(كونا) - سجلت اسعار النفط العالمية قفزة كبيرة اليوم بوصول سعر نفط مزيج برنت الى ما يقارب ال 120 دولارا للبرميل متأثرا بالاضطرابات التي تشهدها ليبيا وهو ما يهدد الاقتصاد العالمي الذي كان قد بدأ في التعافي جراء الازمة المالية العالمية التي ضربت المعمورة في 2008.
وكانت القفزة الكبرى اليوم بارتفاع خام برنت لاكثر من 8 دولارات دفعة واحد في العقود الاجلة لشهر ابريل المقبل.
ويواجه العالم مرحلة اقتصادية حرجة جدا بعدما اخذت اسعار النفط تقفز بمعدلات كبيرة بفعل الاضطرابات والثورات الشعبية التي شهدتها تونس ومن ثم مصر واخيرا ليبيا وربما تمتد لدول اخرى في الشرق الاوسط الامر الذي يهدد الاقتصاد العالمي برمته.
وقفز مزيج برنت لما يقارب ال 120 دولارا للبرميل مع توقعات بزيادة مطردة خصوصا اذا ما طالت الاضطرابات دولا اخرى مؤثرة نفطيا ما يشير الى بلوغ سعر البرميل الواحد الى 300 دولار بحسب توقعات خبراء ومضاربين في السوق النفطية.
وكانت اسعار النفط مع بداية العام الحالي شهدت قفزات كبيرة بداية من اندلاع الثورة التونسية تلتها بشكل اوضح واشد احداث الثورة المصرية والمخاوف من تأثيرها على المعبر المائي الحيوي والاهم في العالم (قناة السويس).
ووصلت الاسعار الى اعلى مستوى منذ العام 2008 بسبب اندلاع الثورة الليبية وانخفاض الانتاج الليبي لمعدل 25 في المئة فقط فقد بدأ العام الحالي مزيج خام برنت عند مستوى 92 دولارا للبرميل ومن ثم بدأ التصاعد السريع.
وفي 13 يناير وبخروج الرئيس التونسي من السلطة ووجود حالة من الانفلات الامني وصل سعر برميل مزيج برنت الى 98 دولارا تقريبا لينتهي الشهر عند مستوى 100 دولار رغم بداية الثورة المصرية.
ومع تطور الاحداث في مصر والمخاوف من تأثير الاحداث على معبر قناة السويس وصل سعر برميل برنت 101 دولار في 11 فبراير وهو اليوم الذي تنازل فيه الرئيس المصري عن السلطة ولكن الاسعار اخذت في الصعود دون توقف.
وباندلاع الثورة الليبية والتطور السريع في الاحداث لم يعد الارتفاع خاضعا لاي انضباط ومن مستوى 104 دولارات للبرميل في 21 فبراير وصل سعر البرميل خام برنت الى ما يقارب ال 120 دولارا.
ويأتي هذا التأثير الكبير لليبيا على اسعار النفط كونها تنتج كمية كبيرة تقدر ب 6ر1 مليون برميل يوميا بما يعادل 2 في المئة من الانتاج العالمي ولا يتوقف الامر عند هذا الحد بل ان ما يزيد من حدة الازمة ان النفط الليبي من النفوط النادرة الممتازة وهو النفط الخفيف المعروف بالحلو.
وتشير تصريحات الخبراء الى ان النفط الليبي لا يمكن تعويضه نوعيا وان كان يمكن تعويضه كميا حيث ان دول منظمة (اوبك) لديها قدرة انتاجية تزيد عن الانتاج الحالي بما يقدر بين 5 الى 6 ملايين برميل يوميا.
وما قد لا ينتبه اليه البعض في اهمية النفط الليبي ان المصافي الاوروبية التي تستورد هذا الخام لا يمكنها ان تعمل بكفاءة بنسبة مئة في المئة او ما يعرف بالتشغيل الامثل وستواجه مشاكل فنية اذا ما استخدمت في عملها نفوطا اخرى غير النفط الخفيف الحلو.
وعلى اقل تقدير قد تعمل هذه المصافي بكفاءة بنسبة 70 في المئة علاوة على ان الدول المستوردة للنفط الليبي في اوروبا وابرزها ايطاليا والمانيا وفرنسا سوف تعاني من تأخر وصول شحنات النفط بسبب بعد المسافة عن الدول المنتجة بعكس ليبيا.
ولاشك ان الاحداث الحالية سوف تزيد من الفروق في الاسعار بين النفط الخفيف والثقيل مع وجود ارتفاع عام في الاسعار وبطبيعة الحال سوف تزيد اسعار زيت الغاز والديزل وترتفع هوامش ارباح المصافي.
وفي ليبيا من المتوقع ان تزداد اسعار النفط سخونة وارتفاعا بعدما اخذت الشركات النفطية العاملة هناك وابرزها (توتال) الفرنسية في تصفية عملها هناك وترحيل ممثليها والعاملين لديها في الحقول النفطية الليبية تخوفا من تعرضهم لمكروه بعدما زادت حدة الاشتباكات بين المتظاهرين والنظام الليبي.
وبالرغم ان كبير الاقتصاديين في البيت الابيض اوستان جلوسبي توقع ان الاسعار عند هذه المستويات لن تعوق الانتعاش الاقتصادي الا ان بعض الخبراء وبينهم كوتييون توقعوا ان تؤثر هذه الاسعار سلبا على الاقتصاد العالمي.
وتتجه الان الانظار الى منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) لاتخاذ قرارات بشأن زيادة انتاج اعضائها لكن مازال اعضاء في (اوبك) لا يرون ما يدفع لعقد اجتماع استثنائي قبل الاجتماع الرسمي المقرر في يونيو المقبل.
وتظل اسعار النفط في الوقت الحالي تمثل الرقم الصعب في الاقتصاد العالمي ولا يمكن التنبؤ بما يحدث بشكل قاطع نظرا لعدم امكان توقع ما يمكن ان تسفر عنه الاحداث في الايام المقبلة سواء هدوء او زيادة في حدة الاضطرابات وانتقالها لدول اخرى قد تكون مؤثرة بشكل كبير في السوق النفطية.