ألحقت الخاتمة بالبحث مع الملاحق لأتفاجأ بخبر جديد وغير سعيد ولكن لامحيد لي عن دفع نتيجته الصادمة(كان الخبر يتعلق بأنني لا أستطيع سحب النسخ التي كنت قد انهيت أعدادها من الرسالة ووضعها عند لدارة الدروس نزولا عند رغبة الأستاذة المشرفة تحضيرا لتحديد وقت النقاش وقبل انتهاء الأجل القانوني المحدد ب30 مايو2001(كنت على بعد اسبوع من ذلك التاريخ).
شرح لي الطابع التونسي(فاخر) الذي كان في عقده الثالث بكل لباقة واحترام سبب هذا القرار المفاجئ منه رغم أنه يتعامل مع الطلبة الموريتانيين في طباعة الرئاسل الجامعية ومذكرات الدكتورا والتقارير الادارية منذ عقدمن الزمن (يطبع لهم كل تلك الأعمال ويحرص على احترامهم للآجال القانونية المحددة جامعيا حتى ولو اقتضى الأمر التعامل بالدين معهم نظرا لتأخر المنحة لعدة شهور كل سنة).
قال لي بالحرف الواحد :" منذ مدة وأنا أعاني من مشاكل مالية بسبب الصبر على الموريتانيين من أصدقائي مثلك ومثل زميلك الذي أحضرك وهو الدكتور عبد الله ولد احبيب" (حاليا وكيل الجمهورية بزويرات).ويتابع فاخر :"لقد علمت منذ أيام أن أحد الموريتانيين أطالبه بمبلغ مالي مهم وسحب من عندي رسالة دكتورا في عدة نسخ ناقشها وغادر ولم يسددلي ديوني وبناء عليه لن تخرج من هذا المحل أي نسخة مطبوعة لموريتاني الا بعد تسديد ماتبقى من ثمن الطباعة المتفق عليه،مع أنني لا أشكك في أمانة أي منكم".
كان لكلام "فاخر" وقع الصدمة علي- رغم واقعيته- وكنت بالتأكيد ومن باب الانصاف على علم أن بعض زملائنا الموريتانيين مازال يعمل بعقلية بدوية- حتى ولو كان يحمل شهادة الدكتورا من أرقى الجامعات التونسية- وهي :" إن شربت أنا فلتردم البئر".
عدت إلى مسكني خائبا مهيض الجناح بسبب التفكير في خروج من هذه "المصيدة الآثمة" التي أوقعني فيها موريتاني من بني قومي..وكانت خيارات سوداء كثيرة تتراقص أمام عيني لتعود أدراجها إلى مخيلتي لنهاية مشوار جامعي غير موفقة في ما يتعق بالخروج من "عنق " الزجاجة" والتخرج" في الدورة الرئيسية الذي يعد تاج تفوق لايحظى بامتيازه الا المجتهدون من الطلبة الأجانب.
فجأة وأنا أفكر في طريقة للخلاص من هذه الورطة(المنحة متأخرة منذ3 شهور ووضعية الطلاب المادية الذين أعرفهم صعبة لدرجة العجز عن الحصول على الغذاء اليومي)..خطرت على بالي فكرة وهي أن أذهب لصديقى التونسي "عمار ميري" عله يتدبر معى الأمر(بقيت أربعة ايام على إيداع الرسالة) للظفر بشرف النقاش في الدورة الأولى (يونيو والتخرج).
كان صديقى التونسي عمارلي فرجا كما هي عادته عند كل الملمات حيث قال لي الأمر سهل "كم يطلب عليك فاخر صاحب الطباعة؟ قلت له كذا، فاتصل هاتفيا بأخته وصديقتي الكريمة سميرة وقال لها :امنحي لفلان المبلغ الذي يستحقه للخلاص من هذه الورطة على وجه السلفة ".فردت عليه بكرمها المعهود :" كان يمكن أن يقصدني رأسا مرحبا به...".
كنت كأني ولدت من جديد نظرا للحرج الذي وضعني فيه ذلك الشخص الموريتاني غير الأمين بسبب فعلته "السوداء" تلك، وأنا الذي سهرت وكافحت الحر والقر والمسغبة شتاء في سبيل التخرج في الدورة الأولى ..وها أنذا أجد نفسي في ورطة تهدد بفوات لذة ا"النصر الكبير في حفل التخرج :" المعروفة عادة بحفل "يوم العلم " 30 يونيو من كل سنة.
خرجت من تلك الورطة لأنتقل إلى معمعان...