في بلد المليون كاتب.. وفي غمرة الحاحه علي، أجبته بقولي سأكتب.
أخذت القلم لأكتب.. فرفض القلم واعتذر قائلا : "لن أكتب مادامت الأمور هنا بلا حدود ، كما أنني اليوم مشغول وليس عندي وقت للكتابة. ألم تسمع بالمسيرة الحاشدة التي ستنظمها اليوم الهيئة العامة لاتحاديات, ونقابات , وأحزاب , ومنظمات ,وهيئات , وجرايد , ومجلات , ومواقع , وتجمعات "لقلوم واتواغط" في البلد اليوم انطلاقا من أمام المكتبة الكبرى باتجاه القصر الرئاسي حيث من المقرر أن تنظم هناك وقفة احتجاج واعتصام مفتوح حتى تلبى مطالبنا كاملة غير منقوصة".
هذا حق مشروع يكفله الدستور للجميع؛ لكن أرجوك.. أنا اليوم يا صديقي بحاجة إليك.. ابق معي، فالأقلام كثيرة وسيمثلونك في الاعتصام..
"يا سبحان الله كنت أظن أنك ستتفهم.. نحن هنا في هذا البلد متفقون على شيئ واحد وهو محاكاة كلما تعرضه القنوات الفضائية سواء كان يلائم المجتمع أو هو غريب عليه. ألا ترى الطفل الصغير حالما تقدم له أمه طعاما يخاطبها "ماما إنه شي ء مقزز"، والسياسي يخاطب من يتوهم أنهم جمهوره بعبارة "بلطجية النظام" وعبارة الربيع العربي وهو لا يعرف الربيع إلا في الشعر القديم، ووو.... وأكبر دليل على هذا ـ يا صديقي المتطفل على الكتابة ـ أننا نتناوب على رئاسة هيئتنا، وفي كل نشاط تنظمه يلقي رئيسها خطابا باسمنا ونتعاقب بعده على منبر الخطابة، لكل منا خطاب بعنوان وأسلوب خاصين؟؟ إذا فنحن متفقون على أن نتظاهر مثل العالم , وكل منا له مطالبه الخاصة، فاكتب ما شئت فلن تقرأ كتابتك فأنت في بلد "المضحكات المبكيات".
قالها وهو يتملص من قبضة أصابعي وخرج مسرعا كالبرق وفجأة غطت مسامعي جلبة وأصوات غريبة من حناجر غريبة على أذني ورطانة بلهجات لا أفهمها وقشقشة أوراق وصرير أقلام من النافذة وفتشت عن الاوراق التي حضرتها لأكتب عليها، لكنها فرت هي الأخرى.
عندها خرجت مسرعا بدافع الفضول لأتقصى حقيقة الأمر، فإذا بالمسيرة قد انطلقت بالفعل وفي مقدمتها صديقي القلم، استوقفته لأستطلع ما يجري.
وبدوره لم يفوت الفرصة وطلب مني أن أسير معه لأزيد سوادهم، لم يكن بإمكاني رفض طلبه فقد كنت مشوقا للتعرف على المشاركين في المسيرة خاصة وأن أكثرهم غرباء على هذا المجتمع، طلبت منه أن يفقهني في هذا الخلط العجيب فقال موافقا : "اسأل".
بدأت أسأل وهو يرد.. ونحن نسير.. قل لي يا صديقي : "ما بال تلك النسوة اللواتي يسرن في مقدمة المسيرة ويصرخن كأنهن غريبات ، نعم هن نسوة من بلدان شتى بينهن قاسم مشترك هو كونهن مطلقات وبلادهن تصنف فيها المطلقة، بالفاشلة وهنا تعتبر من المحظوظات، مع الامتيازات الخاصة التي حصلت عليها المرأة مؤخرا؟؟؟؟.
ــ ما دور ذالك الشيخ الوقور الملتحي الذي يقدم مجموعة من أمثاله، وما باله مقطبا وجهه وعليه سيما الغضب"؟؟
"نعم ذلك الشيخ ومن على شاكلته معنا هنا في الهيئة كلهم أئمة فضلاء جاءوا من بلادهم الأصلية لسبب واحد هو أن بلادهم يفترض في رجال الدين وخاصة الأئمة فيها أن يكونوا بشوشين وعلى وجوههم السكينة، وأن يسلموا في نهاية صلاتهم بخشوع ووقار على اليمين واليسار وذالك مخالف لطبيعتهم، وهنا الإمام لا يسلم إلا تسليمه واحدة على يمينه ويسلم وهو عابس الوجه لا يبدو عليه أثر الخشوع كأنه يريد أن يصفع من على يمينه غير مكترث في نفس الوقت بمن هم على يساره، لهذا يخرج الجميع من المسجد وكأنهم قادمين من سوق "التبتابه"هذا بالإضافة الى الرواتب المغرية".
ــ عجبا يا صديقي وما بال المجموعة التي أراها تتحول من اليمين الى اليسار وتارة أمام المسيرة مسببة في توقفها وعرقلة سيرها مع أن أكثرهم وافدون؟؟؟
"نعم تلك مجموعة من السائقين من هواة الفوضى فروا من بلدانهم بسبب التنظيم والإجراءات الصارمة المطبقة فيها على السائقين الفوضويين وجاؤا لممارسة هوايتهم في بلدنا، ألا ترى ملتقيات الطرق ووسط العاصمة وما تشهده من ازدحام سببه الوحيد هو فوضى السائقين وعجلتهم وعدم استعدادهم للانتظار حتى يأتي عليهم الدور مثلهم في ذالك ....؟؟؟."
