تتجه السلطات المالية بإتمامها لعملية تبادل الرهائن مع تنظيم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" مقابل إطلاق سراح الرهينتين الاسبانيتين، بعد أن تسلمت رسميا ليلة الاثنين إلى الثلاثاء المتهم الرئيسي بخطف السياح الإسبان في موريتانيا، قبل أن يسلمهم للتنظيم المسلح بشمال مالي، تتجه نحو ضرب عرض الحائط جميع الاتفاقات الموقعة مع دول الساحل، المتعلقة بالتنسيق الأمني والعسكري لمكافحة الإرهاب في المنطقة.
وتكون حكومة باماكو بهذا التبادل قد خرقت جميع الاتفاقيات سواء الثنائية أو الجماعية مع دول المنطقة، على الجزائر، بوركينا فاسو وتشاد وليبيا ومالي وموريتانيا والنيجر، بخصوص منع الدخول في أي مفاوضات مع الجماعات الإرهابية، والتنسيق بين دول الساحل في مجال تبادل المعلومات لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، ورفض أي تدخل أجنبي في هذا الشأن، وتجريم دفع الفدية إلى الأشخاص أو الجماعات أو المؤسسات أو الكيانات الإرهابية.
وقد سبق لباماكو وأن أطلقت شهر فيفري الماضي سراح أربعة إرهابيين بعد محاكمتهم شكليا في جلسة غير اعتيادية بالمحكمة مقابل تحرير الرهينة الفرنسي بيير كامات الذي اختطف في شمال مالي، وهي العملية التي جاءت نتيجة الضغوط المكثفة التي مارستها باريس على باماكو، كما أنها العملية التي زادت من حدة توتر العلاقات بين مالي وبلدان أخرى في الساحل، حيث اعتبر مسؤولون جزائريون وموريتانيون وقتها هذه الخطوة بانتهاك لاتفاقات مالي التي تمنع المفاوضات مع المنظمات الإرهابية.
وما كادت أن تخف حدة توتر هذه العلاقات، بعد مؤتمر الجزائر العاصمة الذي جمع وزراء خارجية الساحل خلال شهر مارس الماضي، حتى خرجت مالي خرجة غير موقعة لعدد من دول الساحل، بالتزامها الصمت إزاء العملية العسكرية التي قامت بها كل من فرنسا وموريتانيا في الـ 22 جويلية المنصرم داخل الأراضي المالية من أجل تحرير الرهينة ميشال جرمانو الذي أعدمه التنظيم الإرهابي في بداية العملية العسكرية، حيث لم تكلف نفسها عناء تبليغ جيرانها في إطار اتفاقيات التنسيق في مجال تبادل المعلومات لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، من جهة، ومن جهة ثانية لم تلتزم حكومة الرئيس "أمادو توري" باتفاقية رفض أي تدخل عسكري أجنبي في المنطقة.
وتأتي خطوة مالي نحو إتمام صفقة تبادل الرهائن بين التنظيم الإرهابي بتسليمها المتهم "عمر سيد احمد ولد حامة" المدعو "عمر الصحراوي" من نواكشوط المتهم الرئيسي بخطف السياح الإسبان في موريتانيا، قبل أن يسلمهم لفرع القاعدة بشمال مالي، والذي تم ترحيله إلى مالي على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية المالية، عبر رحلة جوية عادية، وهي العملية التي تزامنت مع تلقي عائلتي الرهينتين الاسبانيتين المحتجزتين لدليل مادي يفيد على أن الرهينتين لا يزالان على قيد الحياة، حسب ما أكدته جمعية "برشلونة الفعل التضامنية" وهي منظمة غير حكومية إسبانية.
المصدر : الشروق اليومي الجزائرية