أضفت حرب مالي على العقول ظلال تناقضاتها وحساسية ظرف اندلاعها في منطقة الساحل والصحراء؛ فقد مثل السقوط التراجيدي لنظام القذافي وكتائب "ذريته" معبرا آمنا وسريعا لأسلحة "الجماهيرية" إلى عمق الصحراء..وهكذا تلقف الملثمون الطوارق السيارات الرباعية والأسلحة الثقيلة لدعم مطالبهم الشرعية بالتنمية والحكم الذاتي بل والاستقلال.
لكن الصحراء كشفت في نفس التوقيت عن قوة إرهابية أفرادها من دول الجوار المالي كموريتانيا والجزائر والنيجر؛ قوة تهدم المعالم والمقابر والتاريخ وتدمر المستقبل وتشهر السلاح في دولة مستقلة وذات سيادة وتهدد الجوار... وهنا لا يمكن لأحد أن ينكر أن الجيش الموريتاني كان ضحية لهجمات القاعدة في تواريخ وأماكن متعددة ومختلفة كـ"تورين" و"لمغيطي"؛كما أن بلادنا قادت غارات في الأراضي المالية ضد تنظيم القاعدة فيما سمي حينذاك بالحرب "الاستباقية".
وكان الانقلاب الذي قاده سونغو في مارس2012 بمثابة الانتحار؛إذ مهد للقاعدة طرد الجنود الماليين من كامل أرض الشمال حيث أعلنت "أزواد" انفصالا ما لبثت أن تراجت عنه.
لقد جاء التدخل الفرنسي بعد أن صوب الإرهابيون عيونهم نحو الجنوب المالي وطردوا حركة أزواد من أغلب مناطق الشمال.
من الواضح أن المبادرة الفرنسية لقصف قوات "القاعدة" في مالي لا تختلف عن حمايتها لبني غازي عشية تهديد معمر القذافي بإبادة شرق ليبيا والزحف على الشعب الليبي بقوى أممية "وهمية".
مع أني لست مع تدخل موريتاني في هذه الحرب نظرا لهشاشة الوضع الداخي إلا أني أرفع قبعتي للقوات الفرنسية وهي تنقذ دولة مالي من السقوط تحت الأعلام السود وقوى الهمجية والتخريب. وهنا أستغرب كثيرا وصف البعض لهذه العملية بالعمل "الصليبي" وكأن قوى القاعدة تمثل الإسلام.. فلو أن لو أن القاعدة احتلت شبرا من أرضنا لكان التدخل الفرنسي حيئذ عملا عظيما يدخل في إطار التعاون المستمر بين البلدين..فلماذا ينكر البعض مشاركة فرنسا للدفاع عن الحوزة الترابية لجمهورية مالي؟؟؟
وأخيرا فإنه من نافلة القول إن خطر القاعدة قد لا يرده إلا المحيط الأطلسي إذا أهملت دولنا التحالف الأممي ضد الإرهاب.
جبريل جالو
يوميات جانفي2013