في صباح 27 سبتمبر 2000 دعا داعي الغربة من جديد ولكن هذه المرة للسنة النهائية ..طفقت إذن لأرض تونس الخضراء في رحلة طالب الغربة الأخيرة لأكمل مشوار دراستي الذي طال انتظاره منذ 5 سنوات.
كانت السنة الأخيرة ترمز لحلم كبير "التخرج" مع ماتحمله من صعوبات كانت ماثلة أمام عيني لعل من أهمها :
– إعداد رسالة تخرج قيمة حول "موضوع حديث في موريتانيا"
– الحرص على النجاح في السنة الأخيرة
– ضرورة المواءمة بين بين الدراسة في الفصل وواجباتها وإعداد رسالة التخرج وتدبير الأمور الحياتية الأخرى.
عدت إذن باكرا للعاصمة تونس لعلي أوفق في إيجاد ظروف تساعدني على تحقيق كل تلك الأهداف في ما يتعلق خاصة ب"السكن وزملائه والنقل".
بعد التسجيل وحل مشكلة النقل وفقني اله في العثور على زميل جديد يرغب في السكن معي كان يسكن لدى قريب له في انتظاري واسمه "الخليفة ولد عابدين""علمت في ما بعد أنه توفي رحمه الله بعد تخرجي بعامين فله الرحمة والرضوان" كان شابا دمث الأخلاق كريما متدينا وذي دعابة".
حلت إذن مشكلة السكن وبدأت في الدراسة وقد كانت مثل العام الماضي من حيث الصعوبة"10 مواد كل واحدة ضارب1"،مما يعني ان السقوط في إحداها يصعب النجاح الذي أصلا في غاية الصعوبة(كانت مواد هذه السنة هي ورشات للانتاج الاذاعي والتلفزيوني والصحافة المكتوبة والاعلام السياسي ومناهج البحث وعلم الالقاء الصوتي).
كان على أيضا ان أعد تقريرا عن التدريب الذي قمت به في الاذاعة الوطنية مدة شهر(سبق الحديث عنه).
أثناء ذلك كان علي التنسيق مع الأستاذة المشرفة على رسالة التخرج مشكورة"الدكتورة سلوى الشرفي"لوضع خطة البحث والبدء فيه، مع البحث عن من يطبع ما انتهى منه وبطريقة أنيقة.
ومما زاد الأمر صعوبة على أمام كل هذه المشاكل هو تأخر المنحة لثلاثة أشهر رغم حاجتي الماسة للسيولة النقدية.
اتكلت على الله وبدأت أتلمس الحلول المتاحة لكل تلك المشاكل كما عهدت في الأعوام السابقة، ومن الطريف ان أذكر هنا "أننا قضينا أسبوعا من شهر رمضان نصوم النهار ونفطر على الماء القراح في جو شتوي قارس،فضاق زميلي ذرعا بالموضوع وأبدى تذمره.. ولكنه مع الأيام علم أن الأمر عادي حيث لم تكن هذه اول مرة فقد كنت أقضي شهرين او ثلاثة دون الفطور في الصباح بسبب تأخر المنحة أيضا".
بدأت الدراسة وطرحت إشكالية البحث وسارت الأمورعلى مايرام لكن كانت الصعوبات دوما موجودة،فمثلا متى سأجد وقتا لأسهر على إعداد البحث وأنا لدى عدة أيام أقوم باكرا للالتحاق بالدراسة في الفصل،ثم من سيتدبر أمور الفطور خاصة عندما جاء رمضان وزميلي جديد لا يعرف البلد ولهجة أهله؟ ومن سيقوم بالنيابة عني بقراءة المراجع الكثيرة وإعداد المعلومات المطلوبة لكتابة بعض فقرات البحث؟
على كل كنت حريصا على أن أبذل جهدي لتتم المواءمة بين كل ذلك رغم الصعوبات وعدم وجود معين لي في كثير من الأحيان.
جاءت العطلة الأولى المعروفة بعطلة "الشتاء" في دجمبر2000بتونس فقرر زميلي الذهاب مع زميل له بالداخل وطلب مني مرافقته فاعتذرت له لأنني أريد الخروج مما يصفه الطلبة الأجانب هنا ب"جحيم" الدراسة في تونس وهو ما يحتم علي الصبر في العطلة لاعداد ماتيسر من رسالة التخرج قبل أن تعطلني الدراسة من جدديد.
انتهت عطلة "الشتاء" وجرت الامتحانات الأولى فكنت...
بقلم :محمد ولد محمد الأمين (نافع)
ملاحظة :
للتعليق والملاحظات :
oulnafaa.mohamed@gmail.com
هذه المذكرات واقعية نشرت جامعة " جورج تاون" الأمريكية مقتطفات منها في بعض كتبها المدرسية المترجمة باللغة الانجليزية التي تدرس بغالبية جامعات العالم(راجع الحلقات السابقة بالموقع زاوية (رأي).