شكرتها وانتهت المكالمة..ومضيت لأستعد ل"لعرس الكبير" في حياة أي طالب "يوم النقاش" الذي يعني في حياة أي طالب حصاد سنين زرعها دأبا وفي تونس لم يأكل من سنبلها إلا قليلا.
كان ترتيب حفل التخرج يتطلب أن أظهر أنا في كامل الأناقة تماما ك"العروس" ليلة زفافها.. ولكن كيف و"العين طويلة واليد قصيرة "؟.. كان السباق مع عقارب الساعة "أنا لآن في حدود اليوم 22 من شهر يونيو و"موعد الزينة" يوم 25 من الشهر ذاته.
اتكلت على الله وبدأت أتطلب ما يلزم لهذا الميقات "المصيري" في حياتي من طرف الزملاء..كانت فقد لدي بذلة جميلة ولكن تلزمني عدة أشياء أخرى منها قميص فاخر تحتها وأحذية لامعة و آلة تصوير جاهزة ونقود لدفع ثمن تذكرة السيارة ودخول الحمام.
طفقت على الزملاء أبحث عن بعض ضالتي وقد وفقت بحمد الله حيث ساعد كل منهم بما يستطيع هبة او على سبيل الاعارة لأكون على المستوى المطلوب في الأناقة،ذلك أن الطالب في الغربة لا يمثل نفسه فقط بل هو بمثابة سفير عن وطنه خاصة إذا كان في مؤسسة أكاديمية عالمية مثل معهدي وبالتالي فعليه زيادة على حسن السفارة في موضوعي العلم والتمثيل الاخلاقي ان يكمل ما تبقى بحسن الزي وما تيسر من الأناقة في المظهر العام.
سارت عقارب الساعة بسرعة في اليوم الأول ثم اليوم الثاني.. كنت أشعر بخوف من المجهول لا أدري ما سببه فبحمد الله الدراسة انتهت وكنت خلال سنوات دراستي وبشهادة كل اساتذتي (54 هو عددهم) في المستوى المطلوب علميا و أخلاقيا,, ترى ما لذي يخيفني؟
كثير ما يخيفني الغربة ..تقلب الأيام ..ما عسى لجنة النقاش تكون قد أعدت من أسئلة وعثرت عليه من مطبات وثغرات في الرسالة الجامعية رغم المجهود –المتواضع- الذي بذلته فيها خلال 7 أشهر.
ترى ما هي أفضل مقدمة يمكن ان أبدأ بها عرض رسالتي الذي سأقدمه كعنصر تشويق وسلاح دفاع عن عملي في آن معا؟ ما هو جوهر هذا العرض وكيف يمكن ان أختصر تلك الرسالة التي زادت على 80 صفحة في صفحتين دون ان أخل بالمضمون والهدف؟ ثم ما هي الخاتمة الوفية والمقنعة بعد هذا العرض؟ترى ما هي أفضل لغة لكتابة هذا العرض وما هو أفضل أسلوب وتقديم؟
كيف يمكن ان أتفادى الأسئلة المحرجة من طرف لجنة النقاش وكيف أتغلب على أي سؤال علمي أو إشكال منهجي طرح علي ولم أكن على علم مسبق به على مستوى الرسالة؟
كيف أكون مرحا ومتفائلا وجديا في ذات الوقت مع الاحتفاظ بجم الأدب والتواضع اللازمين أمام قامات علمية درستني لسنوات طوال وعلمتني قيمة العلم واحترام اهله؟
كانت كل تلك الأسئلة تتراقص في مخيلتي وأنا وحدي من يجب ان يبحث عن إجابة ويتحمل وحيدا نتيجة تأثيرها على حصاد سنين دراسية خلت من ريعان شباب طالب الغربة.
عدت لعالم الواقع ووزعت الأدوار في المساء ليقوم كل زميل بما يعنيه من تنظيم حفل يوم النقاش (تجهيز الحلوى والمشروبات) الأخت سميرة ميري والتصوير وتنظيم الدخول والخروج بالتناوب بين زميلي العزيزين التونسي عمار ميري والموريتاني الخليفة ولد عابدين (رحمه الله).
قمت بأخذ حمام بارد في تلك الليلة الصيفية ثم جلست مع ...
بقلم :محمد ولد محمد الأمين (نافع)
ملاحظة :
للتعليق والملاحظات :
oulnafaa.mohamed@gmail.com
هذه المذكرات واقعية نشرت جامعة " جورج تاون" الأمريكية مقتطفات منها في بعض كتبها المدرسية المترجمة باللغة الانجليزية التي تدرس بغالبية جامعات العالم(راجع الحلقات السابقة بالموقع (زاوية رأي).