صديقي العزيز ألاترى في مقدمة المسيرة جماعة أغلبهم من المسنين ملامحهم موريتانية وتبدو من خلفهم جنسيات أخرى مختلفة ويرددون عبارات مستوردة يحاولون استنساخها ويطالبون بأشياء غريبة ويريدون منا أن نتشبه ببلدان لا نتقاسم معها في أي شيئ .
نعم لعلك تعني قادة المسيرة هؤلاء هم قادة كل المسيرات والمظاهرات المناوئة للسلطة في بلادنا وهم المغناطيس الجاذب لمن لم ير حظه الآني في النظام القائم، وخلفهم صف ثان من الباحثين عن ذواتهم ويضفون صفاتهم على كل مخالف لهم فمرة بأزلام النظام ومرة بالصفاقة ومرة باللحلاحة ومرة بأكلة المال العام وتارة بالمفسدين وأحيانا بالمنافقين.
مالي أراهم يسيرون صفا واحدا ممسكين بأيدي بعضهم البعض يقدمون أرجلهم في خطى موحدة كأنهم في عرض عسكري.؟؟
لسبب بسيط يا سيدي لأنهم لا يثقون في بعضهم ولا يأمن احد منهم الآخر إذا تقدم عليه بخطوة.
لطفا يا صديقي قل لي : ما حقيقة هذه المجموعة التي تظهر وسط المسيرة من حين لآخر وملامحهم ليست موريتانية وهم لا يفقهون من لغتنا غير "الحالة المدنية" والجنسية "ويكثرون من عبارة "راسيست" التي لا أعرف ما تعني؟؟
صبرا سيدي ألم تر الأجسام الغريبة التي دخلت المسيرة الان وهي تبكي؟ نعم رايتها ، قل لي ما هي تلك الأجسام؟؟
"هي عبارة عن بعض الحروف المظلومة التي توضع بدلها أحرف اخرى لاتقوم مقامها وأحيانا تفسد المعنى المقصود تماما وأكثرها تواجدا اليوم في المسيرة حرف القاف ، والغين ، والهمزة ، والعين ، وهي تطالب برفع الظلم عنها خاصة في الإذاعات والقنوات الناشئة وكذالك بعض المواقع الألكترونية .
فقلت له "أستقفر الله من غال لك هذه الغصة الأجيبة"، اتركني من هذا وعرفني بالمجموعة التي تردد : كلمة"راسيستraciste"وامربيه"ورصانصماrecensement".
ــ لعلك لم تسمع بهم... هي مجموعة في فترة ما وبحيلة أو أخرى حصلت على اوراق مدنية في فترة كانت الأوراق الثبوتية تكتب بخط اليد على أوراق في متناول الجميع، لكن إنشاء وكالة للحالة المدنية تعمل على أحدث البرامج العالمية لم يرق لهم وأصبحوا يتظاهرون لسبب ما، فهمت فهمت ...؟؟.
ــ شكرا صديقي العزيز. أخبرني عن أناس رأيتهم يقفون مع كل أحد ويسألون ويلوحون بالأقلام وآلات التصوير بأيديهم تخطف أبصار الناس وهم يشكلون أكثر من نصف المتظاهرين.
نعم يا سيدي أولئك جماعة الصحافة المحلية والدولية التي تجد ضالتها المنشودة هنا مثل كثرة الخلافات والشائعات والمصادر الخاصة والمقربة والمطلعة والموثوقة و.........وحرية الرأي والتعبير فنحن البلد قبل الأول عربيا والأول عالميا في حرية الصحافة وانتشار المنظمات الغير حكومية والأحزاب فقرآننا السياسي تجاوزت أحزابه كل أحزاب المصاحف الأرضية ، وهؤلاء جلهم قدموا هنا من بلادهم بحثا عن الحرية .
لحظة من فضلك يا صديقي ألم تر المفاجأة؟ لقد انفض الاعتصام وتفرق المتظاهرون كل يلعن صاحبه ما لسبب في ذالك وقد أعلنتم في البداية أنكم معتصمون حتى تلبى مطالبكم كاملة غير منقوصة؟.
نعم ياصديقي لم يتفق القادة على العنوان الذي يعتصمون تحته ولا على توحيد مطالبهم وفي حديث جانبي بينهم وهم يسيرون في مقدمة المسيرة خاطب أحدهم الاخرين ممازحا لنفترض جدلا أن الرئيس خرج علينا الآن وقال لنا هذه رئاسة الجمهورية وهذه مفاتيح القصر الرئاسي على من ستتفقون منكم؟ فردوا عليه بلسان واحد أنا أنأ أنا مما زاد هوة الخلاف بينهم وقرروا فض الاعتصام والرجوع الى قواعدهم حتى يعرفوا من سيجلس مكان الرئيس المتنازل عن الرئاسة ، وكأن الأمر قد وقع !!!.
اسمح لي يا صديقي القلم أنا راجع قد سئمت... وأنا يا سيدي راجع معك لتكتب بي ما شئت فلن أتظاهر بعد اليوم ..
لا داعي للرجوع لقد تركت الكتابة فلن أزيد المليون.
احمد مختيري
okazes20@gmail.com