في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2013جاءت الأوامر العسكرية من قيادة الأركان مفاجئة حيث أمرت قيادة المدرسة بإنهاء كل الامتحانات والتدريبات قبل يوم 3 اكتوبر الذي هو الموعد الرسمي الأصلي لنهاية التدريب مع دعوة رسمية للمتدربين لحفل ختامي بقيادة الأركان في الدرك الوطني بنواكشوط.
ومع فرحتنا باختصار الفترة المتبقية وإفلاتنا من الكثير من التدريبات والروتين الممل والدراسة في الفصول إلا أننا نشعر بجسامة المسؤولية الملقاة على عواتقنا حيث أن الامتحان العسكري صعب جدا بشقيه النظري والتطبيقي.
وجه صعوبة الامتحان النظري تعود لكثرة المواد ولكون مدة امتحان كل منها لا تزيد على ما بين 10 إلى 15 دقيقة وهو نفس المدة التي بين امتحان نظري وآخر.ولكون ظروف الامتحان صعبة حيث قاعات الدراسة مكتظة والامتحان يجري ليلا تحت الضوء الحار والأسئلة تكتب على السبورة.
أما الجانب التطبيقي من الامتحان فشمل هذه المرة مادتين هما النظام المنضم "الحركات العسكرية" و"السلاح" بشقه النظري حيث يطلب منك التعرف على سلاح أو تركيبه أو تفكيكيه أو التعرف على قطعة منه ووظيفتها، وكان من المفترض أن يشمل الشق التطبيقى الرماية والقتال وهما أصعب المواد التطبيقية لكن ضيق الوقت حال دون الذهاب لحقل الرماية في "تكشكمبه" لإجرائهما وبالتالي سقطت المادتان من الامتحان.
بدأنا المراجعة والاستعداد للامتحان وتم إجراؤه في الوقت المحدد لتبقى الاستعدادات لمغادرة الثكنة العسكرية وتشكل تنظيف البيوت وتنظيف أجسامنا وبذلاتنا العسكرية التي سنسافر فيها هذه المرة إلى العاصمة انواكشوط لنقيم عرضا عسكريا ونحضر الحفل الختامي المنظم لنا من طرف قيادة الأركان والذي كان القائد العام للدرك الوطني ومدير المدرسة السابق اللواء السلطان ولد لسواد وعدنا به في العام الماضي .
أكملنا كل تلك الأشياء وكانت الأيام الأخيرة مملة وطويلة وشاقة وهكذا أصبحنا جاهزين للانطلاق نحو العاصمة انواكشوط .
قبل الانطلاق حصلت مفاجأة بسيطة وهي أن اثنتين من حافلات موكبنا الأربع الأصلية غير موجودة حيث خصصت لنقل الحجاج من مسجد بن عباس إلى المطار استعدادا للسفر وهكذا كان لزاما على بعضنا أن يسافر في طريق العودة في شاحنات الدرك الكبيرة التي لا تهوئة فيها "مكشوفة".
على كل تم تقسيمنا البعض في الحافلتين بما فيهم زميلاتنا المتدربات والبقية في الشاحنات العسكرية وكنت من ضمن ركاب الشاحنات.
حدد موعد الاستيقاظ للرحلة بالرابعة فجرا حيث تناولنا طعام الإفطار الصباحي وسلمنا ما لدينا من أغراض مع البيوت ثم انطلقنا باتجاه الحافلات والشاحنات لنودع مدرسة روصو العسكرية إلى الأبد.
في حدود الساعة الخامسة صباحا من يوم 03 اكتوبر2013 بدأ موكبنا في التحرك تتقدمه سيارة الصافرة والحراسة لفسح الطريق وبعدها سيارة العقد أحمد ولد اعليوته قائد المدرسة اجديد ثم الحافلات والشاحنات ثم سيارة مدير التدريب الملازم اول حمادي ومعه بعض العسكريين وسيارة أخرى للدرك في المؤخرة.
خرجنا من روصور وبالكاد انبلج الصباح وواوصل الموكب سيره بهدوء أشعة الشمس التي كنت أراقب حجب الظلام تتكشف عنها تودعنا لتبدأ اولاها تداعبنا مع نسيم عليل تداعبنا وقد قطعنا 50 كلمترا الأولى .
تواصلت الرحلة وكانت الطريق شبه خالية نظرا لبكورنا ...
يتواصل
بقلم :محمد ولد محمد الأمين "نافع"
ملاحظة : لفهم هذه اليوميات في جزئها الثالث من المفيد جدا مطالعة الجزء الأول منها تحت عنوان :" يوميات طالب الغربة في 66حلقة والثاني تحت عنوان :"رحلة البحث عن الوظيفة الرسمية في 55 حلقة".
ولمن يرغب فيهما أن يبعث للكاتب على العنوان البريدي الالكتروني. الكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الأمريكية في بعض كتبها التي تدرس بجامعات العالم (حلقات من الجزء الاول يوميات طالب الغربة).
للتعليق والملاحظات :
ouldnafaa.mohamed@gmail.com