حين تمتلك ناصية اللغة في معانيها الحافة والجافة وفي سيميائها التعبيرية المحلقة وتمتلك الثقافة وتحتسيها بنباهة وذكاء من كل رواق وتتحلى بالأريحية والشهامة والانفتاح تفرض احترامك وتكون محبوبا من الآخرين... وحين تجسد قناعاتك وتعبر بمهنية وموضوعية عن هموم الناس وتعكس معاناتهم وتناضل من أجل بزوغ الحق وإنفاذ العدل تكون فعلا قائد رأي مميز.
***
حبيب ولد محفوظ كان كل هذا وأكثر... كان أستاذا مبرزا.. كان صحفيا كاتبا.. كان اجتماعيا.. كان أديبا مفوها... كان رياضيا موهوبا في كل الرياضات الذهنية والبدنية... كان موريتانيا أصيلا وفق في فتح معابر ذهنية بين ثقافات فولتير ومحمد ولد أحمد يوره وصوندياتاكيتا... وفق في فتح مجابات التفاعل بين ثقافات "إيكيدي" و"أفله" و"كوش" و"شمامه" و"كابتيميرس"... وفق في اقتناص لحظة التقاء الماضي والحاضر والمستقبل فحلق في فضاءات إعلامية فكرية لم يسبقه إليها أحد.
***
الحديث عن الزميل حبيب ولد محفوظ هو حديث ذو شجون لأنه حديث عن الحرية فهو نورسها يسكنها وتسكنه... لقد حولها بفعل إعلامي ثقافي إنساني خالد إلى عمل وجودي للتحرر من كل الإكراهات ألهم أجيالا وأحدث قطيعات مع عهود كبت صامتة... لقد عبر حبيب بالصحافة مجابات الصمت والرقابة والأحادية واللغة المحنطة إلى آفاق الحرية والإبداع والانفتاح والتجدد لذلك استحق التقدير فهو فارس الكلمة وشهيدها المخلد.
الرأي المسنير