شهية طيبة، ولحوم طرية – إخوتي القراء – فتداعيات فضيحة لحوم الخيل التي هزت القارة العجوزَ حضاريا، المتقدمةَ علميا وتكنولوجيا، والتي تتلقي من الحين إلى الآخر ضربات موجعة في عمق أمنها الغذائي، فأطفالها المدللون أرْوواْ غليلهم ردحا من الزمن بألبان صينية، تبين لا حقا بمحض الصُّدفة أنها حُلبت من الأشجار الصينية، والصين - كما تعلمون – بلد العجائب، بلد السور العظيم؛ إذ ليس غريبا أن تكون فيها نباتات من الثدييات .!!
وعموما فلابد أن اهتزازات فضيحة لحوم الخيل مست من صميم اهتمام القارئ الكريم في معاشه ومعاده، ليتساءل هل اللحوم المتسللة يوميا إلى موائده هي لحوم صحية أولا وحلال ثانيا لأن العولمة –وقانا الله شر ها و بطرها - علمتنا أنه في أدبيات التسويق يسقط الممنوع : فالماء" حلال" والعصائر" حلال " والألبان "حلال" والخمور "حلال" .. فضلا عن تأثيرها المدمر على ضعاف النفوس، وتحكمها المباشر في حياة الجميع بعد أن صيرت هذا الكوكب المترامي الأطراف قرية واحدة .
إلا أن فقهاء" التسويق" لم يتداركوا أخطاءهم فيقدموا لنا منتجا يتيما كتب عليه "حرام" كسرا لجمود النمطية الرتيب، واحتراما لقدسية الاستثناء في التقعيد !!
لأنهم لم يدركوا هفواً أنه عندنا نحن – أهلَ هذا الدين – بين الحلال والحرام أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، أو أسقطوها عمدا بتنمية الجشع والبحث عن التربح وهوس الثراء السريع؛ فانخر مت القواعد، وتقوضت الضّوابط، وتبلدت الضمائر، لتختزل المقاصد الكبرى لوجود هذا الإنسان في جزء بهيميّ يسيطر على كل مناحي الحياة، لتصبح الوسائل أهدافا، والأهداف أوهاما، والمبادئ أساطير ..!!
وحتى لا أذهب بعيدا عن سياق الموضوع : فأتذكر أنه في المدرسة قد تعلمنا أن الحيوانات تصنف حسب غذائها وموقعها في السلسة الغذائية إلى : مُتغذِّيات على النباتات "Herbivores" ومتغذيات على اللحوم "Carnivores" ومتغذيات عليهما معا "Omnivores" كالخنزير والإنسان- حفظنا الله من لعنات هذا العطف المقرف -..!
وأعتقد أنه قد حان الآن للخبراء أن يغيروا في جوهر التصنيف تفصيلا ليضيفوا مثلا : "Dunkyvores" و " Cadavrivores" و "Pourrivores" وهي بالترتيب متغذيات على الحمير، الجيف، والمنتجات الفاسدة ..!
وعموما فأطمئن الجميع أنه لا مجال للغش بلحوم الخيل والحمير هنا في البلد؛ لأنها ببساطة غالية الثمن، وتجار الغش علمونا أنهم لا يغشون إلا بالتافه الرخيص !!
ولأن الشيء بالشيء يُذْكَر : فما مصدر هذا الدجاج المثلج الذي أغرق الأسواق والبيوت : بُوميات ؟ غُرابيات؟ أم من متاحف أغذية الحرب العالمية الأولى ؟ !
وما مصدر تلك الألبان المختلفة ألوانها ونكهاتها ؟ والتي لولا وفرتها المزمنة لاعتقدنا أنها "لبن العصفور" !!
ألبان محفوظة بطرق سحرية غريبة : خالية من المواد الحافظة، وطويلة المدة، ومقاومة لظروف النقل والتخزين السيئة !
وأتمنى من شركات ألباننا الوطنية أن تقتبس من هذه التكنولوجيا لتنهض بصناعتنا الوطنية .
وعلى ذكر الغش دائما فأتساءل من باب الفضول ليس إلا : لم لا نشاهد كمية من الأغذية المنتهية الصلاحية يحرقها التاجر صاحب اليد؛ تبرئةَ لدينه وعرضه ؟ !
والسؤال ذاته عن الأدوية " الفرنسية؟؟ " التي لم يشملها الإتلاف حسب الأصول ؟ ! أم أن حظ المستهلك العاثر لم يجلب له إلا منتجات جُلُّها برسم انتهاء الصلاحية أصلا قبل التصنيع ؟ ! فنرجو أن نكون سلة غذاء العالم لا سلة قماماته ؟ !
ونتمنى أن يعلم المواطن أن المسالخ تتوفر علي الوسائل اللازمة لضمان صحة اللحوم ومصدرها .
وعموما فلحوم الخيل حمراء مسودة، يزداد سوادها بتعرضها للهواء، ذات لمعة مزرقة، كثيرة النسيج الضامْ، عند طبخها تظهر رائحة الأصطبلات، مع تشكل كمية كبيرة من الدهن فوقه، وهو غني بالحديد لمن يهمه الأمر من مرضي الأنيميا الغذائية !!.
أما إذا كان اللحم من "الجِيّفِ" فستجدون أن الكيلو غرام بدون تطفيف عكس اللحوم الصحية، التي لا يزيد كيلو غرامها عن 650 غرام ..!!
طبيب بيطري