في هذه الحلقة نكمل بقية الرحلة إلى جمهورية غامبيا أو"عالم الجنوب".
تعتبر مدينة "بارا" الغامبية نقطة عبورهامة ومركزا تجاريا في جمهورية غامبيا يمهد للوصول للعاصمة "با نجول" حيث يفصل بينهما نهر غامبيا بطول 12 كلم وهو قدم متفرع من المحيط الأطلسي.
طبعا مثل سابقه نهر السنيغال له عبارة تملكها غامبيا هي التي تمكن غالبية المسافرين من عبوره بامن وسلام ولكن الزوارق الصغيرة التي يجازف أصحابها بنقل المسافرين موجودة ولكن غالبية المسافرين لا يميلون لاستعمالها نظرا لطول النهر والخوف من الغرق فيه.
في حدود 11 ركبنا سيارتنا ودخلنا العبارة ضمن طوابير من السيارات العابرة للضفة الأخرى وبقينا في انتظار ممل بتلك العبارة التي هي عبارة عن مدينة عائمة تحمل البشر والسيارات والأنعام وتقدم لك صورة متكاملة عن مستويات الشعوب الإفريقية في التحضر وتفاوتها فيه وفي بدائية وسائل النقل عبر هذا الجزء من العالم.
في حدود الساعة12:30 وبعد أن العبارة قد أخذت حمولتها الكاملة بدأت تمخر عباب مياه النهر متثاقلة وبعد حوالي نصف ساعة من الدبيب وصلنا للضفة الأخرى ولكن كان علينا الانتظار حتى يهبط نصف الركاب تقريبا لأن السيارات في المؤخرة وهي آخر ما يجب ان يهبط مع أصحابها.
في حدود 13:40كنا نهبط بسياراتنا من العبارة لنخرج من محطتها نهائيا وندخل إلى العاصمة الغامبية"بانجول" تلك العاصمة الصغيرة النظيفة..سرنا في شوارعها الجميلة حتى وصلنا للمنزل بالمقاطعة التي يسكن فيها أخي وتسمى "فدارا" وهي تبعد عن مركز العاصمة 15 دقيقة بالسيارة وهي مقاطعة راقية معظم سكانها أجانب.
كانت المشاهد الأولى من العاصمة والمقاطعات التي مررنا بها توحى بأننا فعلا في عاصمة حيث النظام في حركة السير والشوارع الفسيحة والأرصفة الغناء وحركة الناس في الشارع بهدوء واحترام مع النظافة ولوحات الاستدلال التي ترشدك في كل مكان وجودة الطرق وإشارات المرور.
وصلنا للمنزل14:00 يوم15 يناير2010 وكنت مرهقا كثيرا وتساورني أحلام صعبة التحقيق ولا توجد طرق سهلة للبداية في مصافحة الواقع لعل وعسى أن يتحقق أي منها.
كان المنزل كبيرا (داران)وفيه كل الحاجيات الضرورية ولكن لا توجد به أسرة بل كل ما هنالك هو أخي الكبير وزميل له يعمل معه في سني وفي جانب منعزل آخر توجد أسرة سنيغالية.
طلب منى أخي الكبير عدم مغادرة المنزل في الأيام الأولى خوفا علي فأنا لا أعرف الانجليزية ولا اللهجات المحلية بهذه البلاد وبالتالي فيجب ان أبقى حبيس المنزل ولا أذهب إلامع من لديهم خبرة في مجاهلها.
وقد صدق فعلا على حالي في هذه البلاد قول المتنبي :
ولكن الفتى العربي فيها غريب الوجه واليد واللسان
ملاعب جنة لو سار فيها سليمان لسار بترجمان
كان نظام عمل أخي وزميله الصارم (المداومة من 8 الى 16 يوميا) والاستيقاظ الدائم 6:30 كل صباح وغياب مرجعية ثقافية أو مهنية مشتركة من أكثر الأمور التي جعلتني أعيش في عزلة،كما تسبب عدم استطاعتي التقاط قناة موريتانيا في التلفزة غربة أكثر وكذلك عدم التقاط الإذاعة إلا على الموجات القصيرة وعدم وجود جهاز بث إذاعي لدي أصلا.
بعد استراحة ليومين أو ثلاثة طلب مني الأخ أن ألتحق ببداية تعلم العمل في حانوت صغير بينه واحد أقاربه يعمل به بائع شاب متمرس" وكاف" لديه خبرة ويتقن فن البيع والشراء والحديث باللهجة المحلية الرئيسية "الولوف" التي تتحدثها الغالبية الساحقة من سكان البلد.
كانت خطواتي الصباحية ...
يتواصل ...
بقلم : محمد ولد محمد الامين(نافع)
ملاحظة : لفهم هذه اليوميات في جزئها الثاني من المفيد جدا مطالعة الجزء الأول منها تحت عنوان :" يوميات طالب الغربة في 67حلقة" .
ولمن يرغب فيها أن يبعث للكاتب على العنوان البريدي الالكتروني. الكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الأمريكية في بعض كتبها التي تدرس بجامعات العالم (حلقات من الجزء الاول يوميات طالب الغربة).
للتعليق والملاحظات :
ouldnafaa.mohamed@gmail.com