بعد أسبوعين من الراحة بدأت رحلة جديدة في سبيل الاجراءات الادارية للتدريب هنا في الاذاعة الوطنية ..وما أدراك ماهي تلك الاجراءات ....؟
كانت الحياة صعبة علي في الأسبوع الأول وأنا أحاول الاندماج نسبيا مع الحياة في العاصمة انواكشوط والتي كانت تختلف كليا عما عهدته من نظافة وانضباط وجمال وسرعة وسائل النقل وانسيابيته في العاصمة تونس.
وجدت صعوبات كثيرة وأنا اخطو خطواتي الأولى في سبيل بدء الاجراءات الادارية المتعلقة بالتدريب في الاذاعة الوطنية (الأيام الاولى من يوليو2000).مازلت أذكر من تلك الصعوبات الحرارة الشديدة وفوضوية النقل وصعوبته وعدم دقة المواعيد الادارية وصعوبة التفاهم الحضاري مع المواطنين مهما كان موقعهم.
أذكر أيضا أنني قضيت أياما طوالا وأنا في انتظار الحصول على الإذن بالدخول من البوابة الرئيسية للإذاعة الوطنية،وبعد تخطي هذه العقبة التي استغرقت حوالي أسبوع سلمت الرسالة التي أحمل من إدارة المعهد لكاتبة المدير العام فوعدتني خيرا.(علمت أنها توفيت رحمها الله).
بعد ذلك بدأت سلسلة من المواعيد الفارغة في سبيل لقاء المدير العام حيث أنه هو وحده صاحب القرار في كل حركة وسكون بالإذاعة،وبعد ضياع الكثير من الجهد والوقت والمال أشار علي شخص أصبح زميلا في الاذاعة بعد ذلك بأن لقاء المدير صعب ويجب "أن أدخل البيوت من نوافذها !!" بمعنى البحث عن وساطة للدخول على سيادة المدير !!
رتبت لقاء مع أحد المسؤولين الكبار وقتها وتوسط لي مشكورا وعندما عدت صباح اليوم الموالي للوساطة فتحت لي كل الأبواب وتيسر لقاء المدير الذي كان جافا وقصير المدة :(أخبرت المدير وقتها بأنني عانيت من مماطلة طويلة فقال إن رسالة المعهد لم تصله وهم لا يعرفونه ولا يقبلون متدربين من أي جهات أجنبية، وأضاف إن كنت راغبا في تدريب في إذاعتي بصفتك مواطنا موريتانيا فمرحبا وإلا فعليك الانصراف)،شكرته وقلت "إنني راغب فيه كمواطن موريتاني فنادى مدير الأخبار وقتها(أفضل التحفظ على الأسماء لأنه هذه المذكرات مكتوبة للتاريخ والمهم هو الأحداث فقط)وقال له :"هذا طالب من تونس خذه معك ليتدرب".
كانت البلاد في تلك الحقبة من حكم ولد الطايع تعيش كبتا سياسيا وفي حرية التعبير بشكل لا يطاق لدرجة أن الاذاعة الوطنية كانت تتجاهل بث الآنباء الدولية الهامة (حرب الخليج 2مثلا)في غالب الأحيان،كما أن الأنباء الوطنية التي كانت تبث تخضع لعملية تدقيق رسمية كبيرة بحيث توافق هوى الرقيب السياسي لدرجة تصل حد "التطبيل والتزمير والنفاق" .
ذهبت مع مدير الأخبار وقتها لغرفة الأخبار وكانت...
بقلم :محمد ولد محمد الأمين (نافع)
ملاحظة :
للتعليق والملاحظات :
oulnafaa.mohamed@gmail.com
هذه المذكرات واقعية نشرت جامعة "جورج تاون" الأمريكية مقتطفات منها في بعض كتبها المدرسية المترجمة باللغة الانجليزية التي تدرس بغالبية جامعات العالم(راجع الحلقات السابقة بالموقع زاوية رأي).